في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
بغداد- كشف وزير التربية العراقي إبراهيم نامس الجبوري عن سلسلة من الإجراءات التي اتخذتها وزارته لمكافحة نسب الأمية ومعدلات التسرب المرتفعة المسجلة في السنوات السابقة، مؤكدا أن الموازنة المرصودة لبرامج وزارة التربية ليست كافية لاستدراك النقص، داعيا لزيادتها.
كما أوضح الوزير، في مقابلة خاصة مع الجزيرة نت، أن الوزارة بصدد إعادة النظر في عمل المدارس الأهلية لتحسين جودة التعليم الخاص، بالتوازي مع العمل على جسر الفجوة الكبيرة بينه وبين التعليم الحكومي الذي يعاني من تحديات عديدة.
وبجانب ارتفاع معدلات التسرب المدرسي والأمية، يواجه النظام التعليمي في العراق تحديات أبرزها نقص البنية التحتية المدرسية، والتفاوت في جودة التعليم وتهم الفساد.
وفيما يلي نص الحوار:
تُظهر الأرقام الصادرة عن وزارة التخطيط، التي تعود إلى فترة ما قبل عام 2020، ارتفاعا ملحوظا في نسب الأمية، لا سيما بعد سيطرة تنظيم الدولة على مناطق واسعة من البلاد في عام 2014، فقد أدت هذه الفترة العصيبة إلى توقف الدراسة في العديد من المدارس، وتسرب أعداد كبيرة من الطلاب، خاصة في المناطق المحررة حديثا.
ولكن الحكومة العراقية لم تستسلم لهذه التحديات، فقد عملت وزارة التربية على افتتاح مراكز تعليمية في المخيمات والمناطق المحررة، ووفرت الدعم اللازم للطلاب النازحين، كما أطلقت حملات واسعة النطاق لتعليم الكبار، وشملت هذه الحملات موظفي الدولة، خاصة في المؤسسات الأمنية.
ومن المتوقع أن تسهم نتائج التعداد السكاني الأخير في تحديد النسبة الدقيقة للأمية في العراق، التي من المتوقع أن تكون أقل من النسب المسجلة سابقا، ويعود ذلك إلى الجهود الحثيثة التي تبذلها الحكومة العراقية بالتعاون مع المنظمات الدولية، والتي تهدف إلى توفير فرص التعليم للجميع، وتعزيز الوعي بأهمية التعليم في بناء المجتمع.
بعد عام 2003، شهد العراق سلسلة من الحكومات التوافقية التي شكلت على أساس المحاصصة الطائفية والقومية، وانعكس هذا النظام بشكل واضح على جميع المؤسسات الحكومية، بما في ذلك وزارة التربية ولم تعد التربية مؤسسة خدمية بحتة، بل أصبحت جزءا من الصراع السياسي على النفوذ والموارد.
هذا الوضع، إلى جانب التحديات الأمنية والاقتصادية التي واجهها العراق، أدى إلى تدهور حاد في مستوى الخدمات التعليمية، فالنقص الحاد في المباني المدرسية، وقلة عدد المعلمين، كلها عوامل ساهمت في تراجع مستوى التعليم.
ورغم هذه التحديات، سعت الحكومة الأخيرة إلى مكافحة الفساد في قطاع التربية، من خلال تشكيل لجان متخصصة وتطبيق أنظمة إلكترونية للحد من التعاملات اليدوية، وقد أثبتت هذه الإجراءات فعاليتها في تقليل حالات الرشوة والابتزاز.
ومع ذلك، لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به لتحسين واقع التعليم في العراق، فالمؤسسة التربوية هي أكثر المؤسسات تأثرا بالتغيرات السياسية والاجتماعية التي يشهدها البلد، نظرا لكونها تتعامل مع أعداد كبيرة من الطلاب حيث وصلت أعدادهم إلى حدود 13 مليون طالب وأكثر من 40 ألف مدرسة و57 معهد رياض أطفال، لذلك، فإن أي تحسن في قطاع التربية يتطلب إصلاحات شاملة في مختلف المجالات، بدءا من تطوير المناهج الدراسية وصولا إلى تأهيل الكوادر التعليمية.
يعتبر التعليم الأهلي في العراق نتاجا طبيعيا للقانون الخاص بالتعليم العام والأهلي والأجنبي، الذي يعود تاريخه إلى فترة ما قبل عام 2003، ومع ذلك، فقد شهد هذا القطاع نموا ملحوظا وتوسعا كبيرا في السنوات الأخيرة.
