آخر الأخبار

من إعادة إحياء المسار السياسي إلى التلويح بالنهج البديل.. “تيتيه” تُصعّد من لهجتها وتحذّر من تجاوز الأجسام الحالية

شارك

منذ تعيينها ممثّلة خاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا ورئيسة لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا مطلع العام الجاري، حاولت “هانا تيتيه” تبني نهجًا نشطًا لإعادة إحياء العملية السياسية الليبية، بعد سنوات من الانسداد المؤسسي وأزمات الشرعية التي أعاقت الوصول إلى انتخابات شاملة وتوحيد مؤسسات الدولة.

تشكيل اللجنة الاستشارية

وفي فبراير الماضي، شكلت البعثة لجنة استشارية ضمّت نحو 20 شخصية ليبية ذات خبرة في الشؤون الدستورية والقانونية والانتخابية، بهدف تقريب وجهات النظر ومعالجة العقبات التي تحول دون إجراء الانتخابات.
اللجنة قدّمت تقريرها في مايو بعد سلسلة اجتماعات في طرابلس وبنغازي، متضمّنًا مقترحات فنية وسياسية لتجاوز الخلافات المتعلقة بالقوانين الانتخابية والتعديلات الدستورية.

مشاورات وطنية واسعة

أعقبت اللجنة مشاورات شاملة أطلقتها تيتيه على مستوى البلاد، تضمنت زيارات ميدانية للمدن الليبية ولقاءات مع السلطات المحلية والمنتديات المجتمعية، بالإضافة إلى استطلاع إلكتروني شارك فيه أكثر من 22,500 مواطن. هدفت هذه المشاورات إلى قياس تفضيلات الليبيين بشأن المسار السياسي وخارطة الطريق المقترحة.

وفي إحاطتها أمام مجلس الأمن الدولي في 21 أغسطس، أكدت تيتيه أن المشاورات أظهرت رغبة واضحة لدى الليبيين في التوجه نحو انتخابات وطنية قائمة على أسس توافقية ومؤسسات موحّدة.

خارطة طريق بثلاثة أعمدة

في أغسطس 2025، قدّمت تيتيه خارطة طريق سياسية جديدة تهدف إلى كسر الجمود القائم، وتوحيد المؤسسات، وضمان تنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية في مدى زمني يتراوح بين 12 و18 شهرًا.

وترتكز الخارطة على ثلاثة أعمدة رئيسية:

إطار انتخابي متين من الناحية القانونية والفنية.

توحيد المؤسسات من خلال حكومة موحّدة قادرة على إدارة المرحلة الانتقالية.

حوار وطني شامل يجمع الفاعلين السياسيين لحل الخلافات في الملفات الأمنية والاقتصادية والتشريعية.

وقد بدأت البعثة تنفيذ بعض بنود الخارطة، من بينها دعم اللجنة المشتركة (6+6) في مناقشة القوانين الانتخابية والتنسيق مع مجلسي النواب والدولة لتعزيز التوافق السياسي.

تفاعل دولي داعم

في سبتمبر الماضي، وعلى هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، أطلعت تيتيه كبار المسؤولين من الولايات المتحدة، مصر، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، قطر، بريطانيا، السعودية، تركيا، والإمارات على آخر المستجدات السياسية والأمنية في ليبيا.

وقد أكد المجتمع الدولي خلال اللقاء دعمهم لخارطة الطريق وجهود الوساطة التي تبذلها المبعوثة الأممية، مشددين على ضرورة توحيد المؤسسات وتعزيز الأمن كخطوة أساسية نحو الانتخابات.

تحذير من “نهج بديل”

لكن في إحاطتها الأخيرة أمام مجلس الأمن، قدّمت تيتيه تقييماً صريحاً حول تعثّر تنفيذ خارطة الطريق بسبب غياب التوافق بين الأطراف الليبية، رغم ما وصفتها بـ”المشاركات البنّاءة” في الحوار.
وأوضحت أن القيادات الليبية لم تُترجم التزاماتها السياسية إلى خطوات عملية، داعية إلى مزيد من الجدية والتعاون مع البعثة لتحقيق أهداف العملية السياسية.

وفي تحذير هو الأول من نوعه، لوّحت تيتيه باعتماد “نهج بديل” في حال استمرار فشل مجلسي النواب والدولة في التوصل إلى اتفاق حول القوانين الانتخابية والمرحلة المقبلة، مشيرة إلى أن البعثة ستلتمس دعم مجلس الأمن الدولي للمضي قُدمًا في تنفيذ الخطة الأممية.
التعطيل المفتعل
عضو مجلس الدولة صفوان المسوري قال في تصريح للرائد أن إحاطة ” تيتيه” الأخيرة أمام مجلس الأمن كشفت بوضوح حجم التحديات التي تواجه البعثة، وعلى رأسها تعثّر التوافق بين مجلسي النواب والدولة بشأن استكمال مراحل خارطة الطريق، إضافة إلى تباين مواقف الدول الأعضاء بالرغم من اللغة الدبلوماسية التي استخدمها مندوبوها.

وأضاف المسوري أن المبعوثة أوضحت إمكانية إعادة تشكيل المفوضية الوطنية العليا للانتخابات والاتفاق على الإطار الدستوري خلال شهرين، إذا توفرت الإرادة السياسية، إلا أن الواقع – بحسب قوله – يُظهر استمرار حالة الجمود وتأخر المجلسين عن تنفيذ ما تم الاتفاق عليه، بما في ذلك المهلة الزمنية المحددة بعشرة أيام دون أي نتائج ملموسة.

وأشار المسوري إلى أن ما ورد في إحاطة المبعوثة بشأن تبنّي نهج بديل وطلب دعم مجلس الأمن في حال تعذّر التوافق بين المجلسين، يُعد تحذيرًا صريحًا وليس مجرد موقف دبلوماسي، مؤكدًا أن ذلك يشير إلى احتمال تجاوز الأجسام السياسية الحالية إذا طال أمد التعطيل.

وتابع المسوري أن عامل الوقت لم يعد في صالح ليبيا، وأن تغيير المسار قد يصبح ضرورة وطنية في حال استمرار التعطيل المفتعل من قبل من يسيطر على قرار مجلس الدولة حاليًا، ومن خلفه حكومة الوحدة الوطنية، موضحًا أن رد مجلس الدولة على مقترحات اللجنة الاستشارية مؤخرًا، وكذلك الحديث عن تشكيل لجنة موازية للجنة 6+6، يمثلان مثالين واضحين على اختلاق عراقيل متعمّدة أمام الحل السياسي.

السيطرة الكاملة
من جهته رأى عضو مجلس الدولة سعد بن شرادة أن البعثة الأممية تتجه إلى تكوين لجنة حوار جديدة للسيطرة الكاملة على المسار السياسي.
وقال في تصريح لتلفزيون المسار أن هذا التوجه يُبعد الملكية الليبية للعملية السياسية ويمنح القرار للبعثة الدولية.، مشيرا إلى أن الحوار عبر لجنة تديرها البعثة قد يستمر لسنوات بسبب الخلافات الدولية.

ورقة ضغط
و بعد أشهر من الجهود المكثفة، يبدو أن المبعوثة الأممية هانا تيتيه تسعى إلى كسر حلقة المراوحة التي عطّلت العملية السياسية في ليبيا لسنوات، عبر خارطة طريق واقعية ومنهج تصعيدي تدريجي، يجعل من “النهج البديل” ورقة ضغط دولية لإجبار الأطراف المحلية على التوافق، وإعادة ليبيا إلى مسار الاستقرار والانتخابات.

الرائد المصدر: الرائد
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا