في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
طهران- تكتسب زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن أهمية خاصة في طهران ، حيث تعتقد الأوساط السياسية أنها تحمل في طياتها العديد من الرسائل السياسية والأمنية التي تهم الجمهورية الإسلامية ودول المنطقة، فهذه الزيارة هي الأولى عقب وقف إطلاق النار بين تل أبيب وطهران، والثالثة من نوعها منذ عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
وتذكّر زيارة نتنياهو -المطلوب ل لمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة – الرأي العام الإيراني بإعلان ترامب -بحضور ضيفه الإسرائيلي قبل أكثر من شهرين- عن موافقة طهران على إجراء محادثات مع واشنطن بشأن البرنامج النووي الإيراني .
وفيما دأب الجانب الإسرائيلي على الإشادة بما يعتبره "تحقيق انتصار تاريخي على إيران" إثر نجاحه باستدراج أميركا بإدارتها الجمهورية للمشاركة في قصف المنشآت النووية الإيرانية ، تقرأ الصحافة الفارسية تقارير الإعلام الأميركي، الذي يصف اللقاء بأنه "أشبه باحتفال الانتصار" في سياق مساعي نتنياهو لتقديم نفسه "مهندسا للأمن الإقليمي"، وذلك على أنقاض ما دمرته الصواريخ الإيرانية خلال 12 يوما.
كتب موقع "مشرق" التحليلي أنه "كلما زار نتنياهو أو أحد كبار مسؤولي حكومته واشنطن، وقع حدث مفصليّ في الشرق الأوسط"، على غرار الهجوم الإسرائيلي على مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق مطلع أبريل/نيسان 2024، واغتيال الأمين العام السابق ل حزب الله اللبناني حسن نصر الله في سبتمبر/أيلول من العام نفسه، مما يثبت وجود تنسيق تام بين واشنطن وتل أبيب.
ويضيف المقال -الذي لم يُذكر فيه اسم الكاتب- أن الدوائر التي كانت تروج لرواية "إيران الضعيفة" لخلق تصوُّر محدد لدى صانع القرار الأميركي، بدأت تدّعي اليوم بأن إسرائيل -وعبر تنفيذها أكثر من 480 ضربة ضد أهداف نووية وعسكرية وأمنية واقتصادية في العمق الإيراني- نجحت في إضعاف طهران، وأن اللحظة الحالية تشكّل "فرصة تاريخية" لشن "الضربة القاضية وتمهيد الأرضية لاضطرابات داخلية وتغيير النظام السياسي في إيران".
ويستنتج المقال أن "الكيان الصهيوني وبعد إنفاقه مليارات الدولارات، لا ينوي إنهاء حروبه في الشرق الأوسط وأن التركيز المفرط على ملفات مثل هدنة غزة أو توسيع اتفاقيات أبراهام قد يكون حملة تضليل ثانية تُخفي وراءها أعمالا عسكرية جديدة ضد فصائل المقاومة في اليمن أو العراق أو لبنان، أو ضد الجمهورية الإسلامية".
مستدركا أن الهدف الخفي الأكبر وراء كل هذه المناورات هو بقاء نتنياهو في السلطة، والتهرُّب من المحاسبة في قضايا فساد تطارده.
وتكررت مصطلحات مفتاحية في التحليلات الإيرانية التي تناولت أهمية زيارة نتنياهو إلى واشنطن هذا اليوم، تمحورت أبرزها حول "الوضع الداخلي الإسرائيلي الهش" و"الهروب إلى الأمام لإبعاد نتنياهو من المحاكمة" و"ضمان استمرار الدعم المالي والتسليحي الأميركي لإسرائيل"، مما يجعل لقاء الثنائي الأميركي والإسرائيلي يمثل تحديا حقيقيا لطهران، التي تعتبر أي تحرك عسكري إسرائيلي مدعوم من الولايات المتحدة يشكل تهديدا لأمنها القومي.
