في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
واشنطن- يعتزم الرئيس الأميركي دونالد ترامب تنفيذ ما تعهد به خلال حملته الانتخابية من البدء بعمليات ترحيل جماعي في اليوم الأول من فترة رئاسته الثانية.
ويلقى تشدد ترامب تأييدا كبيرا في الدوائر الجمهورية، خاصة بين أبناء الطبقات العاملة ذات التعليم المحدود، التي يقلقها قدوم ملايين المهاجرين سنويا دون عمليات تدقيق جادة عند عبورهم الحدود، إضافة لما يعتبرونه آثارا ضارة تخفض مرتبات المهن المتدنية، وترفع أسعار الإيجارات والمساكن.
ومن المقرر أن تبدأ مداهمات احتجاز وترحيل المهاجرين الذين يعيشون في الولايات المتحدة بصورة غير قانونية فور تولي ترامب الحكم، لكن من غير الواضح أين ستبدأ هذه العمليات، التي سبق وأن أكد وتعهد مسؤول ملف الهجرة الجديد توم هومان، بالقيام بها على الفور.
حدد ترامب أجندة طموحة ليومه الأول في منصبه، مع التركيز على سلسلة من الإجراءات التنفيذية التي تترجم تعهداته بخصوص ملف الهجرة إلى واقع جديد، حيث ستشمل أوامر ترامب الرئاسية مبادرات تتعلق الهجرة، وعلى رأسها:
وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال" قد أشارت إلى أن عمليات الترحيل ستبدأ صباح غد الثلاثاء في مدينة شيكاغو، وهي مدينة بها عدد كبير من المهاجرين غير النظاميين، إلا أنه ومع تسريب خبر بدء عملية الترحيل، تعيد إدارة ترامب النظر في توقيت ومكان بدء هذه العمليات.
وفي مقابلة مع شبكة "فوكس" الإخبارية، وعد مسؤول ملف الهجرة هومان بتنفيذ مداهمات كبيرة في جميع أنحاء البلاد، وأن تحرك إدارة ترامب سيكون من خلال عمليات منظمة لإنفاذ القانون، مؤكدا أن "هذه الجهود والإجراءات قد خطط لها جيدا".
ومن المتوقع أن تقوم وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك (ICE) بعمليات القبض على هؤلاء المهاجرين وترحيلهم، وأشارت صحيفة "نيويورك تايمز" إلى أن 55% من الأميركيين إما يؤيدون بقوة أو إلى حد ما تنفيذ عمليات ترحيل جماعي بحق المهاجرين غير النظاميين.
لكن وفي الوقت ذاته، رفعت الكثير من المنظمات الحقوقية، وعلى رأسها الاتحاد الأميركي للحريات المدنية دعاوى قضائية لعرقلة جهود الترحيل.
من المتوقع أن تستهدف عملية الترحيل الجماعية المخطط لها عراقيل كبيرة، خاصة في المدن التي اعتبرت نفسها "ملاذا آمنا" للمهاجرين، وتعهد مسؤولوها الديمقراطيون بعدم التعاون مع مسؤولي الهجرة الفدراليين، ومن أهم وأكبر تلك المدن، نيويورك، وشيكاغو، وميامي، وهيوستن، وسياتل، ولوس أنجلوس، وسان فرانسيسكو، وكذلك واشنطن، ودنفر، وأورلاندو، وبوسطن.
ووفقا لأحدث التقديرات، يقيم ما يقرب من 15 مليون مهاجر غير نظامي حاليا في الولايات المتحدة، وهو ما يمثل ما يقرب من 4.3% من إجمالي سكان الولايات المتحدة، البالغ عددهم 341 مليون شخص، حيث يعد ملايين المهاجرين غير النظاميين جزءا لا يتجزأ من الاقتصاد الأميركي.