يقدم التعليم الأهلي بديلا جذابا للعديد من الأسر العراقية، خاصة في ظل التحديات التي تواجه التعليم الحكومي، فهو يوفر بيئة تعليمية أكثر استقرارا وأمانا، ويستخدم في كثير من الأحيان مناهج دراسية حديثة وأساليب تدريس مبتكرة، كما أن وجود كادر تدريسي مؤهل ومدرب بشكل جيد في بعض المدارس الأهلية يجعلها خيارا مفضلا للعديد من أولياء الأمور.
ورغم هذه المزايا، فإن قطاع التعليم الأهلي يعاني من بعض التحديات، مثل التفاوت الكبير في جودة المدارس الأهلية، ولذلك، فقد قامت وزارة التربية بوضع آليات جديدة لمراقبة وتقييم هذه المدارس، وضمان التزامها بالمعايير التعليمية المحددة.
ومن أبرز الإجراءات التي اتخذتها الوزارة في هذا الصدد، إعادة النظر في تراخيص المدارس الأهلية، وإغلاق تلك التي لا تستوفي الشروط المطلوبة، كما عملت الوزارة على تطوير المناهج الدراسية في المدارس الحكومية، وتحسين مستوى المعلمين، وذلك بهدف رفع مستوى التعليم الحكومي وتقليص الفجوة بينه وبين التعليم الأهلي.
ورغم التحديات التي تواجهه، يعتبر قطاع التعليم الأهلي جزءا مهما من النظام التعليمي في العراق، وهو بحاجة إلى مزيد من الاهتمام والدعم من قبل الحكومة والمجتمع المدني.
تواجه الوزارة تحديات كبيرة نتيجة نقص التخصيصات المالية، مما يؤثر بشكل مباشر على جودة العملية التعليمية، فالنقص الحاد في عدد المدارس، الذي يقدر بـ8 آلاف مدرسة، بالإضافة إلى المشاكل المتعلقة بالبنية التحتية للمدارس القائمة، مثل نقص المياه والكهرباء، يمثل عائقا كبيرا أمام توفير بيئة تعليمية مناسبة للطلاب.
كما أن التراجع في الإنفاق على الأنشطة اللاصفية، مثل الأنشطة الفنية والرياضية، يؤثر سلبا على نمو الطلاب الشامل، بالإضافة إلى ذلك، فإن الزيادة الكبيرة في أعداد الطلاب المسجلين، وخاصة في المرحلة الابتدائية، تضع ضغطا إضافيا على الميزانية حيث وصلت أعدادهم للمرحلة الأولى الابتدائية فقط بالعام الماضي إلى مليون و200 ألف طالب، في وقت أن تخطيط الموازنة تم إعداده على أساس 10 ملايين طالب لكل المراحل الدراسية الابتدائية والثانوية.
رغم هذه التحديات، سعت وزارة التربية إلى تحسين الواقع التعليمي من خلال إطلاق العديد من المبادرات، مثل مشروع العودة إلى المدرسة، ومشروع التغذية المدرسية، ومشروع المنح الطلابية، وقد حققت هذه المشاريع نجاحا كبيرا في زيادة نسبة الالتحاق بالمدارس.
ولكن، لا تزال هناك حاجة ماسة إلى زيادة التخصيصات المالية لوزارة التربية، لتلبية الاحتياجات المتزايدة للقطاع التعليمي، فالبنية التحتية المدرسية تحتاج إلى تطوير مستمر، وتوفير الموارد اللازمة لتشغيل المدارس بكفاءة.
وتجدر الإشارة إلى أن المشاكل التي تواجه قطاع التربية ليست وليدة اللحظة، بل هي نتيجة تراكمات تاريخية، ومع ذلك، فإن الحكومة العراقية الحالية أظهرت اهتماما كبيرا بتطوير قطاع التربية، ونأمل أن تشهد المرحلة المقبلة زيادة في التخصيصات المالية لوزارة التربية، حتى تتمكن من القيام بدورها في بناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة.
أعطت وزارة التربية العراقية الأولوية خلال العام الماضي لمشاريع بناء وتأهيل المدارس، إيمانا منها بأن توفير بيئة تعليمية مناسبة هو الأساس لتحقيق أي تقدم في مجال التربية والتعليم، وقد شهد هذا الملف اهتماما كبيرا من الحكومة العراقية، وتم تخصيص ميزانيات ضخمة لبناء وتأهيل آلاف المدارس في جميع أنحاء البلاد.
أطلق رئيس مجلس الوزراء في 23 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، مشروعا لبناء أكثر من 790 مدرسة، ويهدف إلى زيادة هذا العدد إلى ألف مدرسة خلال الفترة المقبلة، بالإضافة إلى ذلك، أعيد إحياء مشروع بناء 400 مدرسة كان قد توقف سابقا، وتم تخصيص ميزانية لترميم 2000 مدرسة متضررة.
