آخر الأخبار

اشتباكات طرابلس تعيد نزاع اختصاصات الأمن والدفاع بين الرئاسي والدبيبة

شارك

تحولت التداعيات الأمنية والسياسية للاشتباكات المسلحة الدامية، التي اندلعت الثلاثاء في طرابلس، إلى ما يشبه أزمة جديدة بين رئيسي المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية، تأخذ طابع نزاع حول الاختصاصات والصلاحيات الأمنية والعسكرية، لكنها تؤثر بشكل كبير على مجرى الأحداث وإعادة تشكيل مراكز النفوذ والثقل الأمني داخل العاصمة.

ففي بيانه الثاني منذ بداية الأحداث، أعلن المنفي عدة قرارات، أبرزها تجميد قرارات الدبيبة التي اتخذها خلال الساعات الأولى التي سبقت مقتل رئيس جهاز دعم الاستقرار، عبد الغني الككلي “ذات الطابع العسكري أو الأمني في إعادة هيكلة المؤسسات الأمنية أو تكليف أشخاص بمهام عسكرية أو أمنية في حدود الاختصاصات الانتقائية للحكومة”.

وعاد المنفي ليؤكد على وقف إطلاق النار وقفاً شاملاً في جميع المناطق، وإلزام جميع الوحدات العسكرية العودة إلى مقارها فوراً دون قيد أو شرط، على أن تتولى رئاسة الأركان العامة “مراقبة وتقييم الأوضاع والإبلاغ عن أي خروقات وتحديد المسؤوليات على من يخالف ذلك”.

ونص قرار المنفي على تشكيل لجنة تقصي حقائق برئاسة رئيس الأركان العامة، بشأن الأحداث، على أن تقدم تقريرا بنتائج أعمالها إليه بالتنسيق مع المدعي العام العسكري.

نزاع اختصاصات
وتلغي قرارات المنفي حل الدبيبة لعديد الأجهزة الأمنية وعزل وتعيين قادة أجهزة أخرى، ضمن ما اعتبر جزءا من صراع النفوذ بينه وبين خصومه فيها.

والنزاع على الاختصاصات الأمنية والعسكرية بين المنفي والدبيبة ليس جديدا، بل بدأ منذ الأيام الأولى لتولي المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة مهامهما، وبدأ من الخلاف حول تعيين وزير الدفاع الذي حسمه الدبيبة بالاحتفاظ بالمنصب لنفسه، ثم استمر في محطات أخرى عديدة، منها الاعتراض على استحداث الدبيبة هياكل عسكرية جديدة وعزل وتعيين قيادات في الجيش.

وتُظهر قرارات المنفي أنه لا يقر الدبيبة على وصفه العملية العسكرية، التي تبنتها الحكومة منذ يوم الثلاثاء، بأنها تدخل ضمن فرض سلطة الدولة وتوحيد القرار العسكري والأمني في طرابلس، وإنهاء حالة الفلتان فيها، ولهذا أكد المنفي في بيانه “بصفته القائد الأعلى للجيش” على “ضرورة الوقف الفوري لجميع الاشتباكات دون قيد أو شرط والامتناع التام عن استخدام السلاح”، وحمّل “المسؤولية القانونية الكاملة لكل من يخالف هذا التوجيه”.

واعترضت أجهزة أمنية على قرار حلها، لذات السبب، وقالت إنه “من اختصاص المجلس الرئاسي لأنه الجهة التي صدر عنها قرار إنشائها” كما اعتبرته “انتقائيا لأنه يستهدف أجساما أمنية دون غيرها”.

ضغوط على الرئاسي
من جهته، حمّل رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، الدبيبة وحكومة الوحدة “المسؤولية عن الأحداث الدامية في طرابلس” لاتخاذها قرارات “متهورة لها تبعات كارثية على أمن طرابلس وسلامة أرواح سكانها، وعلى الممتلكات العامة والخاصة”.

وحث المجلس الرئاسي، بصفته القائد الأعلى للجيش، على القيام بمهامه وإصدار التعليمات والأوامر لوقف “هذا العبث بالعاصمة طرابلس، لا الاكتفاء بإصدار البيانات فقط” .

كما دعا الرئيس السابق للحكومة الليبية، فتحي باشاغا، المجلس الرئاسي إلى التدخل لاتخاذ إجراءات حازمة لـ”وقف العبث المتكرر .. وحماية المدنيين والحفاظ على أمنهم وسلامتهم، كأولوية قصوى” .

ومن داخل طرابلس نفسها، حمّلت بلدية طرابلس المركز كلا من حكومة الوحدة الوطنية والمجلس الرئاسي “المسؤولية عن تردي الأوضاع الأمنية وسلامة المواطنين وممتلكاتهم”.

قوات حيادية
وكانت الأمور تتجه نحو الحسم والهدوء الهدوء في طرابلس مساء الاثنين، لكن الوضع انفجر مجددا وتجددت الاشتباكات مخلفة قتلى وضحايا عسكريين ومدنيين وأضرارا بممتلكات وسيارات مدنية وعسكرية عديدة.

ثم أعلنت وزارة الدفاع التي يتولاها رسميا الدبيبة نفسه، بدء تنفيذ وقف إطلاق النار في جميع محاور التوتر”، وأكدت “نشر وحدات محايدة في عدد من نقاط التماس لضمان استقرار الوضع ومنع أي احتكاك ميداني”.

وظهر التوصيف كتخفيف للهجة التي ظهرت في بيانات اليوم الأول حو “فرض سيادة الدولة و التعامل بحزم”، في الوقت الذي امتدت المواجهات في عديد المناطق داخل طرابلس،
لكن الأحداث اتجهت بعدها إلى ما يشبه حالة عصيان مدني تقودها مجموعات من الشباب والمواطنين خرجت للتظاهر من أحياء عديدة في العاصمة.

حل سياسي
ولا يعرف حتى الآن كيف يمكن أن يؤثر تحرك الرئاسي في الأحداث، وإن كان كافيا لطمأنة الأطراف المتصارعة وتهدئة التوتر، وعلاقة قراراته بالتحرك السياسي الآخر الذي أطلقه مجلسا النواب والدولة، ببيانين منفصلين من عقيلة صالح وخالد المشري، لأخذ زمام المبادرة والتوجه نحو تشكيل حكومة توافقية يرضى بها الجميع “لإنقاذ البلاد من شبح الحرب والفوضى والاقتتال في أقرب وقت ممكن “؟

وتزامنت الأحداث مع إطلاق البعثة الأممية مشاورات واتصالات حول النتائج النهائية لتقرير لجنة الخبراء، ويعتقد أن ما حدث سيكسب المشروع الأممي زخما أكبر، ويساعده على تجاوز حالة “التمنع” التي تبديها الأطراف السياسية المعارضة لإعادة تشكيل السلطة التنفيذية، وهنا يبرز مدى تأثير وتأثر الخلاف الجديد بين الدبيبة والمنفي في هذا المسار.

الرائد المصدر: الرائد
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا