آخر الأخبار

تحذير من خطورة وضعه.. سجين تونسي معارض يحتج بتنفيذ إضراب مفتوح

شارك

تونس- أطلقت عائلة السجين السياسي التونسي جوهر بن مبارك ومحاموه صيحة فزع مدوية، محذّرين من خطر وشيك قد يودي بحياته بعد دخوله في إضراب مفتوح عن الطعام والشراب والدواء منذ 10 أيام داخل سجن "بلي" بمحافظة نابل (شمال)، رفضا لما يعتبره "ظلما سياسيا" و"محاكمة جائرة" فيما يعرف بقضية "التآمر على أمن الدولة 1".

ويُعد بن مبارك، وهو أستاذ في القانون الدستوري، أحد أبرز الوجوه المعارضة للرئيس قيس سعيد منذ إعلانه التدابير الاستثنائية في 25 يوليو/تموز 2021، وهو من القيادات البارزة في جبهة الخلاص الوطني التي تضم شخصيات سياسية وأحزابا معارضة أبرزها حركة النهضة . وحُكم عليه ابتدائيا بالسجن 18 عاما.

وكانت المحكمة الابتدائية بتونس أصدرت أحكاما في أبريل/نيسان الماضي على عشرات المعارضين السياسيين لسعيد في القضية ذاتها تراوحت بين 4 و66 سنة في محاكمة اعتبرتها المعارضة "ملفقة وسياسية بامتياز".

تدهور صحي

ويأتي دخول بن مبارك في إضراب جوع بلا أكل ولا شرب ولا دواء احتجاجا على استمرار محاكمته في طور الاستئناف مع بقية المساجين السياسيين الموقوفين في محاكمة عن بُعد لا تتوفر فيها أدنى شروط المحاكمة العادلة، وفق المحامين.

وفي 29 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، انطلقت أول جلسة استئناف بقضية "التآمر على أمن الدولة1" عن بُعد، وسط مقاطعة أغلب المساجين السياسيين، وتم تأجيل الجلسة إلى 14 من الشهر الجاري، في حين كتب بن مبارك من سجنه رسالة للرأي العام بعنوان "لن تقتلني بصمت" (في إشارة للرئيس سعيد)، أعلن فيها الدخول في الإضراب.

وفي حديثها للجزيرة نت، وصفت المحامية دليلة بن مبارك مصدق، شقيقة جوهر وعضو هيئة الدفاع عن الموقوفين السياسيين في " قضية التآمر " زيارتها الأخيرة له في السجن بأنها "الأصعب في حياتها".

وتروي أنها انتظرت أكثر من ساعة ونصف قبل أن يُسمح لها بالدخول، لتُفاجأ بشقيقها يُسحب على كرسي من قبل السجانين لأنه لم يعد قادرا على المشي، في حين "كان وجهه شاحبا ومرتعشا وعيناه غائرتين من شدة الإرهاق والجوع ويعاني من آلام حادة في الكلى".

إعلان

وأضافت أن "ملامحه تغيّرت بالكامل وأنه بدا شارد الذهن، ينسى ما يُقال له، ويتحدث أحيانا عن طفولته قبل أن يصمت فجأة". وبصوت كئيب قالت إن شقيقها الوحيد يرفض التراجع عن إضرابه رغم توسلاتها، مشيرة إلى أنه "يفضّل الموت على الاستسلام لما يراه قهرا سياسيا".

وبدت بن مبارك مصدق غاضبة وهي تتحدث عن استمرار تجاهل إدارة السجن لوضعه الصحي المتدهور، مؤكدة أنه "في حالة خطيرة بدون أن يُنقل حتى الآن إلى المستشفى رغم المطالبات المتكررة".

وقالت إنها أعدّت تقريرا مفصلا حول حالته المقلقة وقدّمته إلى عمادة المحامين حتى تراسل وزارة العدل بشكل رسمي وتحمّلها مسؤولية ما قد ينجم عن "هذا الإهمال".

جدل حقوقي

في المقابل، نفت الهيئة العامة للسجون والإصلاح في بلاغ رسمي ما تم تداوله عن تدهور صحة بعض المساجين، مؤكدة أن "الوضعيات عادية ومستقرة، وأن بعض الحالات التي يروّج أنها مضربة عن الطعام تتناول الأكل فعلا". ولوحت برفع شكاوى قضائية ضد "كل من تعمّد نشر أخبار ومعطيات مغلوطة".

