في مشهد يعكس تداخل المسارات السياسية في الأزمة السورية، وجّه الشيخ موفق طريف، الزعيم الروحي للطائفة الدرزية في إسرائيل، نداء غير معتاد إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب، طالبه فيه بالتدخل لحماية الدروز في مدينة السويداء بعد تصاعد العنف هناك.
هذه الدعوة جاءت في وقت حساس تشهد فيه العلاقات الأميركية الإسرائيلية توترا متصاعدا، على خلفية الغارات التي شنتها إسرائيل على أهداف في سوريا، والتي أثارت قلقا في أروقة البيت الأبيض.
وحث طريف، الرئيس الأميركي، على عدم غض الطرف، عما وصفها بالمشاهد المروعة للأعمال الفظيعة والإبادة الجماعية في السويداء حسب وصفه.
وفي ذات الوقت عبّر مسؤولون أميركيون في أعقاب غارات جوية إسرائيلية على سوريا عن قلق متزايد تجاه تصرفات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووصفوه بأنه "خرج عن السيطرة".
وقال أحد المسؤولين في البيت الأبيض لموقع "أكسيوس": "بيبي (نتنياهو) يتصرف كمجنون. يقصف كل شيء في كل وقت، هذا قد يقوض ما يحاول ترامب تحقيقه".
وأشار مسؤول أميركي رفيع آخر إلى القصف الذي طال كنيسة في غزة هذا الأسبوع، وهو ما دفع الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الاتصال بنتنياهو وطلب تفسير عاجل.
وقال المسؤول: "نشعر أن هناك شيئًا جديدًا كل يوم. ما الذي يحدث بحق الجحيم".
أما مسؤول ثالث، فأكد وجود شكوك متزايدة داخل إدارة ترامب تجاه نتنياهو، مع تزايد الإحساس بأن "يده خفيفة على الزناد"، ووصفه بأنه "أشبه بطفل لا يعرف كيف يضبط سلوكه".
قلق أمريكي رغم التهدئة
وبحسب ما نقل "أكسيوس" عن 6 مسؤولين أميركيين، فإن البيت الأبيض بات أكثر قلقا بنهاية الأسبوع بشأن سياسات نتنياهو الإقليمية، رغم التوصل إلى وقف لإطلاق النار بوساطة أميركية أنهى التصعيد في سوريا يوم الجمعة.
ومع ذلك، لم يصدر عن ترامب أي انتقاد علني حتى الآن، ولا يزال من غير الواضح إن كان يشارك مستشاريه في هذا القلق المتزايد بشأن تحركات إسرائيل في سوريا.
والثلاثاء، قصفت إسرائيل قافلة دبابات تابعة للجيش السوري كانت متجهة نحو مدينة السويداء، في أعقاب اشتباكات دموية، أسفرت عن مقتل أكثر من 700 شخص، وفقًا للمرصد السوري لحقوق الإنسان.
وادعت إسرائيل أن القافلة عبرت إلى منطقة جنوب سوريا تُعتبر منزوعة السلاح، وأن القوات السورية تشارك في هجمات ضد أقلية الدروز، في المقابل، نفت دمشق تلك الاتهامات.
وقال مسؤول في الإدارة الأميركية: "القصف في سوريا فاجأ الرئيس والبيت الأبيض. لا يحب ترامب أن يفتح التلفاز فيرى قنابل تتساقط على بلد يحاول التوصل إلى سلام معه وأعلن عن مبادرة لإعادة إعماره".
وفي ذات اليوم، طلب وزير الخارجية ماركو روبيو من نتنياهو وقف القصف، فوافق الأخير مقابل انسحاب القوات السورية من السويداء.
وأفاد مسؤولون أميركيون أن من بينهم باراك والمبعوث ستيف ويتكوف – المقربان من ترامب – ممن نقلوا استياءهم مباشرة للرئيس.
واعتبروا أن دوافع نتنياهو كانت سياسية داخلية، خصوصًا في ظل ضغوط من الدروز في إسرائيل.
وقال أحدهم: "الأجندة السياسية تقود حواس بيبي، وهذا سيكون خطأ كبيرًا على المدى البعيد".
وأضاف آخر: "الإسرائيليون لا يدركون حجم الضرر الذي تسببوا به في علاقاتهم مع البيت الأبيض". وختم قائلاً بسخرية: "يجب عليهم أن يخرجوا رؤوسهم من الرمال".
الجانب الإسرائيلي
فوجئ المسؤولون الإسرائيليون برد الفعل الأميركي، إذ قال مسؤول رفيع إن ترامب كان قد شجع نتنياهو على التدخل في سوريا سابقا، ولم يُبدِ أي اعتراضات علنية من قبل.
وأوضح المسؤول أن تدخل إسرائيل جاء بناءً على معلومات استخباراتية تشير إلى استهداف الدروز من قبل النظام السوري، ونفى وجود دوافع سياسية داخلية.
وأضاف: "الولايات المتحدة تريد استقرار الحكومة السورية الجديدة، لكنها لا تفهم سبب تدخلنا... لقد أوضحنا لهم أن هذا جزء من التزامنا تجاه الدروز في إسرائيل".
وحذّر أحد المسؤولين الأميركيين من أن السياسة الإسرائيلية الحالية قد تؤدي إلى زعزعة استقرار سوريا، ما سينعكس سلبًا على الدروز و إسرائيل على حد سواء.
وختم مسؤول أميركي بالقول: "حظ نتنياهو قد ينفد، وكذلك صبر ترامب".