آخر الأخبار

السيد: مستشرقون دافعوا عن "الجهاد العثماني" لصالح الإمبراطورية الألمانية

شارك الخبر

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على الرابط أعلاه للمشاهدة على الموقع الرسمي

قال رضوان السيد، عميد كلية الدراسات العليا والبحث العلمي بجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، إن الألمان المهتمين بالعربية ودراسات الإسلام والقرآن، اهتموا بها لقرب العربية من العبرية القديمة التي هي لغة منقضية وكثير من معانيها لا تعرف بالتحديد، فكانت دراسة العهد القديم لفهم المسيحية بشكل أعمق، ولم تكن توجد لغة سامية حية إلا العربية، ولجؤوا معها كذلك للسريانية والآرامية وفي وقت متأخر للكلدانية والسومرية.

جاء هذا في أحدث حلقات برنامج “في الاستشراق”، الذي يقدّمه الإعلامي المغربي ياسين عدنان على منصة “مجتمع”، حيث وضّح رضوان السيد أن لجوء الألمان إلى العربية جاء لأنها لغة حية؛ “فصار ألمان لاهوتيون في الأصل يتخصصون في العربية ومعرفة نحوها، لدراسة لغة العهد القديم وتطوراتها، ثم دخلت على الأمر مسألة تحويلية، مع أطروحة للدكتوراه بعنوان [ماذا أخذ القرآن عن اليهودية] لأبراهام غايغار، وهو حاخام ألماني يهودي، واعتبرت دراسته علمية، لأنه إصلاحي لا يعتبر التوراة معصومة”.

وتابع: “منذ ذلك الحين صرنا نرى دراسات عن القرآن تتعاطى لعلاقته بالتوراة والإنجيل، لكنها ليست تابعة لدراسة العهد القديم، وأولها وأهمها دراسة نولدكه [تاريخ القرآن]، وكان القرن الثامن عشر كله دراسة لتاريخ الحضارات عند الألمان، الصينية والهندية واليابانية، بشكل مستقل عن دراساته للعربية والإسلام”.

وزاد شارحا: “دراسة الحضارة الإسلامية أو دراسة الإسلام بوصفه دينا لكنه حضارة تأخرت كثيرا، لأن الفيلولوجيا مفيدة لكنها مهلكة، والمستشرقون الفيلولوجيون البروتستانت العظام، كانت تشغلهم مسألة أنه إذا فهمت القرآن وأصول القرآن وكيف تكون فهمت الإسلام، والإسلام جنبهم مسيطر على آسيا وإفريقيا، في القرن التاسع، عشر والعثمانيون أحياء”.

واستمر هذا إلى “سبعينات وثمانينات القرن التاسع عشر، علما أنهم لم يكونوا يحبون الإسلام لأنه لألف سنة وهو يحارب المسيحية، كما لم يحبوا اليهودية لكنها لم تشكل تحديا لا في السكان ولا في النظام الديني، ولم تكن دينا تبشيريا”، والذي حدث هو أن “بعض من طُلِب منهم تعلم العربية لخدمة العهد القديم وأحيانا العهد الجديد، اكتشفوا أن عشرات ألوف المخطوطات العربية في مكتبات الدول والجامعات في أوروبا أتى بها القناصل وسرقت واشتريت، وأعدت فهارس لها، فبدؤوا يحققونها، ويطبعونها، ومنها مخطوطات جغرافية وتاريخية وفي مختلف المعارف (…) فتبين أن هناك ثقافة إسلامية عربية شديدة الهول، قدرت في نهاية القرن التاسع عشر بمليون مخطوط في العالم، ونعرف اليوم أن ما بقي منها ثلاثة ملايين في أوروبا”.

هذه المخطوطات “مع بدء نشرها، قال المستشرقون لا نستطيع فهم الإسلام من خلال القرآن، ووعوا أن دراسة الإسلام تتطلب قَرن الفيلولوجيا بالتاريخ”.

وحول تميز الاستشراق الألماني بين الاستشراقات الأوروبية، ذكر رضوان السيد أن مستشرقين ألمان اعتبروا ألمانيا مقصرة في الاستعمار، واعتبروا رسالته تحضيرية، بينما لم يفكر آخرون في ضرورة نشر رسالة حضارية أوروبية، بل فكروا ثقافيا في الرسائل الحضارية للفارسيين مثلا.

وقدر رضوان السيد أن “الاستشراق شيء تافه في الثقافة الغربية”، مضيفا: “لو اهتم إدوارد سعيد بالاستشراق الألماني كان سينقض جزءا منه أطروحته حول الاستشراق الاستعماري”، ثم استدرك قائلا: “لا أقلل من أهمية الاهتمام بالاستشراق، ومن حق العرب والمسلمين ونحن بذروة التوتر القيام بكشف حساب وأن نختار الزاوية، ولا أنكر على إدوارد سعيد اختياره الاستشراق، بل أنكر عليه اعتباره الاستشراق ممثلا للغرب”.

وواصل: “تأثير المستشرقين بسيط في السياسيين والاستراتيجيين الغربيين ويهم الأمر خاصة المثقفين مثلهم مثل تشرشل، بل أثروا تأثيرا ماحقا ساحقا علينا، إما استيعابا وتكرارا، دون العودة إليهم أو بتصحيحهم ونقدهم، والمهم أنهم شغلونا طيلة مائة عام، وكل فكر عربي معاصر تخلّق في رحم الاستشراق”، وإلى اليوم فإنه من المهم لنا “تقييم تجربة الاستشراق تقييما نقديا من حيث أهميته”.

ومن بين ما ذكَره المتدخل “تعاون المستشرقين الألمان مع الإمبراطور الألماني لفترة قصيرة، وكتابتهم عن حق السلطان العثماني في الدعوة للجهاد”، ثم بعدما لم تعد الدولة في حاجة إليهم طلبت منهم العودة إلى تخصصاتهم، ولم تبق علاقة الاستشراق بالدولة إلا في مسألة إسرائيل، وفي العهد الإمبراطوري كان يتوسّط موظّفون إمبراطوريّون ألمان لبيع أراض عثمانية بعد رفض بيعها، واليوم الأكثرية من علماء الألمان “إما صمتوا أو أنهم يقولون إننا لا نفهم تحفظهم عن إدانة إسرائيل في استعمارها لفلسطين”، وصارت الأولوية الألمانية أنهم “أوروبيون”.

وفسر المتدخل أنه في الخمسينات انتهت خصوصية الاستشراق بشكل عام والاستشراق الألماني خاصة، و”انتقلوا إلى مرحلة جديدة، وبعد كتاب [الاستشراق] لإدوارد سعيد لم يعودوا يريدون تسمية هذا التخصص استشراقا بل دراسات إسلامية ودراسات عربية”، لكن الفترة الإمبراطورية الألمانية والتحالف العسكري والعمراني مع العثمانيين والتعامل مع المستشرقين الخبراء في العربية والتركية والمستشارين والخبراء الذين يكتبون دراسات عن تطور العلاقات، أكثرها كانت سرية، تدل على “أن الدول عندما تريد تشغيل العلم، تستطيع ذلك فورا، رغم ادعاء المستشرقين الألمان والعلماء الألمان، مثل ماكس فيبر، أنهم مستقلون وبيروقراطيون في مؤسساتهم، وتدل أيضا على أن لكلهم إحساسات وطنية وقومية، وإذا أحسوا أنه إذا كان هذا في مصلحة ألمانيا هم مستعدون للمبالغة والكذب”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك الخبر


إقرأ أيضا