آخر الأخبار

العام 2025: اشتباكات طرابلس و«دنانير مزيفة» و«خريطة تيتيه» و«كارثة الطائرة»

شارك
مصدر الصورة
صورة مركبة: الفريق أول الراحل محمد الحداد، والمبعوثة الأممية هانا تيتيه خلال إحاطة أمام مجلس الأمن، وسيارات تفحمت بسبب اشتباكات طرابلس، وورقة نقدية من فئة خمسين ديناراً (أرشيفية: بوابة الوسط)

شهدت ليبيا خلال العام 2025 استمراراً لمسارات الأزمة المعقدة؛ حيث تداخلت التطورات السياسية والأمنية والاقتصادية لتشكل تحدياً مستمراً لوحدة البلاد واستقرارها، وكان العام بمثابة اختبار حقيقي لقدرة المؤسسات الليبية على الصمود، في ظل انقسام حكومي متجذر وتصاعد لنفوذ التشكيلات المسلحة.

مصدر الصورة مصدر الصورة

فمنذ البداية، هيمنت قضايا الطاقة والميزانية الموحدة على المشهد الاقتصادي، بينما كانت العاصمة طرابلس على موعد مع جولات عنيفة من الاشتباكات التي كشفت عن هشاشة الوضع الأمني وتغول المجموعات المسلحة. وعلى الصعيد الدولي، حاولت الأمم المتحدة والدول الإقليمية دفع عجلة الحل السياسي؛ حيث قدمت المبعوثة الأممية خريطة طريق جديدة، لكن جاءت الأحداث المأساوية، ثم كارثة سقوط الطائرة التي أودت بحياة الفريق أول محمد الحداد والوفد المرافق له لتلقي بظلالها على المشهد.

يناير: التركيز على الطاقة والمالية
انطلقت في يناير 2025 فعاليات النسخة الثالثة من قمة ليبيا للطاقة والاقتصاد 2025، التي احتضنتها العاصمة طرابلس، بحضور رئيس حكومة «الوحدة الوطنية الموقتة» عبدالحميد الدبيبة، وعدد من أمناء منظمات النفط والشركات النفطية العالمية. شارك في القمة عدد من شركات الطاقة الأجنبية والمستثمرين وصناع القرار، بهدف تأمين الاستثمارات وتعزيز نمو قطاع الطاقة والبنية التحتية في ليبيا، وإبراز الإمكانات التي تملكها البلاد في مجال الطاقة والطاقة المتجددة، وسلطت الضوء على الفرص الناشئة، مع التركيز على جولة التراخيص التي كانت المؤسسة الوطنية للنفط تستعد لطرحها لعدد من المناطق النفطية البرية والبحرية.

وفي الشهر نفسه حث مصرف ليبيا المركزي جميع الأطراف على ضرورة الإسراع بإقرار ميزانية موحدة متوازنة للعام 2025، وتوريد الإيرادات النفطية بشكل دوري إلى المصرف، والعمل على ضمان استقلالية ومهنية المصرف في كل ما يتعلق بمسارات السياسة النقدية.

فبراير: ذكرى الثورة وتساؤلات حول الإنجاز
بعد التركيز على الملف الاقتصادي في يناير، تحول الاهتمام في فبراير إلى المشهد السياسي والاجتماعي، حيث احتفلت البلاد بذكرى ثورة فبراير، وسط تساؤلات حول مدى تحقيق أهدافها في ظل الانقسام القائم.

انطلقت فعاليات «ليلة الحمد» التي نظمتها حكومة «الوحدة الوطنية الموقتة» احتفاء بالذكرى الـ14 لثورة فبراير بميدان الشهداء في العاصمة طرابلس. احتفلت ليبيا بذكرى الثورة، وسط تساؤلات الليبيين حول ما حققته الثورة من أهداف، في ظل انقسام سياسي وعسكري أمني عاشته البلاد منذ أكثر من عقد.

مارس: تحركات عسكرية وجهود مصالحة
مع حلول مارس، عاد المشهد الأمني ليحتل الصدارة، حيث شهدت البلاد تحركات عسكرية في المنطقة الوسطى، تزامنت مع جهود سياسية مكثفة على الصعيدين الداخلي والخارجي، تمثلت في تشكيل لجان برلمانية جديدة وتوقيع ميثاق للمصالحة في أديس أبابا.

