في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
الخرطوم- جلبةٌ وطرقٌ ثقيل على الباب في إحدى ليالي أبريل/نيسان 2023 والزمن حرب، كان كفيلا بتجمد الدم في عروق سميرة بشير كمبال نصر عندما دخل جنود منزلها بحي الحلفايا بمدينة بحري شمال الخرطوم الذي كانت تسيطر عليه قوات الدعم السريع .
ولما تبينت الأمر، عرفت أن التهمة دفاعها عن جارها، وفي الأثناء وقعت أيديهم على ابنها وراحوا يضربونه، وعندما تدخلت كان نصيبها الضرب 4 أسواط، كما تقول للجزيرة نت.
ما حدث تكرر مرات عدة بأشكال مختلفة طيلة 19 شهرا، ولكن ليس من مخرج فلا قدرة لها على النزوح واستئجار بيت في المدن الآمنة داخل البلاد أو الهجرة خارج السودان .
وما جرى لسميرة ليس إلا صورة مصغرة لما تعرضت له مئات آلاف الأسر التي صبرت على أذى الحرب وما صاحبها من انتهاكات وفقدان الأمن والغذاء والدواء.
وتقدر السلطات المحلية في مدينة بحري عدد العائلات التي اختارت البقاء لنحو عامين من الحرب بأكثر من 300 أسرة في ضاحية الحلفايا.
وسيطرت قوات الدعم السريع على غالب أحياء الخرطوم بحري منذ الأيام الأولى لاندلاع حربها مع الجيش السوداني في منتصف أبريل/نيسان 2023، قبل أن يستعيد الجيش السيطرة على تلك المناطق بعملية عسكرية في 26 سبتمبر/أيلول من العام الماضي.
وداخل منزلها في مدينة بحري تقول السيدة نجوى التهامي إنها كانت تعيش آمنة مطمئنة، وبعد اندلاع الحرب دفعها خوفها على ابنتها للمغادرة إلى مصر طلبا للأمان.
وبعد انجلاء الحرب عن مدينة بحري ومعظم أنحاء ولاية الخرطوم عادت نجوى إلى منزلها لتجده على غير ما تركته بفعل تعرضه للنهب والتدمير والتخريب، ولكن إحساسها بالأمان لا يضاهيه شيء، كما تقول للجزيرة نت.
وغير بعيد عن نجوى التهامي، يبدو وحيد إبراهيم سلطان سعيدا بقرار العودة، وكان منهمكا -وهو يتحدث للجزيرة نت- في إصلاح بيته الذي تعرض للنهب والتخريب بعد مغادرته لعام و8 أشهر.
ورصدت الجزيرة نت حملات لنظافة الشوارع بمدينة الخرطوم بحري وعودة الحياة إلى طبيعتها في الأسواق والمواصلات العامة.
وقال المواطن بابكر فهمي الذي يملك ملحمة بسوق الحلفايا: إن السوق عاد لنشاطه الاعتيادي، وما ينقصهم هو عودة الكهرباء المنقطعة منذ أكثر من أسبوع إثر استهداف قوات الدعم السريع لمحول الطاقة الرئيسي في سد مَرَوي شمال السودان.
وتنتظم العديد من المبادرات للعودة الطوعية من الولايات إلى الخرطوم من جهة، ومن مصر إلى السودان من جهة أخرى بمعدل 15 حافلة يوميا.
كما غادرت 5 قوافل ولاية الخرطوم إلى ولايتي الجزيرة وسنار ضمن برنامج العودة الطوعية بإشراف والي ولاية الخرطوم أحمد عثمان حمزة، حسب إعلام الولاية.
وتعهد المدير التنفيذي لمجلس محلي بحري عبد الرحمن أحمد عبد الرحمن، في تصريح للجزيرة نت بتوفير جميع الخدمات الخاصة بالمياه والكهرباء والصحة والعلاج، وتلك المتعلقة بالعون الغذائي والإنساني، وكل الخدمات المتعلقة بالثقافة والمسرح والرياضة حتى تعود بحري إلى ألقها وبريقها بأحسن مما كانت عليه.
كما تنتظم حاليا حملات نظافة في مدينة الخرطوم لمحو أذى الحرب من طرقاتها. ونشط متطوعون من فئات مختلفة في كنس وتنظيف ما خلَّفته البنادق بهدف إعادة ملامح العاصمة لسابق عهدها، بينما تكفَّل سلاح المهندسين بانتشال مخلفات الحرب المنتشرة كشبح صامت يتربَّصُ في لحظة غفلة ليحول المكان إلى مأساة.
وعادة لا يسمح للمواطنين بدخول أي منطقة أعاد الجيش السيطرة عليها إلا بإعطاء سلاح المهندسين وفرق الدفاع المدني إشارة التمام بخلوها من أي مهددات أمنية.
وعرض الدفاع المدني في فيديو نماذج لمخلفات الحرب، مناشدا المواطنين عدم حرقها والاتصال فورا بالسلطات للتعامل معها.