نتناول في عرض الصحف ليوم الثلاثاء الرابع من آذار/مارس 2025، مقالات حول اتفاق وقف إطلاق النار في غزة واحتمالية عودة الحرب، في ظل عدم البدء بالمرحلة الثانية من الاتفاق، كما ورد في صحيفة الإيكونومست البريطانية. بينما تحدثت صحيفة هآرتس الإسرائيلية في مقالها عن سلبية قطع المساعدات عن غزة. وأخيراً، نستعرض مقالاً بصحيفة القدس العربي عن حصول فيلم "لا أرض أخرى" على الأوسكار.
نبدأ من صحيفة الإيكونومست التي عنونت مقالها بـ "الجيش الإسرائيلي يتبنى استراتيجية جديدة عالية المخاطر: المزيد من الأراضي"، إذ تقول الصحيفة إنه كان من المفترض أن تبدأ المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار في غزة، وبموجبها يفترض أن تنهي إسرائيل وحماس الحرب هناك رسمياً، في الثاني من مارس/آذار. لكن إسرائيل رفضت بدء المحادثات التي التزمت بها في صفقة في يناير/كانون الثاني.
وتلفت الصحيفة إلى أن إسرائيل تطالب بتمديد المرحلة الأولى من الهدنة، وتريد خلالها من حركة حماس إطلاق سراح المزيد من الرهائن التسعة والخمسين المحتجزين في قطاع غزة. و"للضغط على حماس للموافقة على الاتفاق المعدل، قطعت إسرائيل إمدادات المساعدات إلى القطاع الذي مزقته الحرب"، تقول الصحيفة.
وترى الصحيفة أن "إنهاء وقف إطلاق النار يعد جزءاً من تحول استراتيجي أوسع نطاقاً، إذ يسعى الجيش الإسرائيلي إلى الحفاظ على وجود جغرافي أكبر، بما في ذلك في الأراضي غير الإسرائيلية. حيث بدأ في إنشاء ما ينوي أن يكون 'مناطق عازلة' غير محددة على أربع جبهات: في غزة، وعلى الحدود مع لبنان وسوريا، وفي الضفة الغربية".
تحلل الصحيفة أن خطوة التحول الاستراتيجي هذه، مدفوعة بـ "الفوضى في هذه الأماكن 'حيث توسعت إسرائيل'، والصدمة المستمرة لهجوم حماس في أكتوبر/تشرين الأول 2023، وضغوط الأحزاب اليمينية في الائتلاف الحاكم لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو".
وتقول الإيكونومست في مقالها إن الخطوة مدعومة أيضاً "بثقة نتنياهو الواضحة في أنه يحظى بدعم إدارة ترامب، التي لم تظهر أي علامات على محاولة كبح جماح الجيش الإسرائيلي".
وتشير الصحيفة إلى أن الهدنة في غزة ليست الاتفاق الوحيد لوقف إطلاق النار مع إسرائيل الذي ينهار. "فبموجب شروط الاتفاق الذي توسطت فيه الولايات المتحدة مع حزب الله... كان من المفترض أن تغادر قوات الجيش الإسرائيلي الأراضي اللبنانية بحلول أواخر يناير/ كانون الثاني. وطالبت إسرائيل بتمديد المهلة حتى يستكمل الجيش اللبناني سيطرته على المنطقة".
ولكن حتى بعد انقضاء الموعد النهائي في الثامن عشر من فبراير/شباط، "ظلت إسرائيل متمركزة في خمسة مواقع محصنة في جنوب لبنان. وتبرر إسرائيل هذا التأخير بزعم الحاجة إلى حماية المجتمعات الإسرائيلية القريبة من الحدود"، تضيف الصحيفة.
كما تلفت أيضاً إلى مرتفعات الجولان، حيث "ينهار وقف إطلاق النار بين إسرائيل وسوريا. الذي تم التوصل إليه مع نظام حافظ الأسد في عام 1974. وعندما أطاحت قوات المعارضة السورية بابنه بشار في ديسمبر/كانون الأول، عبرت القوات الإسرائيلية الحدود في الجولان واحتلت الأراضي السورية. وكان المبرر الأصلي لإسرائيل هو عدم وجود قوة معترف بها لحماية الحدود".