وقتها أعلنت المنطقة العسكرية الوسطى التابعة لحكومة «الوحدة الوطنية الموقتة» أن دوريات تابعة لها تحركت من مصراتة مروراً بمنطقة الشويرف ومنها إلى منطقة اللود (غرب ليبيا). أرجعت المنطقة العسكرية الوسطى هدف هذا الإجراء إلى «الحفاظ على الأمن وتأمين المنطقة من أي خروقات أمنية وعسكرية وضبط المخالفين للقانون». جاء ذلك تزامناً مع استمرار عملية أمنية شاملة نفذتها قوات المنطقة العسكرية بالساحل الغربي، لما قالت إنه «حماية المرافق الحيوية، وضمان أمن المؤسسات العامة والخاصة، وتعزيز الأمن في المدينة والمناطق المجاورة».

كما شهدت العاصمة الإثيوبية أديس أبابا في مارس التوقيع على «ميثاق السلام والمصالحة الوطنية» في ليبيا، بحضور رئيس جمهورية الكونغو ورئيس اللجنة الرفيعة المستوى للاتحاد الأفريقي بشأن ليبيا دينيس ساسو نغيسو، ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي. لم يشارك المجلس الرئاسي في مراسم التوقيع.

كشف أعضاء في مجلسي النواب والأعلى للدولة عن تشكيل لجنة جديدة سُميت «4+4» منبثقة عن الاجتماع التشاوري بين المجلسين، الذي عقِد في العاصمة المصرية القاهرة.

أبريل: الاهتمام الدولي يتزايد
في أبريل، انتقل الملف الليبي إلى واجهة الاهتمام الدولي، مع تقديم الممثلة الخاصة للأمين العام، هانا تيتيه، أول إحاطة لها أمام مجلس الأمن، بالتزامن مع إظهار الولايات المتحدة اهتماماً متزايداً بالتعاون الأمني عبر زيارة سفينة عسكرية إلى طرابلس.

استعرضت في أول إحاطتها أمام مجلس الأمن الدولي، أحدث التطورات السياسية والاقتصادية والأمنية في ليبيا. وأشارت إلى أنها وجدت آراء متباينة من معظم القادة الليبيين، لكنهم دعوا إلى عملية سياسية شاملة، وأشاروا إلى الحاجة الملحة لإنهاء الإجراءات أحادية الجانب وتوحيد المؤسسات واستعادة الاستقرار.

أعلنت السفارة الأميركية لدى ليبيا وصول السفينة «يو إس إس ماونت ويتني» (USS Mount Whitney) إلى طرابلس، وذلك بعد توقفها في تونس. جاء ذلك بالتزامن مع زيارة نائب الأدميرال جيه تي أندرسون، قائد الأسطول السادس للبحرية الأميركية، والمبعوث الأميركي إلى ليبيا ريتشارد نورلاند، والقائم بالأعمال في السفارة جيريمي برنت، لطرابلس وبنغازي، لمناقشة سبل التعاون الأمني بين الولايات المتحدة وليبيا، وتعزيز الأمن الإقليمي، وتأكيد دعم الولايات المتحدة لوحدة ليبيا.

- جريدة «الوسط»: شكوك تلاحق مصير خريطة تيتيه الأممية
- مركز بحثي: اشتباكات طرابلس ضربة تتخطى حدود ليبيا وتعيد تشكيل قواعد اللعبة الأميركية
- جريدة «الوسط»: رحيل الحداد يوحد المشهد.. ويتجاوز الانقسام

مايو: اشتباكات طرابلس الدامية
لم يكد ينتهي أبريل حتى انفجر الوضع الأمني في مايو، حيث عاشت طرابلس 48 ساعة عصيبة من الاشتباكات الدامية، التي كشفت عن تغول التشكيلات المسلحة وأدت إلى مطالبات بوضع خريطة أمنية وعسكرية جديدة.

عاش السكان 48 ساعة عصيبة هزت العاصمة الليبية طرابلس، بعد اشتباكات دامية اندلعت في شوارع وأحياء المدينة بين قوات اللواء «444 قتال» وقوات دعم الاستقرار، عقب مقتل قائد جهاز دعم الاستقرار التابع للمجلس الرئاسي عبدالغني الككلي الشهير باسم «غنيوة».

أظهرت الحادثة مرة أخرى تغول المجموعات المسلحة التي شكلت ما يشبه دولة داخل دولة. أعلنت وزارة الدفاع في حكومة «الوحدة الوطنية الموقتة» انتهاء العملية العسكرية في طرابلس بنجاح، مؤكدة سيطرتها على كامل مقار جهاز الدعم والاستقرار. في المقابل، أفادت وزارة الداخلية بأن العاصمة طرابلس «آمنة ومستقرة»، داعية الموظفين والمواطنين إلى استئناف أعمالهم والمساهمة في تعزيز الاستقرار.

