آخر الأخبار

هل يشكل اغتيال الطبطبائي تحولا في قواعد الاشتباك بلبنان؟

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

بيروت- في تطور يعكس تحولا لافتا في مسار المواجهة، عادت الاستهدافات المركزة إلى الضاحية الجنوبية لبيروت بعد أشهر من الهدوء النسبي، إذ شنت طائرة إسرائيلية عصر اليوم الأحد غارة دقيقة على مبنى سكني في منطقة حارة حريك ، استهدفت فيها هيثم علي الطبطبائي (المعروف باسم أبو علي الطبطبائي)، والذي تصفه إسرائيل بأنه الرجل الثاني ورئيس الأركان في حزب الله .

وتأتي الغارة في سياق تصعيد متسارع خلال الأيام الأخيرة، نفّذ فيه الجيش الإسرائيلي سلسلة ضربات في جنوب لبنان و البقاع ، قبل أن يتوسع نطاق العمليات اليوم ليبلغ عمق الضاحية الجنوبية، التي تُعد المعقل الأبرز للحزب ومركز ثقله الأمني والسياسي.

وفي حصيلة نهائية، أعلنت وزارة الصحة اللبنانية استشهاد 5 أشخاص وإصابة 28 آخرين بجروح، جراء سقوط الصواريخ الموجّهة على مبنى سكني في شارع حارة حريك، أحد أكثر المناطق كثافة وحيوية داخل الضاحية.

من جهتها أكدت مصادر أمنية لبنانية لقناة الجزيرة أن الغارة أسفرت عن استشهاد الطبطبائي الذي كان يتولى فعليا الموقع العسكري الأول داخل الهرمية التنظيمية للحزب خلفا ل فؤاد شكر الذي اغتالته إسرائيل أيضا صيف العام الماضي 2024.

سياق مشابه

يرى محللون أن الضربة تحمل دلالات ميدانية وسياسية بالغة الأهمية، وقد تشكّل نقطة تحول في قواعد الاشتباك على الساحة اللبنانية، حيث يشير استهداف الطبطبائي إلى أن إسرائيل انتقلت إلى مرحلة أعلى من التصعيد.

وتذكّر عملية الاستهداف الأخيرة بتلك التي استُهدف فيها القيادي العسكري في الحزب فؤاد شكر، وتواصلت بعدها عمليات استهداف طالت قادة بارزين في الحزب، بينهم إبراهيم عقيل ، وصولا إلى اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله .

ويُعيد هذا الاستهداف الضاحية الجنوبية إلى قلب المعادلة الميدانية، بعد أن بقيت خلال الأشهر الماضية خارج نطاق الضربات التي تركزت في الجنوب والبقاع، رغم أنها كانت مسرحا لموجة قصف كثيف خلال ما يسميه حزب الله "حرب الإسناد" التي بدأت في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023 واستمرت حتى وقف إطلاق النار بلبنان في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024.

إعلان

في الجانب الإسرائيلي، جدّد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اليوم تعهّده بمواصلة استهداف حزب الله في لبنان و حركة حماس في غزة، مؤكدا أن حكومته "ستفعل كل ما هو ضروري لمنع إعادة ترسيخ قدراتهما العسكرية"، وأضاف أن "الجيش الإسرائيلي وجّه ضربات دقيقة هذا الأسبوع في لبنان، وسيواصل العمل بلا تردد".

ومن جانبه، أكد عضو المجلس السياسي في حزب الله محمود قماطي لقناة الجزيرة أن "الاحتلال استهدف شخصية جهادية في بيروت"، مضيفا "لا نعلّق على ما يقوله العدو بشأن الرد، وقيادة المقاومة تدرس الأمر وستتخذ القرار".

تصعيد محسوب

يقول الخبير العسكري حسن جوني، في حديثه للجزيرة نت "إننا أمام خطوة متقدمة في سياق إستراتيجية جيش الاحتلال تجاه حزب الله، سواء كانت عملية اغتيال أو محاولة استهداف في الضاحية الجنوبية"، ويرى أن دقة العملية وطبيعة الهدف تشيران إلى انتقال إسرائيل إلى مستوى أعلى من التصعيد الميداني.

ويضيف أن "مسار الأحداث يتصاعد يوما بعد يوم، وأسبوعا بعد أسبوع، باتجاه توسيع رقعة العمليات العسكرية ضد حزب الله داخل الأراضي اللبنانية"، ومن الواضح -برأيه- أن "جيش الاحتلال ينتهج سياسة تهدف إلى استفزاز الحزب ودفعه إلى ردّ محسوب، تمهيدا لتنفيذ خطة معدة سلفا، يُعتقد أنها تقوم على استخدام أقصى طاقاته التدميرية، وربما توظيف أساليب جديدة ومفاجئة".

ويقول الخبير العسكري "في نهاية المطاف، يبدو أن الهدف الإستراتيجي لإسرائيل هو استثمار اللحظة الحرجة التي يمرّ بها لبنان، كدولة ومؤسسات وقوى سياسية، من أجل محاولة تحقيق هدفها الأكبر؛ وهو توجيه ضربة قاصمة للجناح العسكري لحزب الله وتقليص قدراته في أي مواجهة مقبلة".