في النهاية تخلص الصحيفة إلى أن "الشاغل الأكثر إلحاحاً هو غزة. وقد لا يكون لدى حماس مصلحة كبيرة في استئناف الحرب بينما تستعيد السيطرة المدنية على الشريط الساحلي، وتعيد بناء قوتها القتالية المنهكة. ولكن إذا استمرت الحركة في رفض تغيير شروط الاتفاق، فإن إسرائيل تستعد لشن هجوم جديد ضخم في غزة. ويقول الضباط الإسرائيليون إن هذا قد يمهد الطريق للخطة، التي أعلن عنها دونالد ترامب لأول مرة، لتهجير سكان غزة وبناء 'ريفييرا' الشرق الأوسط".
"لا يُتوقع صدور أي قرار حتى يعود مبعوث ترامب، ستيف ويتكوف، إلى المنطقة سعياً إلى التوصل إلى صفقة جديدة. ومع ذلك، فإن خطر اشتعال الحرب مجدداً يبدو حقيقياً"، بحسب ما يرى المقال.
تقول صحيفة هآرتس في مقال للكاتبة تانيا هاري، إنه على الرغم من الاتهامات الجماعية، فإن "المدنيين الفلسطينيين في غزة الذين يتلقون المساعدات الإنسانية لا يملكون أي نفوذ على حركة حماس. لكن منع هذه المساعدات يُعدّ جريمة حرب ويعكس، مَن نحن، كإسرائيليين".
وتلفت كاتبة المقال إلى قرار إسرائيل بوقف جميع المساعدات إلى غزة، بما في ذلك حظر دخول الغذاء والدواء والوقود والإمدادات الأساسية الأخرى، الذي "يهدف ظاهرياً للضغط على حماس للموافقة على نسخة جديدة من اتفاق وقف إطلاق النار. وفي إشارة إلى هذه الخطة على أنها إطار عمل المبعوث الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، نشر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تغريدة أكد فيها أن إسرائيل لن تسمح بإدخال أي بضائع أو مساعدات إلى القطاع في ظل رفض حماس للشروط الجديدة".
يقول المقال إن "البضائع إلى غزة كانت تصل عبر الطرق البرية من مصر والأردن، وإلى ميناء أسدود الإسرائيلي. إضافة لبعض البضائع من الضفة الغربية وإسرائيل من قبل العشرات من وكالات الأمم المتحدة والحكومات ومنظمات المجتمع المدني الدولية".
لكن مع ذلك لا تزال الإمدادات للقطاع الخاص في غزة محظورة رسمياً، في وقتٍ كانت تحاول المنظمات الدولية كبح جماح الجوع المتراكم على مدى خمسة عشر شهراً من القتال، تقول الصحيفة.
وتضيف أن "هناك آلاف الشاحنات المحملة بالبضائع التي تم شراؤها بأموال دافعي الضرائب في جميع أنحاء العالم عبر التبرعات، تنتظر في المستودعات لشحنها إلى غزة".
تشير هاري، المديرة التنفيذية للمركز القانوني لحرية الحركة "جيشا" وهي منظمة حقوق إنسان إسرائيلية، في مقالها إلى أنه "رداً على الانتقادات بشأن قرار وقف دخول المساعدات، قدّرت إسرائيل أن هناك ما يكفي من الغذاء في غزة لمدة خمسة أو ستة أشهر".
لكن ترى الكاتبة أنه "رغم أنه قد يكون صحيحاً أن مخزونات الغذاء مرتفعة نسبياً في الوقت الحالي (في قطاع غزة)، فإن أنباء إغلاق المعبر أثرت على الفور على أسعار السوق على الأرض. ولا تزال المواد الحيوية التي تعتبرها إسرائيل مزدوجة الاستخدام، أو التي قد يتم استغلالها في العمل المسلح، بما في ذلك المعدات الطبية، والخيام المعززة، والمواد الكيميائية لتنقية المياه، في نقص حاد".