يونيو: عودة «ثلاثي الجوار»
بعد اشتباكات مايو، عاد «ثلاثي الجوار» (مصر والجزائر وتونس) ليُنشط التنسيق العربي حول الملف الليبي في يونيو، داعياً الأطراف الليبية إلى ضبط النفس والمضي قدماً في العملية السياسية.

فتحت عودة اجتماعات مصر والجزائر وتونس باباً للأمل بشأن دعم دولي لحل الأزمة في ليبيا من جبهة دول الجوار العربي، وذلك على وقع اجتماع مهم لوزراء خارجية الدول الثلاث في القاهرة. قررت الدول الثلاث عقد جولتين أخريين استضافتهما الجزائر وتونس هذا العام، وخرجت برسائل سياسية مهمة إلى الأطراف الليبية. كانت الآلية الثلاثية بين مصر والجزائر وتونس قد دُشنت العام 2017 وتوقفت العام 2019، وحمل إحياء اجتماعهم دعوة واضحة من جانب وزراء خارجية الدول الثلاث إلى «التزام أقصى درجات ضبط النفس والوقف الفوري للتصعيد».

يوليو: كارثة «الدنانير المزيفة» ومخاوف الانهيار
في يوليو، تداخلت الأزمة الأمنية مع كارثة اقتصادية، حيث ظهرت مخاوف من انهيار «هدنة طرابلس»، بالتزامن مع اكتشاف قضية «الدنانير المزيفة» التي أضافت تحدياً جديداً للوضع المالي المتردي.

كشف تقرير عن اكتشاف 3.5 مليار دينار مزيفة، ما ربط بين تردي الوضع الاقتصادي والمالي الليبي واكتشاف هذه الأموال وهشاشة الوضع الأمني، في ظل تعرض البلاد لضغوط خارجية في ملفي الهجرة غير النظامية والطاقة.

- من حرب السودان إلى «صفقة السلاح».. ما التداعيات على المشهد الليبي؟
- تقرير إيطالي: لهذه الأسباب تحرص الصين على العودة إلى ليبيا
- البنك الدولي: انتعاش قوي للاقتصاد الليبي خلال الأشهر التسعة الأولى في 2025

تزايدت المخاوف من انهيار الوضع الأمني في العاصمة، حيث أبرز تقرير الحصيلة المروعة للنتائج الأولية لاشتباكات طرابلس مخلفة 15 قتيلاً. وجه رئيس حكومة «الوحدة الوطنية الموقتة» عبدالحميد الدبيبة خطاباً وقتها إلى التشكيلات المسلحة الخارجة عن القانون، قال فيه: «صبرُنا نفد وآن الأوان لبسـط سلطة الدولة».

أغسطس: خيرطة طريق تيتيه
استجابة لتفاقم الأوضاع، قدمت المبعوثة الأممية هانا تيتيه في أغسطس «خريطة طريق» أمام مجلس الأمن، محاولة وضع إطار زمني لإنهاء الانقسام وتوحيد المؤسسات، اقترحت خلالها خريطة طريق مبنية على ثلاث ركائز أساسية، وقالت إن تنفيذها سيكون محفوفاً بالتحديات، ما يحتاج دعم مجلس الأمن والقوى الخارجية. نصت خريطة الطريق على تنفيذها عبر عملية تدريجية متسلسلة، وفق إطار زمني يتراوح ما بين 12 و18 شهراً، من خلال إعداد إطار انتخابي سليم، وتوحيد المؤسسات عبر حكومة جديدة موحدة، وحوار يتيح المشاركة الواسعة لليبيين.

رحب مجلس الأمن الدولي بإحاطة المبعوثة الأممية والتي أوجزت فيها خريطة طريق تهدف إلى المضي قدماً في عملية سياسية، لإنهاء الانقسام السياسي، وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية حرة ونزيهة وشفافة وشاملة للجميع في البلاد، في غضون فترة زمنية إجمالية مدتها 18 شهراً.

سبتمبر: عودة الهدوء السياسي والأمني
في سبتمبر، بدأت تظهر بوادر تهدئة، حيث عاد مجلسا النواب والدولة إلى الواجهة السياسية، وبدأت خطوات عملية لإنهاء مظاهر التوتر المسلح في طرابلس، تمهيداً لتنفيذ الخريطة السياسية الأممية.

أُعيد ضبط الوضع الأمني بطرابلس على وقع عدة خطوات، ليتكرر التساؤل إن كان الأمر يتعلق بإعادة تموضع أو مرحلة استقرار دائم، لا سيما أن تنفيذ الخريطة السياسية التي قدمتها المبعوثة الأممية هانا تيتيه كان يحتاج إلى تهدئة.

أكتوبر: التركيز على المسار الديمقراطي
مع استمرار الهدوء النسبي، تحول الاهتمام في أكتوبر إلى المسار الديمقراطي، حيث أعلنت المفوضية العليا للانتخابات عن الجدول الزمني لتنفيذ انتخابات المجموعة الثالثة من المجالس البلدية.

أعلنت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات الجدول الزمني الخاص بتنفيذ انتخابات المجموعة الثالثة من المجالس البلدية منتهية الولاية القانونية والمستحدثة بمجالس تسييرية للعام 2025. أصدرت المفوضية القرار رقم «199» الخاص بمواعيد الانتخابات بعد الاطلاع على الإعلان الدستوري الصادر في 3 أغسطس 2011، وتعديلاته والقوانين المرتبطة به.

نوفمبر: تحذيرات سياسية وتعزيز أمني
في نوفمبر، عادت التحذيرات السياسية إلى الواجهة، حيث أشار المشير خليفة حفتر إلى أن تداعيات الأزمة تهدد وحدة البلاد، بالتزامن مع زيارة وفد ليبي لمعرض أمني دولي في باريس، ما يعكس استمرار الاهتمام بتعزيز القدرات الأمنية.

قال قائد قوات «القيادة العامة» المشير خليفة حفتر إن «تداعيات الأزمة السياسية في ليبيا تهدد وحدة البلاد ومستقبلها»، مضيفاً أن الحلول الحقيقية للأزمة ورسم مسار لعلاجها «لا يأتي إلا من إرادة الشعب الليبي، لينتزع حقه في تقرير مصيره». جاء ذلك خلال لقاء حفتر مشايخ وأعيان وحكماء قبائل مدينة غريان، بحضور رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب أسامة حماد ورئيس الأركان بـ«القيادة العامة» الفريق أول ركن خالد حفتر.

كما زار وفد ليبي بقيادة رئيس الحرس الرئاسي اللواء عطية الطالب المعرض العالمي لمعدات الأمن الداخلي «ميلوبول» في باريس. استقبل الوفد المدير الفرنسي الجديد للتعاون الأمني الدولي جورج سالينس، حيث ناقش الطرفان تعزيز التعاون في مجال حماية المؤسسات والأفراد. أشارت السفارة الفرنسية إلى أن الزيارة أتاحت للوفد الليبي لقاء ممثلي أكثر من 80 شركة متخصصة وحضور عرض ميداني لوحدة «RAID»، وهي وحدة تدخل النخبة التابعة لوزارة الداخلية الفرنسية.

ديسمبر: الحوار المهيكل وكارثة الطائرة
اختتم العام بتطورين رئيسيين في ديسمبر؛ الأول هو إطلاق البعثة الأممية للإطار المرجعي لـ«الحوار المهيكل» كجزء من خريطة الطريق، والثاني هو الحدث المأساوي لسقوط الطائرة الذي وحد المشهد السياسي في إعلان الحداد الرسمي.

أعلنت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا إطلاق الإطار المرجعي لـ«الحوار المهيكل»، باعتباره أحد المكونات الأساسية لخريطة الطريق السياسية، التي جرى الإعلان عنها في 21 أغسطس الماضي، بهدف دعم المسار السياسي الشامل، وتعزيز فرص التوافق الوطني. اختُتمت الجلسات الافتتاحية لـ«الحوار المهيكل»، التي يُتوقع أن تنتهي بإعداد «توصيات عملية» قائمة على التوافق من شأنها المساعدة في تهيئة الظروف اللازمة لإجراء انتخابات ذات مصداقية.

فُجع الليبيون بسقوط طائرة كانت تقل أبرز الوجوه العسكرية من غرب البلاد، في واقعة مفاجئة فتحت باب الأسئلة على كثير من نقاط الظل في مشهد سياسي وأمني معقد. سقطت طائرة فالكون بعد دقائق من إقلاعها من مطار «أسن بوغا» في أنقرة باتجاه العودة إلى طرابلس، وكانت تقل رئيس الأركان العامة الفريق أول محمد الحداد وأربعة من مرافقيه، إلى جانب طاقم الطائرة الثلاثة. حملت الحادثة بعداً سياسياً بحكم الانقسام الحكومي، إذ أعلنت كل من حكومة الدبيبة وحكومة أسامة حماد المكلفة من مجلس النواب بشكل منفصل الحداد الرسمي لمدة ثلاثة أيام في عموم البلاد.

شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا