أحدث قرار محكمة العدل الأوروبية بإلغاء اتفاقيات الصيد البحري والزراعي مع المغرب، والتي استمرت لسنوات طويلة، صدمة في الأوساط الاقتصادية والسياسية، خاصة من الجانب الأوروبي. هذا القرار غير المتوقع يثير العديد من التساؤلات حول دوافعه الحقيقية، خصوصاً في ظل العلاقات التاريخية والشراكة الاقتصادية القوية بين المغرب والاتحاد الأوروبي.
فما هي التداعيات المحتملة لهذا القرار على القطاعين الزراعي والصيد البحري في كلا الطرفين؟ وهل يشكل هذا تحولاً جذرياً في العلاقات الثنائية؟
في تصريح لرشيد بنعلي، رئيس الكونفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية (كومادير)، أكد أن القرار لا يؤثر بشكل مباشر على المغرب، بفضل الاتفاقيات المبرمة مع الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه، مبرزا أن هذه الدول لن تتخلى عن هذه الاتفاقيات، لأنها تستند إلى مبدأ “رابح-رابح”، مما يضمن استمرارية التعاون بين الطرفين.
وأكد بنعلي أن العلاقات مع الاتحاد الأوروبي ستظل قائمة، مشيراً إلى أن العديد من المسؤولين الأوروبيين أكدوا تمسكهم بالشراكة مع المغرب، مما يعكس عدم وجود أي مشكلة في هذا الصدد. وأشار إلى أن التزامات المغرب تشمل جميع مناطقه، من طنجة إلى الكويرة، مؤكداً أن أي اتفاقية مستقبلية يجب أن تراعي هذا المبدأ لتعزيز التعاون بين المغرب والاتحاد الأوروبي.
وأعلن بنعلي أن المهنيين في القطاع سيعقدون اجتماعاً الأسبوع المقبل لمناقشة الوضع الراهن وتقييم التداعيات المحتملة للقرار.
من جانبه، عبر كمال صبري، رئيس غرفة الصيد البحري الأطلسية الشمالية، عن استغرابه من القرار الذي وصفه بـ “غير المنطقي” نظراً للعلاقات الوطيدة بين الفاعلين الاقتصاديين المغاربة ونظرائهم الأوروبيين، مؤكدا أن الاتفاق ليس وليد السنة الماضية، بل هو نتاج أكثر من 20 عاماً من التعاون، ويخضع لمراقبة لجنة مختصة تضمن احترام بنوده على أساس مبدأ “رابح-رابح”.
وأضاف صبري أن الاتفاق يعزز التبادل التجاري بين المغرب ودول الاتحاد الأوروبي، حيث تساهم الشركات الأوروبية في تصنيع وتوزيع الأسماك، مما يؤكد الطابع الاقتصادي والتجاري لهذه العلاقات، معربا عن استغرابه من الغرض من القرار، مشيراً إلى أن العلاقات بين المغرب ودول الاتحاد الأوروبي مستمرة في التطور.
وأوضح صبري في تصريح لجريدة “العمق”، أن المغرب وصل إلى مرحلة متقدمة في تدبير قطاع المصايد، وهو ما تعترف به دولياً، مشيرا إلى أن المغرب أصبح نموذجاً يحتذى به في إفريقيا، وله مكانة مهمة في السوق الدولية بفضل منتجاته البحرية المُعالجة في معامل التجميد والتصنيع.
وأكد صبري أن المصانع المغربية تحظى باعتراف المصالح البيطرية الأوروبية، مما يمنحها تصاريح التصدير إلى أسواق الاتحاد الأوروبي، مضيفا أن المغرب يدير ثرواته السمكية بكفاءة عالية، وأن الطلب العالمي على منتجاته في تزايد مستمر.
وأشار إلى أن الوجهة الأولى سابقاً كانت الاتحاد الأوروبي، مؤكداً أن العلاقة ستستمر، خاصة وأن الأوروبيين يدركون أن المتضرر الأول من هذا القرار هم الفاعلون الاقتصاديون والمستهلكون في أوروبا، في ظل انفتاح المغرب على أسواق دول أخرى خارج الاتحاد الأوروبي.
وشدد صبري على ضرورة احترام السيادة المغربية، مؤكداً أن الاتفاقيات تشمل جميع أقاليم المملكة من طنجة إلى الكويرة دون استثناء. وأضاف أن المنتجات المغربية تلتزم بمعايير السلامة الصحية العالمية، مما يجعلها مطلوبة في الأسواق الدولية.
وختم صبري حديثه بالتأكيد على أهمية مواقف المسؤولين الأوروبيين الذين أبدوا رغبتهم في استمرار الشراكة مع المغرب، مما يعكس إدراكهم لأهمية هذا الاتفاق والمصالح المتبادلة بين الطرفين.