لكن هيئة الدفاع عن الموقوفين السياسيين في قضية التآمر ردّت بلهجة حازمة، معتبرة أن الهيئة "تهرب من مسؤوليتها القانونية" وأن ما جاء في بلاغها "إنكار للواقع"، مؤكدة أن بن مبارك "لم يخضع لأية متابعة طبية منذ 28 أكتوبر/تشرين الأول الماضي".

وأثار تدهور الوضع الصحي لجوهر بن مبارك قلقا واسعا في الأوساط الحقوقية والسياسية، إذ عبّرت منظمات وأحزاب معارضة عن تضامنها معه ودعت إلى نقله العاجل للمستشفى وتمكينه من حقه في الرعاية الصحية. واعتبرت أن تجاهل السلطات لنداءات عائلته وهيئة الدفاع يمثل "مسّا خطيرا بالحق في الحياة ويكشف عن تدهور غير مسبوق في أوضاع الحريات بتونس".

وأعربت كل من الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان و منظمة العفو الدولية بتونس عن قلقهما من تدهور حالته الصحية.

وأكدت الرابطة أن استمراره في الإضراب الوحشي احتجاجا على ما تعتبره "محاكمة سياسية تفتقر لأدنى مقومات العدالة"، يحمّل السلطات القضائية والتنفيذية مسؤولية مباشرة عن حياته وسلامته الجسدية.

ودعت إلى الإفراج الفوري عن جميع الموقوفين في القضايا ذات الطابع السياسي وتمكينهم من المحاكمة العادلة والرعاية الصحية، معتبرة أن تجاهل هذه المطالب يمثل "عودة إلى ممارسات قمعية تذكّر بصفحات سوداء من تاريخ البلاد".

بدورهم، طالب محامون ونشطاء حقوقيون بن مبارك بإنهاء إضرابه الوحشي عن الطعام، محذرين من تدهور خطير في حالته الصحية قد ينهي حياته.

مصدر الصورة العياشي الهمامي: السلطة تتحمل المسؤولية الكاملة عن أي خطر يهدد حياة بن مبارك (الجزيرة)

سياسة انتقامية

من جانبه، قال المحامي وعضو هيئة الدفاع عن المساجين السياسيين العياشي الهمامي -وهو أحد المتهمين في القضية نفسها ويحاكم في حالة إطلاق سراح وصدر ضده ابتدائيا حكم بالسجن 8 سنوات- إن الوضع الصحي لجوهر "صعب للغاية وينذر بالخطر".

وأوضح للجزيرة نت، أن بن مبارك "يعاني من آلام حادة في الكلى، وارتعاش في الفك، وفقدان الوعي، ومع ذلك لم تُبادر إدارة السجن بنقله للمستشفى". وأضاف أن السلطة "تتحمل المسؤولية الكاملة عن أي خطر يهدد حياته"، واصفا ما يحدث بأنه "تصرف عبثي يعكس غياب الكفاءة لدى المسؤولين الذين عيّنهم الرئيس قيس سعيد".

إعلان

كما انتقد الهمامي بشدة ما سماه "انهيار روح المبادرة داخل مؤسسات الدولة"، معتبرا أن الخوف من اتخاذ القرار "بات سمة ملازمة للإدارة التونسية".

وفيما يتعلق بجلسة الاستئناف في قضية "التآمر على أمن الدولة 1" المقررة في 17 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، قال الهمامي إن "القضاء لم يعد مستقلا منذ أن عزل الرئيس 57 قاضيا سنة 2021 بدون مسوغ قانوني، ومنح نفسه صلاحية إعفاء أي قاضٍ حتى بدون الاطلاع على ملفه أو تمكينه من حق الطعن".

وأضاف: "لا أمل في تغيير الأحكام القاسية الصادرة ضد المعارضين في الطور الابتدائي، فالمؤشرات جميعها تؤكد أن السلطة ماضية في الإمعان في التشويه والانتقام".

وتنظّم جبهة الخلاص الوطني، اليوم الجمعة، وقفة احتجاجية أمام سجن بلي بمحافظة نابل، تضامنا مع السياسي جوهر بن مبارك، ويشارك فيها عدد من قياداتها وأفراد عائلة القيادي المعتقل ومحاموه.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا