أطلقت رئاسة النيابة العامة بالمغرب، اليوم الإثنين، برنامجاً تكوينياً لتعزيز قدرات القضاة في استخدام أدلة الطب الشرعي في التحقيق والتحري حول حالات التعذيب، وذلك وفقاً لمقتضيات بروتوكول إسطنبول بصيغته المراجعة.
جاء ذلك خلال افتتاح ندوة نظمتها رئاسة النيابة العامة بالتعاون مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية ومركز جنيف لحوكمة قطاع الأمن، والتي شهدت كلمة افتتاحية للوكيل العام للملك لدى محكمة النقض ورئيس النيابة العامة، الحسن الداكي، أكد فيها على أهمية هذا البرنامج ودوره في تعزيز منظومة حقوق الإنسان في المغرب.
وأشار الداكي في كلمته إلى أن هذا “البرنامج يأتي ضمن إطار تنفيذ خطة وطنية أوسع لتعزيز قدرات القضاة في مجال حقوق الإنسان، التي انطلقت في 10 ديسمبر 2020، بمناسبة الذكرى الـ72 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وأوضح أن البرنامج الجديد يعكس التزام المملكة المغربية بمواكبة التطورات الدولية في مجال حقوق الإنسان، وتكريس مبادئ احترام الكرامة الإنسانية، خاصة في ظل مصادقة المغرب على العديد من الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحماية حقوق الإنسان”.
وستنعقد الدورة التكوينية الأولى بالمعهد العالي للقضاء خلال يومين ابتداء من يوم غد لفائدة 50 مشاركا من قضاة النيابة العامة وقضاة الحكم وفاعلين آخرين معنيين ولاسيما ممثلين عن الشرطة القضائية والمندوبية العامة للسجون وممثلين عن الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان، على أن يتم تنفيذ دورتين إضافيتين لاحقا، ليبلغ عدد المستفيدين منه ما يناهز 150 مشاركا ومشاركة من الفئات المذكورة.
ويسعى البرنامج إلى المساهمة في اكتساب أدوات معرفية جديدة مع إظهار الآثار الإيجابية للحكامة في مجال العدالة والأمن، وتكريس تطبيق القواعد والمعايير الدولية على مستوى مؤسسات العدالة وقطاع الأمن، وتعزيز جودة التقارير والمحاضر وزيادة عدد الإجراءات الطبية المطلوبة فيما يتعلق بادعاءات التعذيب وسوء المعاملة.
كما يروم تقوية قدرات ومهارات وكفاءات أعضاء النيابة العامة والقضاة والشرطة القضائية وأطباء الطب الشرعي مما يمكن من تطوير إجراءات الرقابة الداخلية والتحقيق في ادعاءات التعذيب وسوء المعاملة، بما يتماشى مع المعايير والقواعد الدولية، وتعزيز معارف ومهارات المشاركين فيما يتعلق بإجراءات التحقيق في ادعاءات التعذيب وسوء المعاملة.
وسيستفيد من البرنامج قضاة النيابة العامة، وقضاة الحكم وقضاة التحقيق، والشرطة القضائية بالأمن الوطني والدرك الملكي، والمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، وأطباء شرعيون.
كما أوضح الداكي أن البرنامج الجديد يعكس التزام المملكة المغربية بمواكبة التطورات الدولية في مجال حقوق الإنسان، ويكرّس مبادئ احترام الكرامة الإنسانية، خاصة بعد مصادقة المغرب على العديد من الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحماية حقوق الإنسان.
يهدف بروتوكول إسطنبول، الذي تم اعتماده منذ عام 1999، إلى وضع معايير واضحة للتحقيق في ادعاءات التعذيب وسوء المعاملة. ويتضمن البروتوكول مجموعة من المبادئ التوجيهية الدولية المتعلقة بكيفية جمع الأدلة الجنائية وتفسيرها وتوثيق حالات التعذيب.
كما يركز البروتوكول على أهمية استخدام الأدلة الطبية الشرعية بشكل علمي ومنهجي لضمان موثوقية نتائج التحقيقات، مما يعزز قدرات القضاة وموظفي إنفاذ القانون في التعامل مع مثل هذه القضايا الحساسة، وفق المتحدث.
وشدد الداكي على أهمية “تفعيل مقتضيات الدستور المغربي لسنة 2011، التي تضمنت ضمانات قانونية لحماية حقوق الإنسان، بما في ذلك حماية السلامة الجسدية والمعنوية للأفراد وتجريم التعذيب بجميع أشكاله.
وأشار إلى أن قانون المسطرة الجنائية في المغرب، ولا سيما المادة 66، ينص على حقوق المعتقلين في الحصول على محاكمة عادلة، والاستفادة من المساعدة القانونية، فضلاً عن الحق في الفحص الطبي في حالات الاشتباه بتعرضهم للتعذيب”.
وأكد أن “النيابة العامة بالمغرب تعمل على ضمان احترام حقوق الإنسان من خلال التطبيق الصارم للقوانين التي تمنع التعذيب وسوء المعاملة. كما أشار إلى أن قضاة النيابة العامة يلعبون دوراً أساسياً في مكافحة التعذيب عبر التفاعل مع الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب وفتح تحقيقات في الشكاوى المتعلقة بادعاءات التعذيب”.
كما أبرز أهمية الدور الذي قال إن النيابة العامة تلعبه في مراقبة أماكن الحرمان من الحرية، والتأكد من تطبيق المعايير القانونية المتعلقة بحقوق المعتقلين، مؤكدًا على التزام المغرب بتحقيق العدالة وضمان حقوق الإنسان للجميع.