وتجد أيضاً أنه رغم "ارتكاب حماس جرائم مروعة"، بحسب قولها، فإنه لا بد من الإفراج عن الرهائن الإسرائيليين دون شروط. "لكن على مدى الأشهر الستة عشر الماضية، اتخذت إسرائيل وما زالت تتخذ قرارات تشهد على هويتنا الحقيقية كإسرائيليين"، كما ورد في مقال هاري.
تختم الكاتبة مقالها بالقول إن "حجب المساعدات الإنسانية يعد جريمة حرب، إذ إن المبدأ الرئيسي للقانون الدولي هو الامتناع عن التسبب في ضرر متعمد وغير متناسب للمدنيين. وإنّ تآكل القانون الدولي، الذي هو في نهاية المطاف البوصلة الأخلاقية الإنسانية، يعكس هويتنا".
"يجب على إسرائيل أن تتحمل المسؤولية عن خياراتها وعن نوع البشر الذين نريد أن نكون"، تقول الكاتبة.
وفي إطار الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي تحدثت صحيفة القدس العربي عن فوز الفيلم الوثائقي "لا أرض أخرى"، بجائزة الأوسكارعن أفضل فيلم وثائقي طويل.
تقول الصحيفة إنه إذا كان نجاح الفيلم يعد "بمثابة صحوة ضمير في ظلمات المناخات المكارثية المناصرة لدولة الاحتلال، أو المتواطئة علانية وضمناً مع حرب الإبادة الإسرائيلية ضدّ قطاع غزة، التي هيمنت على أمريكا ومعظم أوروبا، فإنه أيضاً لا يقل عن صفعة جديدة بليغة للسياسات الاستيطانية والعنصرية الإسرائيلية. ولا عجب أن يعلن ساسة الاحتلال أن فوزه بالأوسكار (لحظة حزينة لعالم السينما)".
تجد الصحيفة أن فوز فيلم "لا أرض أخرى"، سجّل نقلة نوعية في تقاليد المهرجان، فالفيلم "من جانب أول يتصل مباشرة بالسياسة في واحدة من أعقد ملفاتها الراهنة، أي الصراع العربي ــ الإسرائيلي عموماً، والحقوق الوطنية والإنسانية والتاريخية للشعب الفلسطيني خصوصاً، ثم بصفة أكثر تخصيصاً طرائق دولة الاحتلال في توسيع الاستيطان من خلال اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم وطردهم منها، وتهديم البيوت، وردم الآبار بالأسمنت، وتجريف الأراضي، في القرية الفلسطينية مسافر يطا جنوب الضفة الغربية المحتلة".
ويقول المقال إن الجانب الثاني "الذي يُكسب الفيلم أهمية نوعية خاصة يتمثل في أنّ مخرجي الفيلم هم الفلسطينيان باسل عدرا وحمدان بلال، والإسرائيليان يوفال أبراهام وراشيل سزور، وبالتالي فإن رسالة الشريط تصدر عن ائتلاف مشترك يناهض سياسات الاستيطان... كما يدين قوانين التمييز العنصرية عموماً وممارسات حكومة بنيامين نتنياهو الأكثر يمينية وفاشية".
وتوضح الصحيفة أن الجانب الثالث الذي أسهم في تكريم "لا أرض أخرى"، هو "الخصائص الفنية العالية" لفيلم يخرج عن "كثير من تقاليد صناعة السينما التسجيلية"، ذلك لأن مَشاهد الفيلم ترصد "سلسلة الفظائع التي اقترنت بتدمير القرية وطرد سكانها، ليس عبر التوثيق غير المباشر أو اقتباس شهادات لاحقة أو توظيف موادّ مرئية أو محكية ذات صلة، بل اعتماداً على حضور الكاميرا الحيّ واللصيق والمتابع والمراقب. ولعلّ هذا الجانب تحديداً كان بصمة المصداقية الكبرى للفيلم...".