اعتداءات نوعية

يؤكد الكاتب والمحلل السياسي علي حيدر للجزيرة نت أن مساعي إسرائيل لاغتيال قيادات في حزب الله ليست جديدة بل تعد جزءا ثابتا من إستراتيجيتها، إلا أن تنفيذها يبقى مرهونا بعنصرين أساسيين:


* نضج الظروف الميدانية التي تتيح تنفيذ عمليات نوعية.
* القرار السياسي الذي يرتبط باعتبارات تتجاوز تل أبيب، لتصل إلى بيروت والضاحية الجنوبية وواشنطن.

وبحسب حيدر، فإن ذلك يأتي في إطار خطة تهدف إلى منع حزب الله من إعادة بناء قدراته العسكرية، والضغط عليه للتراجع عن ثوابته المرتبطة بالمقاومة وخياراته الإستراتيجية، فضلا عن ارتباط هذا المسار بالموقف الأميركي.

ويضيف أن "هذا المستوى من الاعتداءات، الذي حمل بعدا جغرافيا لافتا بتنفيذه داخل نطاق الضاحية الجنوبية باستخدام قوة عسكرية مباشرة ومن دون أي إنذار، لا يمكن أن يتم بمعزل عن موافقة أميركية تتحكم بإيقاع هذه العمليات، التي تراهن على تحقيق أهداف تخدم الحسابات الإسرائيلية من جهة، والمخطط الأميركي في لبنان من جهة أخرى".

وبرأي حيدر، فإن عملية الاستهداف تشير إلى تصعيد نوعي في طبيعة هذه الاعتداءات، سواء من حيث موقع العملية أو مستوى الهدف القيادي المستهدف، وذلك بعد سقوط سلسلة من الرهانات التي اعتمدت عليها إسرائيل، مثل فشلها في تفكيك الالتفاف الشعبي حول المقاومة، أو تعطيل استمرار الحزب في رفض الإملاءات الأميركية والإسرائيلية، وقدرته على التعافي السريع واستعادة موقعه في معادلات الداخل اللبناني والصراع مع إسرائيل.

مصدر الصورة الضاحية الجنوبية عادت إلى دائرة الاستهداف الإسرائيلي بعد أن بقيت خارجها خلال الأشهر الماضية (الأناضول)

ويضيف أن "السيناريو في جوهره مرتبط بموقف حزب الله، فإذا جاء الرد مباشرا ونوعيا فقد تنزلق الأمور نحو مواجهة واسعة، أما إذا اختار الحزب سياسة ضبط النفس وتجنّب الحرب، فسنكون أمام استمرار لهذا النمط من الاعتداءات"، معتبرا أنه "حتى الآن لا مؤشرات على تغيير في إستراتيجية الحزب، لكن طبيعة الصراعات والانقلابات الكبرى تظل مفتوحة على مفاجآت غير محسوبة".

إعلان

أما على مستوى الدولة اللبنانية، فيشدد حيدر على أن مسؤوليتها الأساسية تبقى حماية المواطنين والحفاظ على السيادة والأرض، "ورغم عجزها عن الرد عسكريا بالمستوى نفسه، إلا أنها قادرة على اعتماد أداء سياسي ودبلوماسي أكثر فاعلية، لكن ذلك يحتاج إلى إرادة سياسية غير متوفرة لدى كثير من المسؤولين" حسب قوله.

ويضيف أن "أداء الدولة لا يرقى إلى مستوى التحديات، إذ يُلاحظ أن التحركات الداخلية والخارجية تتسارع في ملفات داخلية معينة، بينما التعامل مع الاعتداءات الإسرائيلية لا يزال دون الحد الأدنى المطلوب".



مرحلة جديدة

يقول المحلل السياسي يوسف دياب للجزيرة نت إن عودة إسرائيل إلى سياسة الاغتيالات تشير إلى مرحلة جديدة من الاستهدافات مع استهداف قادة الصف الأول في حزب الله، كما أن "اغتيال القائد العسكري الأول للحزب يفتح المجال لاحقا لاستهداف قيادات سياسية، وهو مؤشر خطير".

ويضيف دياب أن "هذه التحركات تمهد لتصعيد محتمل -قد يبدأ خلال ساعات- وربما يتزامن أو يتعارض مع زيارة البابا المرتقبة إلى بيروت، وفي حال رد حزب الله قد تتطور الأمور بسرعة قبل الزيارة، وربما تؤدي إلى إلغائها، رغم الآمال بعدم حدوث ذلك".

ويشير إلى أن الدولة اللبنانية لم تتمكن من التحرك عمليا، واكتفت بتكثيف الاتصالات الدولية والعربية، خصوصا مع الولايات المتحدة، لمحاولة كبح الاعتداءات.

أما المؤشر السلبي -بحسب دياب- فيتمثل في أن إسرائيل أعلنت تنسيق العملية مع الأميركيين ما يعكس ضوءا أخضر لتوسيع الاستهدافات.

ويعتبر دياب أن المواجهة حتى الآن أحادية الجانب، "لكنها قد تتصاعد بسبب عجز لبنان عن ضبط السلاح، ورد إسرائيل على محاولات حزب الله تطوير قدراته العسكرية، وربما تنفيذ عمليات مفاجئة لإسرائيل" حسب قوله.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا