توقع تقرير نشره منتدى الشرق الأوسط الأميركي أن يكون للصفقة الدفاعية الموقعة بين «القيادة العامة» وباكستان تداعيات تمتد خارج الحدود الفورية لمنطقة المغرب العربي، وعدها «حدثا جيوسياسا لافتا» يضع نهاية لحظر التسليح المفروض من قبل مجلس الأمن الدولي.
وقال المركز البحثي الأميركي، في تقرير نشر الأحد، إن توقيع الصفقة الدفاعية بقيمة 4 مليارات دولار يمثل إعادة هيكلة جوهرية للبنية الأمنية في منطقة شمال أفريقيا، مضيفا أيضا أنها «تعكس الانهيار الفعلي لحظر التسليح المفروض من قبل الأمم المتحدة، وبروز قناة عسكرية صناعية جنوب البحر المتوسط تعمل بشكل مستقل عن الرقابة أو الشروط الغربية».
تغيير المعادلة التكتيكية
كما تحدث المركز البحثي الأميركي عن «تغيير جذري في المعادلة التكتيكية في ليبيا»، وأشار موضحا إلى أنه خلال السنوات الماضية، تشكلت وتيرة العمليات العسكرية في ليبيا من خلال انتشار أنظمة الطائرات المسيرة، وبالتحديد طائرة «بيرقدار» التركية التي أثبتت قدرتها خلال المواجهات العسكرية في العام 2020. لكن تقديم أنظمة أسلحة جديدة وطائرات مقاتلة من طراز «جيه إف-17» الباكستانية بمثابة تغيير جذري لتلك المعادلة العملياتية، بحسب التقرير.
- «فوربس» الأميركية تعلق على صفقة الـ4 مليارات دولار بين «القيادة العامة» وباكستان
- من حرب السودان إلى «صفقة السلاح».. ما التداعيات على المشهد الليبي؟
- الصين في خلفية صفقة الطائرات الحربية بين «القيادة العامة» وباكستان
ومقاتلة «جيه إف-17» متعددة المهام من الجيل 4.5 يجري تطويرها بالتعاون بين باكستان والصين، وتضيف قدرات كانت غائبة سابقا عن ترسانة قوات «القيادة العامة». فهي مُجهزة برادار المصفوفة الممسوحة إلكترونيا ومتوافقة مع صواريخ «PL-15» جو-جو بعيدة المدى، ما يجعلها قادرة تقنيا على رصد الطائرات المسيرة التكتيكية والطائرات القديمة والاشتباك معها من مسافات بعيدة.
ومن منظور استراتيجي، يحول هذا الاستحواذ «القيادة العامة» من قوة تعتمد على قوات غير نظامية وحروب غير متكافئة إلى قوة تمتلك قدرات تفوق جوي على مستوى الدولة.
كما عد التقرير إضافة طائرة تدريب «سوبر مشاك» إلى ترسانة «القيادة العامة» استراتيجية مؤسسية طويلة الأجل، وقال موضحا: «فبدلا من الاعتماد حصرا على متعاقدين من جماعة (فاغنر) الروسية للحصول على الدعم الجوي، تستثمر القيادة العامة في بناء القدرات، إنشاء مسار تدريب تجريبي يضمن الاستدامة التشغيلية بشكل مستقل عن الوكلاء الأجانب».
سلاسل إمداد بديلة
وعلى صعيد عالمي، تمثل الصفقة الدفاعية، بحسب التقرير، بروز سلاسل إمداد بديلة يمكنها تجاوز الهيمنة الغربية والروسية. فالصفقة، التي تتجاوز قيمتها 4 مليارات دولار ولم يجر تأكيدها بشكل رسمي بعد، بمثابة نموذج لتعاون جنوب – جنوب، حيث تقوم قوة جنوب آسيوية مسلحة نوويا بتزويد جهة فاعلة غير حكومية أو كيان شبه حكومي في شمال إفريقيا دون الشروط السياسية المسبقة المرتبطة عادة بمبيعات الأسلحة الغربية.
وبالنسبة إلى باكستان، التي تواجه صعوبات اقتصادية وبحاجة ماسة إلى عملة أجنبية، تمثل الصفقة فرصة تصديرية مربحة تستفيد من صناعتها الدفاعية المحلية. أما بالنسبة لـ«القيادة العامة»، فهي تتيح له الوصول إلى معدات عسكرية متطورة دون عناء التعامل مع ضوابط التصدير الأميركية أو الأوروبية.
تحدي القوانين الدولية
والأكثر أهمية من ذلك، تمثل الصفقة، بحسب التقرير، تحديا علنيا لمصداقية القانون الدولي وتؤشر على فقدان آليات مجلس الأمن قيمتها الردعية. ويهدف حظر التسليح المفروض على ليبيا منذ العام 2011 إلى منع انتشار الأسلحة الثقيلة والمتطورة في مشهد شديد الانقسام.
وقال التقرير: «وصف مسؤولون دفاعيون من باكستان حظر التسليح الأممي بأنه حبر على الورق. هذا التقييم الصارخ يؤكد واقعا يجري فيه تجاوز آليات الإنفاذ الدولية، مثل عملية «إيريني الأوروبية، عبر ممرات جوية أو عمليات نقل مباشرة بين الحكومات تتجاهل بروتوكولات الحظر البحري».
وأضاف أن «غياب أي إدانة دبلوماسية فورية للصفقة سواء من قبل واشنطن أو بروكسل تشير إلى قبول ضمني للوضع القائم الراهن، أو ربما شلل استراتيجي ناتج عن أولويات المنافسة».
المصدر:
بوابة الوسط
مصدر الصورة