تشير مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة إلى أن واحدًا من بين كل 250 شخصًا مصاب بـ FH، فيما يقدّر طبيب القلب الوقائي في "كليفلاند كلينك" أشيش سراجو، في حديث لـ "ناشيونال جيوغرافيك"، أن أكثر من 70 في المئة من المصابين لم يُشخّصوا بعد، وبعض الدراسات ترفع النسبة إلى 90 في المئة.
الكوليسترول، كما يصفه ستيفن كوبِسكي من "مايو كلينك"، مركب دهني شمعي تحتاجه كل خلية في الجسم ليؤدي وظائفه. جدران الخلايا والهرمونات تُبنى عليه، والجسم يضم 30 تريليون خلية تحتاج آلاف الجرعات منه يوميًا. ولكي يصل الكوليسترول إلى هذه الخلايا، يُعبّأ في جزيئات تعرف بالبروتينات الدهنية.
هنا يظهر التمييز بين "الكوليسترول الجيد" HDL الذي ينقل الكوليسترول بعيدًا عن الشرايين، و "الكوليسترول السيئ" LDL الذي قد يتراكم داخل جدرانها مسببًا التهابات خطيرة. يوضح كوبِسكي الأمر بمثال بسيط: "تخيّل شوكة في يدك، تصبح حمراء وملتهبة. هذا ما يحدث مع الكوليسترول في جدار الشريان، ومع تراكمه قد تتمزق بطانة الشريان، فيتكوّن تجلط دموي يؤدي إلى نوبة قلبية أو سكتة دماغية".
والخطورة أن ارتفاع الكوليسترول غالبًا ما يبقى بلا أعراض حتى بلوغ مرحلة حرجة. كثيرون لا يكتشفون حالتهم إلا خلال فحص دم روتيني، أو أحيانًا بعد مراجعة الطبيب لأسباب أخرى. وفي حالات نادرة، قد تظهر ترسّبات في الأوتار أو لويحات على الجلد، أو حلقة بيضاء حول القزحية في العين، ما ينذر بمستويات مرتفعة جدًا.
عادة ما يرتبط ارتفاع الكوليسترول بعوامل نمط الحياة مثل قلة الرياضة أو النظام الغذائي غير الصحي، وهو ما يرفع إجمالي الكوليسترول إلى ما يفوق 200 ملغ/ديسيلتر. غير أن فرط كوليسترول الدم العائلي مختلف تمامًا: طفرة جينية موروثة من أحد الوالدين أو كليهما، تجعل مستويات LDL مرتفعة بشكل دائم.
يُعدّ التشخيص المبكر في هذه الحالة بالغ الأهمية. وتوصي بعض الإرشادات بفحص الأطفال بين سن 9 و11 عامًا إذا كان الأهل مصابين بـ FH، بل وحتى في عمر أصغر عند الضرورة. أما البالغون ممن لديهم تاريخ عائلي مع أمراض القلب أو السكتات، فينبغي أن يخضعوا لفحص الكوليسترول دون تأخير.
إلى جانب ذلك، ثمة عامل وراثي إضافي يُسمى البروتين الدهني (a)، ينقل الكوليسترول ويرتبط بخطر أكبر للإصابة بأمراض القلب، خاصة لدى مرضى FH، بحسب الكلية الأمريكية لأمراض القلب.
كما يؤكد كوبِسكي لـ "ناشيونال جيوغرافيك"، يمكن لنمط حياة صحي أن يقلل مخاطر القلب بنسبة تصل إلى 80 في المئة، حتى لو لم يغيّر المستوى المرتفع من LDL. توصي جمعية القلب الأمريكية بتناول الفواكه، الخضروات، الحبوب الكاملة، الأسماك، والمكسرات، مع تقليل اللحوم المصنعة والسكريات والصوديوم.
كما تنصح بممارسة 150 دقيقة أسبوعيًا من الرياضة الهوائية المعتدلة، مثل المشي أو السباحة أو ركوب الدراجة، إضافة إلى الامتناع عن التدخين.
وتُعتبر المتابعة الدورية لفحوصات الكوليسترول ضرورية أيضًا، وقد يوصي الأطباء باستخدام أدوية مثل الستاتينات وفقًا للتاريخ العائلي ومستوى الخطر.