في عرض الصحف اليوم نتناول دور المملكة العربية السعودية كوسيط غير مباشر في أزمة الملف النووي الإيراني، وصعود التيار القومي اليميني في بريطانيا بعد تحقيق نايجل فاراج مكاسب واسعة في الانتخابات المحلية، ونتائج السياسات الاقتصادية الانعزالية التي فرضها الرئيس دونالد ترامب وتداعياتها على الناخبين الأمريكيين.
نبدأ جولتنا من صحيفة هآرتس الإسرائيلية، ومقال للكاتب تسفي بارئيل بعنوان "بالنسبة للولايات المتحدة، فإن الطريق إلى اتفاق أو حرب مع إيران يمر عبر المملكة العربية السعودية". يسلط المقال الضوء على الدور المتنامي للسعودية كوسيط غير مباشر في المحادثات الجارية بين الولايات المتحدة وإيران بشأن الملف النووي.
ويشير الكاتب إلى أن هذا التطور اللافت يعكس تحولاً استراتيجياً في موقف الرياض من مجرد طرف إقليمي معني بنتائج الاتفاق، إلى فاعل دبلوماسي نشط يسعى للتأثير على مسار المفاوضات وشروطها.
ويرى الكاتب أن السعودية، التي كانت في السابق من أشد المعارضين للاتفاق النووي الذي أبرم عام 2015، أصبحت اليوم أكثر براغماتية في تعاملها مع الملف الإيراني، خاصة في ظل التغييرات الإقليمية، وتقلص الالتزام الأمريكي المباشر في الشرق الأوسط.
ووفقاً للكاتب، فإن هذا التحول ليس وليد اللحظة، بل نتيجة تراكمات بدأت مع مساعي الرياض التي بدأت بعد الضربة التي تعرضت لها منشآت أرامكو عام 2019، والرسائل التي تلقتها حينها بشأن حدود الدعم الأمريكي التقليدي.
ويرى الكاتب أن الرياض تستفيد من قنواتها المفتوحة مع طهران، والتي بدأت في التبلور عبر وساطات عراقية ثم تحولت إلى مسار أكثر وضوحاً بوساطة صينية في عام 2023.
هذه العلاقات مكنت السعودية، بحسب الكاتب، من لعب دور الوسيط بين الطرفين، حيث تنقل رسائل غير رسمية وتساهم في تهدئة بعض المواقف، خاصة فيما يتعلق بالمخاوف الأمنية الخليجية من برنامج إيران النووي ونفوذها الإقليمي.
ورغم عدم وجود اعتراف رسمي من واشنطن أو طهران بهذا الدور، فإن الكاتب يشير إلى أن إشارات غير مباشرة من دبلوماسيين أمريكيين وأوروبيين تؤكد وجود تنسيق سعودي في بعض الملفات المرتبطة بالمفاوضات.
وهذا لا يعني، بحسب الكاتب، أن السعودية أصبحت ضامنة للاتفاق، لكنها بالتأكيد أصبحت جزءاً من حسابات الأطراف عند وضع الشروط والتوقعات.
ويرى الكاتب أنه يمكن قراءة هذا الدور السعودي كجزء من سعي الرياض لتكريس موقعها كقوة إقليمية مؤثرة بعيداً عن محاور الاستقطاب التقليدية. فالسعودية تسعى لأن تُرى كقوة عاقلة تحافظ على التوازن، لا كمجرد تابع للسياسات الأمريكية.
ويرى الكاتب أن هذا ينسجم مع سياسات ولي العهد محمد بن سلمان في تقليل الاعتماد على الحلفاء الغربيين، وتوسيع هامش الاستقلال الاستراتيجي للمملكة.
تناولت صحيفة "فاينانشال تايمز" في تحليل للكاتب روبرت شرمسلي ظاهرة تصاعد الخطاب اليميني في بريطانيا، بعد سنوات من الهدوء النسبي الذي أعقب صدمة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
ويعتبر الكاتب أن هذا التصاعد لا يمكن فصله عن تآكل الثقة العامة في النخب السياسية التقليدية، وتنامي مشاعر الاستياء الاقتصادي والاجتماعي في مناطق واسعة من البلاد.
ويشير المقال إلى أن حزب المحافظين، الذي لطالما استفاد من الخطاب القومي والشعبي لحشد التأييد لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، بات اليوم يواجه منافسة متصاعدة من شخصيات وتيارات أكثر تطرفاً، تسعى لاستغلال شعور المواطن البريطاني العادي بأنه لم يجن ثمار الاستقلال عن أوروبا. بل إن بعض هذه التيارات ترى أن "البريكست الحقيقي" لم يتحقق بعد، في ظل استمرار بعض القيود والتعقيدات الاقتصادية التي خلفها الخروج من الاتحاد الأوروبي.
ويرى الكاتب أن أخطر ما في هذا الصعود الجديد للتيار اليميني هو قدرته على إعادة تشكيل المزاج العام باتجاه أكثر عدائية تجاه المهاجرين، والمؤسسات، وحتى الحقوق المدنية. إذ تسعى شخصيات يمينية شعبوية، مثل نايجل فاراج، إلى إعادة تدوير الشعارات القديمة عبر قوالب جديدة، مستغلة قضايا مثل الهجرة غير النظامية، وتدهور الخدمات العامة، والتضخم الاقتصادي.
ويرى الكاتب أن تزايد هذه النعرات اليمينية ناتج عن غياب خطاب بديل مقنع من الأحزاب اليسارية، وفشل حزب العمال في تقديم رؤية واضحة تتجاوز ترديد الشعارات. كما يرى أن الإعلام الشعبي، الذي لا يزال يملك تأثيراً واسعاً، يساهم في تضخيم القضايا التي تخدم هذا التوجه.
وفي مقال بصحيفة "واشنطن بوست" تناولت الكاتبة كاثرين رامبل نتائج الحرب التجارية التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال ولايته الثانية، خاصة تجاه الصين، وتخلص إلى أن الكثير من وعود "إعادة التوازن" التجاري لم تتحقق بالشكل المعلن.
وترى الكاتبة أن ارتفاع الرسوم الجمركية جعل المستهلك الأمريكي يدفع ثمناً باهظًا نتيجة ارتفاع الأسعار، لا سيما في قطاعات الإلكترونيات والسلع الاستهلاكية.
وترى الكاتبة أن ترامب استفاد سياسياً من تبني خطاب تجاري هجومي، رسم فيه صورة "أمريكا الضحية"، في مقابل خصوم دوليين يستغلون انفتاح السوق الأمريكي.
وتقول الكاتبة إن هذا النوع من السرد السهل والبسيط يلقى رواجاً بين فئات واسعة من الناخبين القلقين من العولمة، وفقدان الوظائف في المدن الصناعية، خاصة في ولايات الغرب الأوسط.
لكن الكاتبة تحذر من أن العودة إلى هذا النهج ستعني بالضرورة الدخول في مرحلة جديدة من عدم اليقين، ليس فقط مع الصين، بل مع الشركاء الأوروبيين والمكسيك وكندا. كما تشير إلى أن مؤسسات مالية كبرى، مثل صندوق النقد الدولي، سبق وأن حذرت من أن السياسات الحمائية التي يتبناها ترامب قد تؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد العالمي، وربما إلى ردود فعل مضادة من دول أخرى.