وترتفع نسب المهاجرين في قطاعات بعينها مثل البناء والزراعة، وخدمات الضيافة والسياحة، ورعاية المسنين، وبقية الوظائف الدنيا في السلم الاجتماعي، مثل أعمال النظافة والصيانة، ومع بدء عمليات الترحيل الجماعي، ستعاني الكثير من الشركات الأميركية لتعويض الفراغ في الوظائف التي يشغلها المهاجرون غير النظاميين حاليا.
ويشعر الخبراء بالقلق من التوجه لترحيل مثل هذا العدد الكبير من المهاجرين غير النظاميين في وقت واحد، حيث من الممكن أن يترك فجوة في القوى العاملة، إضافة لتكلفة البحث عن عمالة بديلة، كما أنه من المتوقع أن ترتفع الأسعار وتزيد نسبة التضخم، مما يضع ضغوطا مالية على جميع الأميركيين، رغم تأكيد ترامب وتعهده برفض المزيد من التعريفات الجمركية على الواردات الأميركية.
وفي حديث تلفزيوني، قال مدير دراسات الهجرة في معهد كاتو بالعاصمة واشنطن ديفيد بير "ستكون هناك مشكلات في سلسلة التوريد، وستكون هناك زيادات في الأسعار، وانخفاضات في الخدمات".
وأضاف بير "لا يمكننا أن نقول على وجه اليقين ما الآثار الفورية لعملية الترحيل، ولكن بناء على ما نعرفه من جهود الترحيل الجماعي السابقة، يبدو أن السلع والخدمات التي يتركز فيها المهاجرون غير النظاميين بشكل كبير -مثل البناء والزراعة- من المرجح أن ترتفع أسعارها نتيجة لجهود الترحيل الجماعي، بدلا من الانخفاض الذي وعد به ترامب".
أشار تقرير نشره مركز دراسات الهجرة أنه في حال تنفيذ عملية ترحيل جماعي على شكل دفعة واحدة لـ10 ملايين مهاجر، فإن تكلفة هذه العملية لن تقل عن 315 مليار دولار.
وطبقا للتقرير، الذي اطلعت عليه الجزيرة نت، فإن هذا الرقم لا يشمل التكاليف طويلة الأجل لعملية ترحيل جماعي مستدامة، أو التكاليف الإضافية التي لا تحصى واللازمة لاكتساب القدرة المؤسسية على ترحيل هذا العدد الكبير في فترة زمنية قصيرة لا يمكن حسابها.
ورغم أن الحكومة الأميركية ترحّل سنويا ما يقدر بنصف مليون مهاجر، فإن تطبيق إجراءات الترحيل المزمع اتخاذها لا يمكن أن تتم دون تنفيذ عمليات اعتقال جماعي كخطوة مؤقتة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن إجمالي نزلاء السجون في الولايات المتحدة في عام 2022 في كل السجون المحلية والسجون الفدرالية بلغ حوالي 1.9 مليون شخص.
وبإدخال تكاليف عمليات الاحتجاز والمعيشة والرعاية الطبية، يقدر التقرير ألا تقل التكلفة النهائية لعمليات الترحيل عن 968 مليار دولار، وتنفذ على مدى أكثر من عقد من الزمان.
ويتضمن هذا الرقم تكلفة بناء مراكز احتجاز ضخمة، وبناء وصيانة أكثر من ألف قاعة جديدة لمحاكم الهجرة للنظر في ترحيل الملايين من المهاجرين.
يُذكر أن العديد من المهاجرين الذين تم ترحيلهم سابقا تم القبض عليهم أثناء محاولتهم دخول الولايات المتحدة، وليس فقط أولئك الذين يعيشون داخلها بالفعل.
ولذلك فإن أي اقتراح للترحيل الجماعي يثير أسئلة واضحة حول قدرة السلطات الأميركية على تنفيذ أكبر عملية لإنفاذ القانون في تاريخ العالم، ومدى الثمن الذي ستدفعه خاصة فيما يتعلق بالتأثير على اقتصادها والقوى العاملة والسوق الاستهلاكية.