آخر الأخبار

حقوقي: قانون المسطرة الجنائية “تراجع خطير” ووزارة العدل خارج السياق

شارك الخبر

يواصل مشروع قانون المسطرة الجنائية، الذي تقدم به وزير العدل عبد اللطيف وهبي وصادق عليه المجلس الحكومي الخميس الماضي، إثارة الجدل بين المهتمين بالشأن العام في المغرب، خاصة الجمعيات الحقوقية المعنية بالدفاع عن المال العام والكشف عن قضايا الفساد.

في هذا السياق، اعتبر رئيس الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان بالمغرب، محمد رشيد الشريعي، أن مشروع قانون المسطرة الجنائية، خاصة المادة 3 منه، التي تمنع تقديم الدعوى العمومية في قضايا الفساد الإداري والمالي داخل المؤسسات المنتخبة والإدارات العمومية وشبه العمومية، يُعد “تراجعًا خطيرًا” في دور الجمعيات المهتمة برصد وتتبع الخروقات.

وقال الشريعي في تصريح لجريدة “العمق” إن المادة موضع النقاش تحرم الجمعيات الحقوقية المعنية من حقها في رصد وتتبع الخروقات وتقديم الشكاوى إلى الجهات المختصة بغية فتح تحقيق للوقوف على مجمل الاختلالات والخروقات الإدارية والمالية.

وأشار في تصريحه إلى أن وزارة العدل التي تقدمت بهذا المشروع وضعت نفسها خارج السياق، نظرًا لأن العفو الملكي الأخير على الصحفيين والمدونين ومزارعي القنب الهندي يُعتبر بمثابة انفراج حقوقي يهدف إلى الإفراج عما تبقى من المعتقلين وطي هذه الصفحة الأليمة التي أساءت إلى سمعة المغرب. ويعتبر هذا العفو بداية لمأسسة دور المؤسسات الدستورية من خلال التطبيق الفعلي لمضامين الدستور والاتفاقيات والمواثيق الدولية لمحاربة الفساد، الداعمة للمجهودات الوطنية الرامية إلى الإصلاح الجوهري من أجل بناء دولة الحق والقانون. إلا أن وزارة العدل، عبر هذا المشروع، غردت خارج السرب وتناقضت مع روح الدستور، الذي يُعد أسمى قانون في البلاد والذي يتوجب الالتزام به.

في هذا الصدد، ذكر الحقوقي بمجموعة من النصوص التي جاء بها الدستور المغربي، مثل حماية منظومتي حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني والنهوض بهما، والإسهام في تطويرهما؛ مع مراعاة الطابع الكوني لتلك الحقوق وعدم قابليتها للتجزئة. فضلاً عن أن دستورية القواعد القانونية وتراتبيتها ووجوب نشرها هي مبادئ ملزمة، وفقًا لما أدلى به الشريعي.

وأشار رئيس الجمعية إلى أن هذا المشروع يأتي في سياق حملة الاعتقالات التي شهدتها البلاد في الآونة الأخيرة، والتي شملت منتخبين ينتمون إلى مختلف الأحزاب المشاركة في الحكومة، بسبب تورطهم في نهب المال العام والإثراء غير المشروع. وأضاف أنه عوض الإسراع والانكباب على إخراج قانون الإثراء غير المشروع، فضلت وزارة العدل أن تخرج بهذا المشروع الذي صُمم على مقاس المنتخبين، وفق تعبيره.

واعتبر الشريعي أن ما سبق يفقد مشروع قانون المسطرة الجنائية المشروعية القانونية والدستورية، خاصة بعد مساهمته في تحصين ناهبي المال العام. ودعا الأحزاب إلى تنظيف بيتها الداخلي من ناهبي المال العام أو الانسحاب من تدبير الشأن العام للبلاد، مؤكداً أن من لا يستطيع تنظيف حزبه من المفسدين لا يمكنه إدارة شؤون البلاد وحل مشاكلها الاجتماعية والاقتصادية المتفاقمة.

تعديلات مثيرة للجدل

أثارت التعديلات التي يقترحها وزير العدل عبد اللطيف وهبي في إطار مشروع قانون المسطرة الجنائية، والتي تشمل منع جمعيات حماية المال العام من مقاضاة موظفي الدولة ورؤساء الجماعات، جدلًا واسعًا. حيث اعتبر مراقبون أن هذه التعديلات، التي صادقت عليها الحكومة الخميس الماضي، قد تشيع الفساد والرشوة والريع وتقوض جهود تخليق الحياة العامة.

وفي هذا السياق، أشار رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، محمد الغلوسي، في تصريح سابق لجريدة “العمق”، إلى أن “البند الذي أدرجه وزير العدل ضمن المادة 3 من مشروع المسطرة الجنائية، والذي سبق للجمعية أن نبهت إلى خطورته في وقت سابق عقب تصريح وهبي بذلك، يعكس توجهًا وإرادة جهات داخل الدولة مستفيدة من زواج المال والسلطة، ومنزعجة من الأصوات الحرة”.

وأضاف أن جهات داخل الدولة تسعى بشكل صارخ وبكل الوسائل المتاحة، بما فيها التشريعية، إلى “تقويض المقتضيات الدستورية والقانونية التي تكفل للمجتمع المدني دورًا محوريًا في تخليق الحياة العامة، باعتباره شريكًا أساسيًا في صنع السياسات العمومية وتقييمها”.

وفقًا لنص التعديلات التي تضمنها مشروع قانون المسطرة الجنائية في نسخته الجديدة، فإنه “إذا أقيمت الدعوى العمومية ضد موظف عمومي أو عون قضائي، يُبلغ الوكيل القضائي للمملكة بكل دعوى عمومية يكون موضوعها الاعتداء على أموال أو ممتلكات عمومية أو أشياء مخصصة للمنفعة العامة أو الاعتداء على موظفين عموميين أثناء أو بمناسبة ممارستهم لمهامهم. ومع مراعاة مقتضيات الفقرة الخامسة من مشروع قانون المسطرة الجنائية، تُبلغ الوكيل القضائي للجماعات الترابية الدعوى العمومية المقامة ضد أحد موظفيها أو عضو من أعضاء مجالسها أو هيئاتها، إذا كانت الدعوى العمومية تتعلق بالاعتداء على أموال أو ممتلكات تابعة لهذه الجماعات الترابية أو هيئاتها”.

وفقًا لأحكام المادة الثالثة من مشروع قانون المسطرة الجنائية، “لا يمكن إجراء الأبحاث وإقامة الدعوى العمومية في شأن الجرائم الماسة بالمال العام، إلا بطلب من الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسًا للنيابة العامة، بناءً على إحالة من المجلس الأعلى للحسابات، أو بناءً على طلب مشفوع بتقرير من المفتشية العامة للمالية أو المفتشية العامة للإدارة الترابية أو المفتشيات العامة للوزارات أو من الإدارات المعنية، أو بناءً على إحالة من الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، أو أي هيئة يمنحها القانون صراحة ذلك”.

العمق المصدر: العمق
شارك الخبر

إقرأ أيضا