في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
في أعقاب الأزمات الكبرى التي تعصف بالدول، تبرز لجان التحقيق كأداة تقليدية لاستعادة الثقة وتحقيق العدالة. ومع ذلك، يرى المحلل السياسي الأميركي الإسرائيلي مارك لافي أن الحالة الإسرائيلية الراهنة بعد عامين من حرب غزة التي اندلعت في أكتوبر/تشرين الأول 2023 تتجاوز قدرة أي لجنة قانونية على الحل.
فبينما يطالب الشارع بمساءلة رسمية، يظل الانقسام السياسي والاجتماعي عميقا إلى حد لا يمكن علاجه -من وجهة نظره- إلا عبر صناديق الاقتراع، حيث يتحول المواطن من شاهد إلى قاضٍ يقرر مصير القيادة السياسية.
وتناول لافي في مقاله بالموقع الإلكتروني لوكالة الأنباء الأميركية "ذا ميديا لاين"، الجدل الدائر في إسرائيل حول كيفية المحاسبة على إخفاقات أجهزة الأمن في توقع هجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وأوضح أن استطلاعات الرأي التي أُجريت في إسرائيل تُظهر أن نحو ثلاثة أرباع الإسرائيليين يريدون تشكيل لجنة تحقيق رسمية. ويعتقد معظمهم أن مثل هذه اللجنة ستجبر الحكومة على تحمّل المسؤولية عن ذلك الهجوم الذي يُوصف على نطاق واسع بأنه أسوأ كارثة في تاريخ إسرائيل.
وقال إن هناك فجوة كبيرة بين رغبة الجمهور الذي يريد تشكيل لجنة تحقيق رسمية، وبين توجه الحكومة التي تفضل تحقيقا داخليا يبرئ ساحتها ويلقي باللوم على المستويين العسكري والاستخباراتي.
وفي اعتقاده أن كلا المسارين لن يؤديا إلى النتيجة المرجوة، لأن تفاصيل الفشل أصبحت معروفة للجميع ولا تحتاج إلى جهود استقصائية جديدة.
واستعرض لافي الأسباب التي تدعوه إلى ذلك الاعتقاد، حيث يرى أن لجان التحقيق الرسمية عادة ما تحيط بها هالة خاصة وتكتنفها بعض المغالطات الشائعة من قبيل أن تشكيل لجنة تحقيق رسمية ستقدم إجابات قاطعة وتنهي الجدل حول حرب غزة. وهو رأي لا يتفق معه الكاتب كما هو واضح في مقاله.
وأشار في مقاله إلى أن أشهر هذه اللجان، والتي يُستشهد بها اليوم كنموذج، هي لجنة أغرانات التي فحصت الإخفاقات التي سبقت حرب أكتوبر/تشرين الأول عام 1973 مع مصر وسوريا، وقد ترأسها رئيس المحكمة العليا الإسرائيلية شمعون أغرانات.
ورغم أن تلك اللجنة أطاحت بقيادات عسكرية إسرائيلية، إلا أن لافي يقول إنها لم تلمس القيادة السياسية آنذاك ممثلة في حكومة رئيسة الوزراء غولدا مائير، لأنها هي من حددت صلاحيات اللجنة. وأشار إلى أن التغيير السياسي الحقيقي في السبعينيات لم يأتِ بقرار اللجنة، بل بضغط الشارع ثم بصندوق الاقتراع عام 1977.
ويؤكد الكاتب أن الوضع في عام 2025 مختلف جذريا عن عام 1973؛ فالجيش الإسرائيلي قد أقر بمسؤوليته واستقال قادته بالفعل، بينما يرفض رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو الاستقالة، معتبرا أن إنجازاته العسكرية اللاحقة -مثل إضعاف حزب الله اللبناني وإيران– تمنحه الشرعية للبقاء. ويصف نتنياهو معارضيه بـ"الدولة العميقة"، مما يُكرِّس حالة الاستقطاب الداخلي، حسب تقدير لافي.
وخلص المقال إلى أن حل هذا الانقسام يتطلب ما هو أكثر من لجنة تحقيق. فالدبلوماسية الدولية عالقة اليوم في واقع سياسي إسرائيلي شديد الاستقطاب.
وشدد لافي في ختام مقاله على ضرورة أن يقرر الناخبون الإسرائيليون بأنفسهم ما إذا كانت إنجازات نتنياهو قد أعادت إليه شرعيته، أم أن "الكارثة" التي أسهم في حدوثها (في إشارة إلى هجوم حماس عام 2023) تعني أن الوقت قد حان لرحيله هو وتحالفه المثير للانقسام.
المصدر:
الجزيرة
مصدر الصورة