عمّان، الأردن ( CNN )-- تجري عمّان جهودًا دبلوماسية وسياسية حثيثة، للمساعدة في توفير توافق إقليمي على دعم واستقرار سوريا منذ سقوط النظام السوري السابق. وتبحث وزارة الخارجية الأردنية في اجتماع رفيع المستوى أعلنت عن استضافته في العاصمة عمّان، الأحد، التحديات المشتركة وآليات مكافحة الإرهاب وتهريب المخدرات والسلاح، بمشاركة وزراء خارجية دول جوار سوريا ووزراء دفاعها ورؤساء هيئات الأركان، وكذلك مُدراء أجهزة المخابرات العامة في سوريا والأردن وتركيا والعراق ولبنان.
الاجتماع الخماسي غير المسبوق، يرتكز إلى بحث "عقدة جوار سوريا" من منظور استراتيجي أردني وبتقارب تركي، حيث أجريت مباحثات أردنية تركية ثنائية وفقًا لمراقبين، سبقت الاجتماع الأوسع الذي يحمل عدة أجندات متشابكة، وتصدرت التطورات الأخيرة في سوريا المناقشات، وكذلك سبل إسناد الشعب السوري في إعادة بناء وطنه.
وسط تواجد إسرائيلي في سوريا، ومخاوف من محاولات تقسيم البلاد والنفوذ الإيراني في المنطقة، استضاف الأردن الاجتماع على وقع استمرار اشتباكات دامية بين القوات السورية الحكومية ومسلحين موالين لنظام الأسد.
ويرى مراقبون، بأن المساعي التي يبذلها الأردن بالتنسيق مع تركيا في هذا الاجتماع، تهدف لإقناع "العراق" لتبني موقف موحد على غرار دول الجوار، نحو دعم استقرار سوريا دون تدخلات، وتحييد أي تهديد من أي طرف في الحكومة العراقية لأمن سوريا، في وقت صدرت دعوات من فصائل عراقية للتدخل في سوريا عسكريًا.
ويرى المحلل السياسي الأردني الدكتور بدر الماضي، أن أمن الجوار مع سوريا يعتبر "عقدة أساسية من عقد الأمن الاستراتيجي الأردني"، بل أمن استراتيجي بالمفهوم الشامل للداخل الأردني، ليرتبط أيضًا بمفهوم أمن المنطقة واستقرارها، بسبب تراكمات السنوات السابقة ودخول إسرائيل إلى الأراضي السورية، كعامل مؤثر كبير في المدى القريب والمدى المتوسط على الأمن الأردني، سواء الأمن الوطني أو أمن الطاقة وأمن المياه".
وقال الماضي إن "محاولات إسرائيل المتكررة ودعواتها لتفتيت "الشعب السوري" والحديث عن حماية فئات دون أخرى في سوريا وتحديدًا الطائفة الدرزية في الجنوب، تستهدف الأمن الأردني بشكل مباشر في المناطق الجنوبية من سوريا مع الأردن".
وترى عمّان، ضرورة في إحداث التوافق الإقليمي بشأن سوريا، وهي التي تستضيف على أراضيها قرابة مليون و300 ألف سوري على أراضيه، إلا أن العودة الطوعية إلى سوريا قد سجّلت انخفاضًا بنسبة 20% خلال فبراير/شباط بالنسبة للعائدين من الأردن، وفق ما نشرته المفوضية السامية لشؤون اللاجئين.
بحسب المفوضية للآن، عاد قرابة 300 ألف سوري فقط، من دول الجوار من تركيا ولبنان والعراق وكذلك مصر، والعابرين من الخارج إلى سوريا.
وأشار الماضي في حديثه لموقع CNN بالعربية، الأحد، إلى أن "الأمن الأردني تعرض لأخطار كبيرة جدًا قبل 8 ديسمبر، بسبب المشروع الإيراني، الذي يحمل مصالح استراتيجية مختلفة، وهي مصالح قد تأتي على حساب مصلحة الشعب السوري أو الأردني أو العراقي ، لذلك تتحرك إيران في الدول الرخوة ومن خلال ثنائيات تسعى لزعزعة الاستقرار هنا أوهناك".
ويعتقد الماضي، أن تركيا والأردن ولبنان كدول جوار سوريا، لديهم "توافق واضح بشأن إسناد الشعب السوري وضمان استقرار الأوضاع الأمنية في سوريا"، وقال: "الأردن وتركيا تحاولان أن تخرجان بموقف عراقي مماثل وموحد بشأن سوريا أو على الأقل، الدفع باتجاه بلورة موقف عراقي في المنطقة الوسطى"، من الحكم في سوريا ودعم استقرارها .
وفيما أشار الماضي إلى أن هذه المحاولة ربما قد لا تنجح بشكل كبير جًدا، لكنها "ستضع الحكومة العراقية بكل مكوناتها أمام موقف جديد بشأن أمن واستقرار سوريا"، على حد تعبيره .
وأضاف الماضي: "حتى وإن كانت هناك مساحة للاختلاف بين الأردن وتركيا ولبنان مع النظام الجديد في سوريا، إلا أن الجهود لهذه الدول الثلاثة ومحاولتها أن يكون العراق جزءًا من توافقها، تسعى بالتأكيد لاستقرار سوريا وانعكاساته الإيجابية على كل هذه الدول، من خلال وضع سوريا على طريق جديد ينتهي بانتخابات وبتدوير لسلطة الحكم في سوريا، مع كل السوريين" .
ورجّح الماضي أن يخرج الاجتماع ببيان قوي يدعم الحكم في سوريا والاستعجال بدعم العملية السياسية هناك، مع وجود توافق أردني -تركي كبير، مُحملا برسائل عديدة للأطراف الدولية، خاصة إيران.
واعتبر الماضي أن هذا الاجتماع "هو رسالة أردنية تركية موجهة إلى إسرائيل"، مُعتقدًا أن "هناك إعادة إنتاج للعلاقة الأردنية التركية للتصدي لما سيكون عليه من سياسات إسرائيلية قادمة في المنطقة".