في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
كييف- بوساطة أو "ضغوط" أميركية، ولأول مرة منذ بداية الحرب في فبراير/شباط 2022، يتجه المسار نحو اتفاق بين الروس والأوكرانيين، يقضي بوقف استهداف منشآت الطاقة والبنى التحتية في كلا الطرفين.
اتفاق مؤقت مدته 30 يوما، تريد واشنطن أن يؤسس لنهاية الحرب وسلام دائم في أوكرانيا، الأمر الذي رحب به ووافق عليه كل من الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأوكراني فولوديمير زيلينسكي ، وهذا يعتبر أكبر المؤشرات الإيجابية.
ولكن، رغم أن تفاصيل الهدنة المؤقتة لم تحدد أو توقع بعد، سرعان ما بدأ الأوكرانيون تشكيكا بإمكانية الوصول إلى تطبيقها، لا سيما مع استمرار تحليق الطائرات المسيرة بكثافة في كلا الاتجاهين، بما في ذلك صوب العاصمة كييف .
كما تناقلت وسائل الإعلام المحلية أنباء عن محاولات روسية لاقتحام مقاطعة سومي الأوكرانية، ومحاولات أوكرانية بالمقابل اقتحام مقاطعة بيلغورود الروسية.
تزيد شروط بوتين المعلنة وغير المعلنة لوقف إطلاق النار والحرب تشكيك الأوكرانيين، خاصة أنها تتعدى "الخطوط الحمراء" التي رسمتها إدارة زيلينسكي لأي عملية تفاوض.
وتتعلق الشروط بوقف التعبئة في الجيش الأوكراني، وقطع الدعم الغربي عن كييف، والاعتراف بالقرم و4 مقاطعات أوكرانية محتلة كأراض روسية، إضافة إلى المطالبة بحياد أوكرانيا العسكري، وعدم وجود قوات أجنبية على أراضيها، ناهيك عن حديث وسائل إعلام مقربة من الكرملين حول رغبة روسية بالاستحواذ على ميناء أوديسا في البحر الأسود.
ويصف رئيس مركز الدراسات السياسية التطبيقية "بنتا" فولوديمير فيسينكو هذه الشروط بـ"التعجيزية"، ويعتبر في حديثه مع الجزيرة نت أنها "تذكر ببداية الحرب، عندما كانت كييف مطالبة بالاستسلام، والاعتراف بالهزيمة".
لكن الخبير يرى في الوقت ذاته أن "الهدف من طرح هذه الشروط هو الظهور بموقع القوة، ورفع سقف المطالب لتقديم تنازلات أقل في المستقبل القريب"، وكذلك يرى أن "اتصال بوتين بترامب كان إيجابيا بشكل عام، وخالف توقعات انحياز الأخير بقوة لصالح روسيا".
وفي إطار الشك أيضا، يتساءل الأوكرانيون عن الهدف الحقيقي من هدنة مدتها 30 يوما فقط، وعنوانها الأبرز تحييد منشآت الطاقة والبنية التحتية فقط من قائمة الأهداف.
ويقول خبير السياسات والعلاقات الإستراتيجية في "المجموعة الوطنية لمكافحة الأزمات" تاراس زاهورودني للجزيرة نت إن "كل العبارات التي تشير إلى عدم مهاجمة قطاع الطاقة لا تعني إلا شيئا واحدا، وهو أن الروس يُعانون بشدة من الهجمات الأوكرانية، لأنه في مثل هذه الحالات فقط يبدؤون إظهار حسن النية".
أما الخبير فيسينكو فقال -في حديث سابق مع الجزيرة نت- إن "وقف إطلاق النار لن يشمل -على الأغلب- جبهات يزيد طولها عن ألف كيلومتر، لأن روسيا تعتبر أنها تقاتل على أراضيها بهدف التحرير".
من ناحية أخرى، يلمح الخبير أوليكساندر خارتشينكو، مدير مركز أبحاث الطاقة، إلى أن "أوكرانيا تريد الهدنة كأساس لوقف الحرب، أما الروس فيريدونها مؤقتة لإعادة ترتيب الصفوف والحسابات العسكرية فقط قبل استئناف العمليات، وكذلك لمعرفة موقف الغرب، هل سيدعم كييف بالمزيد، أم سيدفعها نحو التهدئة".
ويدلل على ذلك بالقول للجزيرة نت "التوصل إلى اتفاق طويل الأمد لتحييد قطاع الطاقة سيؤثر بشكل كبير على الوضع فعلا، أما هدنة مدتها 30 يوما فلن تمكن حتى من إعادة تشغيل المحطات الفرعية الصغيرة".
ومع كل ذلك، تعبر تصريحات بعض كبار المسؤولين الأوكرانيين، ومن بينهم وزير الخارجية أندريه سيبيغا، عن تفاؤل بإمكانية وقف إطلاق النار والوصول إلى نهاية للحرب خلال العام الجاري.
لكن مسؤولين ومحللين آخرين يتوخون الحذر في توقع ما سينتج عن اللقاء الجديد الذي سيجمع الروس والأميركيين في مدينة جدة يوم الأحد القادم 23 مارس/آذار، وآخر يجمع الأوكرانيين مع الأميركيين لاحقا.
ويقول الكاتب والمحلل السياسي دميترو توزوف للجزيرة نت "من وجهة نظري، يفعل ترامب كل شيء لإرضاء بوتين، بدءا من رفض نعته بصفات القتل والديكتاتورية والاعتداء التي يستحقها، وانتهاء بتلبية مطالبه المتعلقة بالضغط على أوكرانيا ورفع العقوبات وعودة العلاقات، وبهذا يتجه العالم نحو قبول الشر كجزء طبيعي من وجوده".
ويضيف "بالنسبة لي، توقيع اتفاق الهدنة لن يعني ولن يغير الكثير، أول شيء فعله بوتين بعد الاتصال مع ترامب كان ضرب المدن والعاصمة الأوكرانية، وقطع إمدادات الكهرباء عن مدينتي كراماتورسك وسلوفيانسك في دونيتسك، وقصف مستشفيين اثنين في سومي".
ومن وجه نظر توزوف، فإن "الأميركيين يجدون اليوم سعادتهم في بلد معزول بالمحيطات عن العالمين الروسي والصيني، وبعيد عن مشاكل وحروب أوروبا" ويضيف "لن أتوقع أي شيء إيجابي، لم تفلح كل تحذيراتنا ومقارناتنا التاريخية".
ويتحدث عن ترامب قائلا "إنه يصدق أن صانع الحرب (بوتين) يريد السلام، ويلومنا بعنف لأننا لا نصدقه كشعب، لا يسمع ترامب صوتنا ولا يريد، إنه يتعامل معنا كميكروبات ضارة بكل صراحة".