إن الوزارة واجهت تحديات كبيرة في تأمين الأراضي اللازمة لبناء المدارس الجديدة ومعالجة المشاكل المتراكمة كالدوام المزدوج أو نقص المدارس ببعض المناطق أو الصفوف المكتظة، وللتغلب على هذه المشاكل، تم اتخاذ عدة إجراءات، مثل حث المتبرعين على التبرع بالأراضي، وتخصيص قطع أراض من قبل الحكومة، وتوفير حوافز للمتبرعين كالتعيينات أو غيرها، التي أثمرت عن توفير ما بين 2000 و3 آلاف قطعة أرض لبناء مدارس عليها.
يهدف هذا الاستثمار الكبير في قطاع التعليم إلى تحسين جودة التعليم، وتوفير بيئة تعليمية آمنة ومحفزة للطلاب، فمن خلال توفير المدارس الحديثة والمجهزة، يمكن للطلاب ممارسة الأنشطة اللاصفية المختلفة، مثل الأنشطة الفنية والرياضية، التي تسهم في تنمية مهاراتهم وقدراتهم.
إن الاهتمام الكبير الذي توليه الحكومة العراقية لملف البنية التحتية المدرسية من بينها مشروع الـ600 مدرسة، يؤكد حرصها على تطوير قطاع التعليم، وتحقيق طموحات الشعب العراقي في بناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة.
شهد قطاع التربية في العراق إطلاق حملة واسعة النطاق لإعادة الطلاب المتسربين إلى مقاعد الدراسة، وقد جاءت هذه الحملة بالتعاون مع مستشارية مكتب رئيس الوزراء لشؤون التربية والتعليم ومنظمة اليونيسيف، بهدف تحديد أسباب تسرب الطلاب والعمل على معالجتها.
استهدفت الحملة في المرحلة الأولى حوالي 150 ألف طالب تركوا مدارسهم، ووصلنا حاليا إلى أكثر من 261 ألف طالب تركوا مقاعد الدراسة، ويعود سبب هذا التسرب الكبير إلى مجموعة من العوامل المعقدة، منها الأسباب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي أثرت سلبا على المجتمع العراقي، بالإضافة إلى عوامل تربوية مثل المناهج الدراسية غير الجاذبة والبيئة المدرسية غير المشجعة.
ولتشجيع الطلاب على العودة إلى الدراسة، قدمت الوزارة العديد من الحوافز، مثل السماح للطلاب الراسبين بالالتحاق بالمدارس المسائية والمعاهد المهنية، كما تم تطوير المناهج الدراسية وإدخال تخصصات جديدة تلبي احتياجات الواقع، وذلك لجذب الطلاب الذين يفضلون التعليم المهني.
لقد أثبتت هذه الحملة نجاحا كبيرا في الحد من ظاهرة التسرب المدرسي، ومن المتوقع أن تسهم في تحسين مؤشرات التعليم في العراق، وسوف تكشف نتائج التعداد السكاني عن انخفاض ملحوظ في نسبة الطلاب المتسربين.
تولي وزارة التربية العراقية اهتماما كبيرا بتطوير قطاع التعليم ليكون مواكبا للتطورات التكنولوجية المتسارعة، ولا سيما في مجال الذكاء الاصطناعي، وقد تم تشكيل لجنة عليا بحضور مستشار رئيس مجلس الوزراء لشؤون الذكاء الاصطناعي لدراسة سبل دمج هذا القطاع في العملية التعليمية، بمشاركة وزارة التربية وعدد من الوزارات والجهات المعنية.
تدرك الوزارة أهمية إعداد جيل جديد من الطلاب قادر على التعامل مع تقنيات الذكاء الاصطناعي وتوظيفها في مختلف المجالات، ولذلك تعمل الوزارة على توفير مفاهيم الذكاء الاصطناعي في المناهج الدراسية، ومنها مادة الحاسوب التي تعد الأساس لفهم هذه التقنيات.
كما تقوم الوزارة بتطوير برامج تعليمية متخصصة في مجال الذكاء الاصطناعي، تستهدف الطلاب الموهوبين والمتميزين، وتسعى الوزارة إلى توفير البيئة التعليمية المناسبة لتعلم الذكاء الاصطناعي، من خلال تجهيز المدارس بالحواسيب والمختبرات الإلكترونية، وتوفير الإنترنت عالي السرعة.
ومع ذلك، فإن دمج الذكاء الاصطناعي في العملية التعليمية يتطلب توفير البنية التحتية المناسبة في جميع المدارس، وهو ما يتطلب وقتا وجهدا كبيرين، وتعمل الوزارة بالتعاون مع الجهات المعنية لتوفير الموارد اللازمة لتحديث البنية التحتية للمدارس، والأرضية المناسبة التي تسهم في مواكبة تقنيات الذكاء الاصطناعي.