آخر الأخبار

المحكمة العليا: عقيلة يهدم ركن العدالة وقد يجر البلاد إلى مخاطر الفوضى القانونية والتسلط واللاشرعية

شارك
مصدر الصورة
اجتماع الجمعية العمومية للمحكمة العليا في طرابلس، الأربعاء 31 ديسمبر 2025 بشأن تصرحات رئيس مجلس النواب عقيلة صالح ضد المحكمة ورئيسها. (صورة مركبة: بوابة الوسط)

نددت الجمعية العمومية للمحكمة العليا بتصريحات رئيس مجلس النواب عقيلة صالح تجاه المحكمة ورئيسها، محذرة من أنه «يهدم ركن العدالة» و«قد يجر البلاد إلى مخاطر الفوضى القانونية والتسلط واللاشرعية»، منوهة باستمرارها في قبول الطعون الدستورية إلى حين صدور دستور دائم للبلاد يقضي بغير ذلك.

مصدر الصورة مصدر الصورة

جاء ذلك في بيان صدر عقب اجتماع غير عادي عقدته الجمعية العمومية للمحكمة العليا في طرابلس بحضور كامل أعضائها من مستشاري المحكمة، اليوم الأربعاء، «فرضه اعتداء من رئيس مجلس النواب عليها وتعرض منه لهيئات السلطة القضائية برمتها، تبصرة للمواطنين، بوصفهم أصحاب السيادة، بحقائق الأمور»، في إشارة إلى تصريحات عقيلة صالح خلال الجلسة الرسمية لمجلس النواب التي عقدت بمقره في مدينة بنغازي يوم الإثنين، والتي اتهم فيها رئيس المحكمة بـ«الخصم السياسي»، منتقدا أحكام الدائرة الدستورية بالمحكمة تجاه القوانين الصادرة عن مجلس النواب.

موقف عقيلة سابقة خطيرة تجاه السلطة القضائية
وأعربت الجمعية العمومية في البيان عن تقديرها «دقة مسؤولية مجلس النواب بالنسبة لاختصاصه بالتشريع للمرحلة الانتقالية في إطار الضوابط التي حددها الإعلان الدستوري والاتفاق السياسي الليبي (الصخيرات)، وفي ضوء اختصاص المحكمة العليا برقابة دستورية القوانين، حفاظاً على قيام دولة القانون في إطار احترام مبدأ الفصل بين السلطات والحفاظ على استقلال القضاء».

كما أعربت الجمعية العمومية للمحكمة العليا «عن بالغ أسفها، وشديد استنكارها لموقف رئيس السلطة التشريعية»، معتبرة أنها «سابقة خطيرة، تجاه السلطة القضائية في البلاد، متمثلة في قمة هرمها، والمساس بسمعة رئيسها المهنية».

- عقيلة: قوانين «6+6» صحيحة طالما لم تجتمع لتعديلها
- عقيلة: مناقشة ميزانية مفوضية الانتخابات في جلسة الغد
- خلاف بين عقيلة وقويرب حول آلية التصويت على استكمال مجلس مفوضية الانتخابات

وذكرت الجمعية العمومية «بات من المستقر عليه في قضاء المحكمة العليا أن لمجلس النواب، في ظل الإعلان الدستوري وخلال المرحلة الانتقالية سلطة موقتة بموجب الدستور، إذ رسم جدول عمله، وقصر مهمة التشريع الموكلة إليه على متطلبات المرحلة بما يكفل تسريع الانتقال إلى المرحلة الدائمة، نأياً به عن استنفاد طاقاته في غيرها».

عقيلة خالف الدستور وتجاوز حدود سلطاته
وقالت «إن السلطة القضائية في البلاد، وعلى رأسها المحكمة العليا، سلطة عريقة لم يطلها بسبب الثورة ولا من قبل تغيير ولا تبديل، بل ظلت لتماسك بنيانها صرحاً مستقلاً قائماً بمؤسساته وأنظمة عمله، يؤدي وظيفته على تمامها»، مشيرة إلى أن الإعلان الدستوري أخرج تنظيم شؤونها عن اختصاص سلطة التشريع الموقتة عملاً بمبدأ «استمرار مؤسسات الدولة بعد الثورة». وعليه، «فإن رئيس مجلس النواب إذ يتعرض اليوم لها، فإنه يأتي عملاً محظوراً مخالفاً لأحكام الدستور».

وأكدت الجمعية العمومية للمحكمة العليا على أن «إنشاء محكمة دستورية مسألة دستورية يختص بتقريرها دستور البلاد لا سلطة التشريع، فضلاً عن أن تكون هذه السلطة موقتة محدودة الاختصاصات في إطار ما تتطلبه مرحلة الانتقال من الثورة إلى حالة الاستقرار»، معتبرة أن نعت عقيلة «للمحكمة العليا بمحكمة النقض، وتعييبه لقضائها وإنكار حجيته يشكل تجاوزاً لحدود السلطة، وضرياً بأحكام القضاء وقدسيتها عرض الحائط».

عقيلة يهدم ركن العدالة
وأضافت أن عقيلة «بذلك يهدم ركن العدالة، ويمس مساساً خطيراً بركيزة الفصل بين السلطات، ويهدد شرعيته، وقد يجهض هدف المرحلة ويجر البلاد إلى مخاطر الفوضى القانونية والتسلط واللاشرعية»، منتقدة تصريحات رئيس مجلس النواب بشأن تفرغ المحكمة العليا للرقابة على دستورية القوانين لما «يستبطنه من إيحاء بانخراطها في العمل السياسي».

وأكدت على أن مزاعم عقيلة «مخالفة للحقيقة»، لأن رقابتها الدستورية على القوانين هي «إحدى واجباتها، شأنها في ذلك شأن رقابتها على المحاكم الدنيا بالأولى تصون الشرعية الدستورية، وتكفل بالثانية توحيد تفسير القانون وتطبيقه الصحيح»، لافتة إلى أن «الادعاء بأن المحكمة العليا تقضي بعدم دستورية جميع القوانين الصادرة عن مجلس النواب الموقت ادعاء باطل، يكذبه الواقع المعلوم للجميع، وتدحضه الإحصاءات والسجلات القضائية المتاحة للكافة».

وأوضحت الجمعية العمومية «أن أحكام المحكمة في الطعون الدستورية تتردد بين عدم الاختصاص، وعدم القبول. وإثبات الترك والرفض، وعدم الدستورية»، منوهة بأن القوانين التي قضت المحكمة العليا فيها بعدم دستوريتها «لا يصل عددها إلى 10 قوانين من إجمالي ما أصدره مجلس النواب من تشريعات خلال 11 عاماً».

ولفتت إلى أنه لا المحكمة العليا ولا رئيسها بخصم لأي طرف في الطعون التي تفصل فيها، لأنها «في الطعن الدستوري تلتزم أمام الله تعالى ثم الدستور، حياداً تزن فيه مناعي الطاعن ودفاع سلطة التشريع بميزان الشرعية الدستورية عبر إجراءات تحضير وفحص ومداولة بأيدي مستشاري دوائر المحكمة مجتمعة وتحقيقاً لمبدأ العلنية على أوسع نطاقه»، مؤكدة أنها «لا تقف عند مجرد القضاء بالدستورية أو بعدمها، بل يتصدر منطوق حكمها تأسيس قانوني منشور تتعمد فيه التفصيل والتأصيل، تبصيراً للمتقاضين والرأي العام على السواء بأسانيد الحكم وعدالته».

مسؤولية عقيلة عن انقسام السلطة القضائية
وقالت الجمعية العمومية إن ما يلوح به عقيلة من انقسام المؤسسة القضائية، وتحميل المحكمة العليا مسؤوليته «يشكل مغالطة كبرى أريد بها التملص من تبعات موقف مجلس النواب تجاه السلطة القضائية»، لأن المحكمة العليا «تلتزم واجبها في تطبيق الدستور وحراسته، وأما تدخل مجلس النواب الموقت في شؤون القضاء ومؤسساته تحت ستار إعادة تنظيمه، فهو ما يشكل مساساً باستقلال القضاء، وإضعافاً لسلطانه، وتنكراً لعدالته، وهو بهذا ما يزرع بذور انقسامه».

كما أكدت الجمعة العمومية على مسؤوليتها عن اختيار رئيس المحكمة العليا من بين مستشاريها، الذي اعتمده مجلسا الدولة والنواب، مبينة أن ما انطوت عليه كلمة عقيلة «يشكل من جانبه أفعالاً مجرمة بعدة نصوص جنائية» لأنه يعد «إهانة للسلطة القضائية، ومساسا بسمعة رئيس المحكمة العليا».

استمرار المحكمة العليا في نظر الطعون الدستورية
وأعلنت الجمعية العمومية استمرار المحكمة العليا «في أداء وظيفتها في الرقابة الدستورية والذود عن حوزة الدستور ضد مخالفات السلطة التشريعية لتكبح جماحها وتكشف عما انحرف من أعمالها، وتردها إلى حظيرة المشروعية كلما تخطتها، صوناً للحقوق والحريات من الانتقاص، وإسهاماً منها بما تملك في الانتقال بالبلاد إلى حالة الاستقرار».

ونوهت الجمعية العمومية للكافة في ختام البيان بأن «باب المحكمة العليا سيظل مفتوحاً أمام الطعون الدستورية إلى أن يقضي الدستور الدائم للبلاد بغير ذلك، ترسيخاً للحق في التقاضي، وحملة للأمانة العظيمة الملقاة على عاتقها».

شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا