في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
قال الكاتب الأميركي إيشان ثارور إن الإعلان عن انضمام كازاخستان إلى اتفاقيات أبراهام يوم الخميس الماضي أثار الكثير من علامات الاستفهام.
وتساءل كاتب العمود بصحيفة واشنطن بوست الأميركية عن الدوافع الحقيقية التي دعت دولة تقع في قلب آسيا الوسطى ولا تمتلك تاريخا من الصراع مع إسرائيل إلى الإقدام على مثل هذه الخطوة.
فالعلاقات بين كازاخستان وإسرائيل -كما يقول- قائمة أصلا منذ عام 1992، مما يجعل التطبيع شكلا أكثر منه مضمونا.
لكن الرئيس الكازاخستاني قاسم جومارت توكاييف يقدّم الانضمام للاتفاقيات على أنه "مساهمة متواضعة" في عملية السلام في الشرق الأوسط ضمن سياسة بلاده القائمة على لعب دور الوسيط في النزاعات الدولية.
ووفق ثارور، فإن القرار يرتبط بسياق سياسي أوسع، فالعاصمة أستانا تحوّلت خلال السنوات الماضية إلى منصة لمحادثات دولية معقدة، حيث استضافت اجتماعات "مسار أستانا" بشأن سوريا، كما طُرحت المدينة كموقع محتمل للقاء بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأوكراني فلوديمير زيلينسكي.
ولعبت كازاخستان أيضا دورا مهما في التقريب بين أرمينيا و أذربيجان . ومع ذلك يعترف توكاييف بأن الانضمام إلى اتفاقات أبراهام قد لا يحقق "نتائج عملية" في الشرق الأوسط.
على أن الحقيقة الأكثر وضوحا تكمن في السياسة الجيوسياسية. فبحسب محللين نقل عنهم كاتب المقال، لا تملك كازاخستان أي نفوذ في الشرق الأوسط، لكن هذه الخطوة تُعد إشارة رمزية منخفضة التكلفة ذات عائد إستراتيجي مرتفع تجاه إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ، وخصوصا بهدف تنويع علاقاتها بعيدا عن روسيا و الصين .
ويأتي ذلك في ظل توترات متزايدة مع موسكو بعد حرب أوكرانيا ، وشكوك روسية بشأن ولاء كازاخستان، بل تشكيك بوتين سابقا في شرعية الدولة الكازاخية.
ويشير المقال إلى أن كازاخستان كانت قد أبرمت صفقات مع شركات أميركية كبرى بقيمة تتجاوز 17 مليار دولار، تشمل شراء طائرات جديدة من بوينغ، ومعدات زراعية من "جون دير" وحتى شرائح ذكاء اصطناعي متطورة بالشراكة مع شركتي "نيفيديا" و"أوبن إيه آي".
ورغم أن الرئيس توكاييف أكد أن بلاده "مرتاحة" في علاقاتها مع روسيا والصين، واصفا العلاقة مع بكين بأنها "صداقة أبدية"، ومع موسكو بأنها "شراكة إستراتيجية"، فإن الحدث حمل في طياته -كما يعتقد ثارور- رسالة مختلفة مفادها أن كازاخستان تريد ممارسة سياسة خارجية مستقلة تتيح لها توسيع خياراتها بعيدا عن محيطها الضاغط.
وتأتي الخطوة في ظل توتر مكتوم مع موسكو منذ الهجوم الروسي على أوكرانيا عام 2022، وما تبعه من اتهامات روسية لأستانا بمعاداة الروس أو ما اصطلح عليه بــ"الروسوفوبيا"، ومحاولات للتشكيك في شرعية الدولة الكازاخستانية، إلى جانب مخاوف من تحريك النزعات الانفصالية في مناطق ذات أغلبية روسية داخل كازاخستان.
أما في الشرق الأوسط، فيؤكد كاتب المقال أن الاتفاقات التي كانت تُسوَّق كجسر نحو السلام تواجه تحديات كبرى نتيجة الحرب الإسرائيلية على غزة وتزايد الغضب الشعبي العربي.
ورغم هذه الظروف، تبدو حسابات كازاخستان -بنظر الكاتب- مختلفة، فهي ترى في الانضمام إلى الاتفاقات خطوة منخفضة التكلفة، لكنها قادرة على تحقيق مكاسب كبيرة عبر لفت انتباه واشنطن وتعزيز التعاون الاقتصادي، من دون الدخول في صراعات المنطقة.
المصدر:
الجزيرة