كشف علماء معاهد Gladstone عن آلية قد تفسر سبب تدهور الحركة لدى مرضى باركنسون ، بعض الخلايا العصبية المسؤولة عن التحكم بالحركات الدقيقة والسلسة، عندما تُفعَّل بشكل مفرط لفترات طويلة، تتدهور وتموت في النهاية.
على الرغم من أن العلماء كانوا يعرفون أن مجموعة محددة من الخلايا العصبية تموت مع تقدم المرض، إلا أن السبب كان غامضًا. الدراسة الجديدة، المنشورة في مجلة eLife، أظهرت أن التفعيل المزمن لهذه الخلايا في الفئران يؤدي مباشرة إلى موتها. ويفترض الباحثون أن فرط النشاط في دماغ مرضى باركنسون قد ينشأ من مزيج من العوامل الوراثية والسموم البيئية، إضافة إلى محاولات الخلايا التعويض عن خلايا أخرى مفقودة.
قال الدكتور كين ناكامورا، MD، Ph.D.، الذي قاد الدراسة: "السؤال الكبير في أبحاث باركنسون هو: لماذا تموت الخلايا الأكثر عرضة للمرض؟ الإجابة عن هذا السؤال قد تساعدنا على فهم سبب المرض وتوجيه البحث نحو علاجات جديدة."
يعيش أكثر من 8 ملايين شخص حول العالم مع مرض باركنسون، وهو مرض دماغي تنكسي يسبب الرعشة، بطء الحركة، تيبّس العضلات، وصعوبات في المشي والتوازن.
يعلم العلماء أن مجموعة من خلايا الدوبامين ، المسؤولة عن الحركة الطوعية، تموت لدى المرضى. وتشير الأدلة إلى أن نشاط هذه الخلايا يزداد في مراحل معينة من المرض، سواء قبل أو بعد بدء التدهور، لكن تأثير هذا النشاط على موت الخلايا كان غير واضح.
في الدراسة، استخدم الفريق تقنية تسمح بتفعيل خلايا الدوبامين لدى الفئران بشكل مستمر عبر إدخال مستقبل خاص وعلاج الحيوانات بمادة clozapine-N-oxide (CNO)، أضيفت إلى مياه الشرب لضمان استمرار التفعيل.
قالت الباحثة كاترينا رادماخر، المؤلفة الأولى للدراسة: "التفعيل المستمر عبر مياه الشرب يعطي نموذجًا أقرب لما يحدث في دماغ مرضى باركنسون مقارنة بالتفعيل القصير بالحقن، ويساعدنا على دراسة تأثير النشاط المستمر على موت الخلايا."
بعد أيام قليلة من فرط النشاط، اختلت دورة النشاط النهاري والليلي للفئران. وبعد أسبوع، بدأ تدهور الأكسونات الطويلة لبعض خلايا الدوبامين، ومع مرور شهر، بدأت الخلايا تموت.
وكان التأثير مركزًا على خلايا الدوبامين في منطقة substantia nigra، المسؤولة عن التحكم في الحركة، بينما بقيت خلايا الدوبامين في مناطق الدماغ المرتبطة بالعواطف والدافعية سليمة، وهو نفس النمط الذي يُرى لدى مرضى باركنسون.
درس الباحثون التغيرات الجزيئية في خلايا الدوبامين قبل وبعد التفعيل، ووجدوا تغييرات في مستويات الكالسيوم والتعبير الجيني المرتبط باستقلاب الدوبامين. وشرحت رادماخر: "تحاول الخلايا تجنب تراكم الدوبامين السام عبر تقليل إنتاجه، لكن مع الوقت تموت الخلايا، وينخفض مستوى الدوبامين في مناطق الدماغ المسؤولة عن الحركة."
وعند تحليل عينات دماغية لمرضى باركنسون في مراحله المبكرة، لاحظ الباحثون تغييرات مماثلة في جينات استقلاب الدوبامين، وتنظيم الكالسيوم، والاستجابة للضغط الخلوي.
لم تحدد الدراسة سبب زيادة نشاط خلايا الدوبامين، لكن ناكامورا يعتقد أن هناك عوامل وراثية وبيئية متعددة، وأن فرط النشاط قد يبدأ دورة مفرغة: زيادة النشاط تقلل إنتاج الدوبامين، ما يزيد مشاكل الحركة، فتعمل الخلايا المتبقية أكثر لتعويض النقص، لتصل في النهاية إلى الإجهاد والموت.
وأضاف ناكامورا: "هذه النتائج تفتح الباب أمام إمكانية حماية الخلايا العصبية عبر تعديل أنماط نشاطها باستخدام الأدوية أو التحفيز العميق للدماغ ، ما قد يبطئ من تقدم المرض."