عقب الهجوم العسكري الواسع الذي شنه الجيش الإسرائيلي على مواقع في إيران فجر الجمعة 13 يونيو/حزيران 2025، رفعت السلطات الإيرانية راية حمراء تحمل عبارة "يا لثارات الحسين" فوق القبة الزرقاء لجامع جمكران الشهير في مدينة قم جنوب العاصمة طهران ، في خطوة تحمل دلالة "واجب الانتقام" وفق الأعراف والثقافة الشعبية الإيرانية، إذ يرفع أصحاب الدم الراية الحمراء فوق منازلهم، ولا ينزلونها إلا بعد الأخذ بالثأر.
ويعود تاريخ رفع "الراية الحمراء" إلى حقبة التوابين، الذين ثاروا بعد مقتل الإمام الحسين ، كما يعد رفع راية الثأر في التراث الإيراني "إعلان حرب".
ترمز الراية الحمراء للثأر وفق التقليد السائد في المذهب الشيعي الإثني عشري الرسمي في إيران، وسبق للسلطات الإيرانية أن رفعت هذه الراية قبل عملية "الوعد الصادق 1″، التي شنتها إيران على إسرائيل في 14 أبريل/نيسان 2024 ردا على استهداف القنصلية الإيرانية في دمشق .
كما رفعت قبل عملية "الوعد الصادق 2" حين أطلقت إيران هجوما صاروخيا في الأول من أكتوبر/تشرين الأول عام 2024 ردا على اغتيال الرئيس السابق للمكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية ( حماس ) إسماعيل هنية والأمين العام السابق لحزب الله اللبناني حسن نصر الله .
يحمل اللون الأحمر في الثقافة الشعبية الإيرانية دلالات عميقة ترتبط بمفاهيم الحداد والحزن والتضحية، وغالبا ما ترفع الرايات الحمراء أثناء المناسبات الدينية (شهر محرم ويوم عاشوراء) تعبيرا عن الحزن على استشهاد الإمام الحسين وأصحابه في كربلاء ، في إشارة إلى أن اللون الأحمر يعكس دماء الشهداء، مما يجعله رمزا للوفاء والتذكر في المراسم الدينية والشعبية.
ورفعت الرايات الحمراء في مناسبات عدة أثناء مسيرات تشييع جثامين قتلى عسكريين، كما نصبت فوق قباب المساجد والعتبات، إشارة إلى الحزن الوطني وواجب الانتقام.
تحولت الراية الحمراء في السياق السياسي المعاصر بإيران إلى أداة تعبيرية عن الاحتجاج والثورة، إذ يستخدمها المتظاهرون أثناء الاحتجاجات المختلفة تعبيرا عن الغضب والتحدي.
وتستخدم الراية الحمراء خاصة حين يرتبط الفعل الاحتجاجي بذكرى ضحايا القمع أو الحروب، وتحمل في هذه الحالة رمزية المطالبة بالتغيير.
دأبت المجتمعات التقليدية في بعض القرى الإيرانية على رفع الراية الحمراء للتحذير من خطر محدق، مثل انتشار الأوبئة أو وجود تهديد أمني.
كما يستخدمها البعض أحيانا لدرء الحسد أو طرد "الأرواح الشريرة"، خاصة في الأوساط الشعبية التي تسود فيها مثل هذه المعتقدات.
رفعت الراية الحمراء فوق القبة الزرقاء لجامع جمكران الشهير، وهو من أهم المساجد في إيران، يوجد في قرية جمكران الواقعة على بعد 5 كيلومترات جنوب شرق مدينة قم المقدسة لدى الشيعة.
ويعود تاريخ بناء مسجد جمكران إلى القرن الرابع الهجري/العاشر الميلادي، مما يجعله أحد أقدم المساجد في المنطقة.
كما أنه من أشهر المزارات الشيعية، ويحظى بمكانة خاصة، إذ يعتبره الشيعة رمزا لانتظار ظهور "المهدي المنتظر"، ويعتبرون زيارته تعبيرا عن أملهم ورغبتهم في ظهوره.