من ناحيته، يعتقد الباحث المختص في النزاعات الإقليمية مصطفى نجفي أن الزيارة الجارية تحظى بأهمية إستراتيجية، وتمثل فرصة حيوية لنتنياهو على الصعيدين السياسي والأمني، ليعيد تقديم نفسه كـ"زعيم المواجهة مع إيران" و"صانع التغيير الجيوسياسي في المنطقة"، متخذا من البيت الأبيض منصة للهروب من المحاسبة الداخلية.
وفي تحليل نشره على حسابه بمنصة "إكس" كتب نجفي أن "الثابت في الزيارة أن أجندتها الرئيسية تتمحور حول تقديم خطط هجومية جديدة ضد إيران، وسعي نتنياهو لجذب ترامب وإدارته إلى صفه"، وهذا ما أكده وزير حربه يسرائيل كاتس قبل أيام بإعلانه أن جيش الاحتلال يُعد خطة عملياتية جديدة لضرب إيران.
وبرأيه، فإن الزيارة ليست مجرد لقاء سياسي روتيني، بل قد تُحدد مصير المواجهة العسكرية الإيرانية-الإسرائيلية المقبلة، وتُعيد رسم السياسات الأميركية تجاه طهران، وبالتالي فإن أي تصعيد مدعوم بـ"ضوء أخضر" من واشنطن قد يُشعل مواجهات إقليمية أوسع، كما أنه قد يُستخدم لكبح جماح نتنياهو، بالرغم من أنه لا يمكن التعويل كثيرا على السيناريو الأخير.
ويخلص نجفي إلى نتيجة مفادها "ثمة بُعد جوهري يتمثل في نتائج لقاء نتنياهو مع ترامب وفريقه الأمني، وهو ما الذي سينتزعه ترامب من نتنياهو؟ وما الضمانات التي سيقدمها؟ الأكيد أن إقناع ترامب بدعم أي عمل عسكري جديد ضد إيران -سواء بالمشاركة المباشرة أو الدعم اللوجيستي- يبقى الهدف الإستراتيجي الأهم".
أما الكاتب السياسي رسول سليمي، فيعتقد أن "منع إعادة بناء البرنامج النووي الإيراني" يشكل الأولوية القصوى لزيارة نتنياهو، الذي يسعى لتحويل الضربات على المنشآت النووية إلى "نقطة تحوّل" تمنع طهران من استعادة قدراتها النووية.
وفي تحليل له تحت عنوان "أهداف نتنياهو من زيارة أميركا" نشره في وكالة أنباء "خبر آنلاين"، يرى سليمي أن الضيف الإسرائيلي يعتزم طرح خُطّتين متوازيتين على ترامب:
ووفقا للكاتب، فإن نتنياهو يسعى خلال لقائه ترامب للحصول على ضمانات أميركية بدعم عسكري وسياسي مفتوح ضد إيران، لمنعها من إعادة بناء برنامجها النووي، لكن المؤشرات تُظهر أن واشنطن لن تخاطر بحرب إقليمية قد تُعطّل الاقتصاد العالمي، وعليه فإن أمنية نتنياهو ستبقى محصورة في زيادة العقوبات الأميركية وليس الضربات العسكرية ضد إيران.
وفي ظل التقارير عن اتصالات غير مباشرة بين إيران والولايات المتحدة بوساطة أوروبية وخليجية، يبدو أن طهران تراقب تطورات زيارة نتنياهو عن كثب، ذلك لأن أي خطوات يتخذها ترامب لدعم إسرائيل قد تؤدي إلى التصعيد من جديد.
وفي السياق، تكتب صحيفة شرق الإصلاحية أنه رغم الدعاية المكثفة المحيطة بزيارة نتنياهو لواشنطن، فإنها عاجزة عن تغيير حقائق المنطقة، "لأن طهران ومن خلال اعتمادها على الدبلوماسية متعددة الأطراف والإنجازات العلمية لم تقاوم الأجندة الأميركية والإسرائيلية فحسب، بل أثبتت بأن الجمهورية الإسلامية قوة مسؤولة وراسخة في الإقليم".
ووفقا للصحيفة، فإن مساعي نتنياهو لتوسيع اتفاقيات أبراهام أو كسب دعم لعمليات عسكرية ضد إيران، ستجد نفسها أمام جدار الإرادة الإيرانية، مدعومة بدول إقليمية وعالمية.