في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
دمشق- تشهد سوريا موجة جفاف غير مسبوقة تهدد بتلف نسبة كبيرة من المحاصيل الزراعية، مما دفع منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة ( فاو ) إلى التحذير من أن هذه الموجة قد تشكل خطرا كبيرا على الأمن الغذائي لملايين السوريين.
وتشير التقارير الصادرة عن المنظمة الدولية إلى أن شدة الجفاف وشموله مناطق واسعة في البلاد فاقما حجم الكارثة، في حين يعاني محصول القمح -الذي يعد المحصول الإستراتيجي في البلاد- أزمة كبيرة هذا الموسم بسبب غياب مياه الري وقلة هطول الأمطار.
وتشير التقديرات إلى أن إنتاج القمح خلال عام 2025 انخفض لما دون النصف، حيث بلغت تقديرات الإنتاج 38 ألف طن في حين كان الإنتاج سابقا ما يقارب 100 ألف طن، وهذا لا يكفي سوى أشهر عدة من تقديم مادة الخبز للمواطنين.
وتتوقع المنظمة "عجزا غذائيا يقدّر بـ2.7 مليون طن من القمح هذا العام، وهو ما يكفي لإطعام 16.3 مليون شخص لمدة عام كامل"، بحسب تصريحات نقلتها وكالة رويترز عن ممثل الفاو في سوريا طوني العتل.
ودفع الإنتاج المتدني لهذا العام الحكومة السورية إلى توقيع عقود مع دولة صديقة لاستيراد شحنات من القمح لسد النقص حتى حلول العام المقبل.
وبحسب تقرير للجزيرة نت، شهدت سوريا اتجاها متزايدا نحو الجفاف بين عامي 1981 و2021، مع تسجيل أحداث جفاف كبيرة في سنوات 1999 و2010 و2014 و2017 و2021، مما يشير إلى أن الجفاف يتحول من موسمي متقطع إلى حالة ممتدة ومتزايدة الحدة.
واستطلعت الجزيرة نت آراء بعض المزارعين والمسؤولين بهدف الوقوف على جوانب الأزمة والتعرف على الإجراءات الحكومية للحد من تأثيرها.
ويقول المزارع السوري حسين العبد الله إن المحاصيل بحاجة لعملية إنعاش فورية نتيجة حالة الجفاف التي لم يشهد مثلها رغم عمله في الزراعة منذ سنوات.
وأشار العبد الله في حديثه إلى أن من لا يملك بئر ماء لا يمكن أن يعيش لا هو ولا أرضه جراء الجفاف الذي أصبح يؤثر على المحاصيل الزراعية من جهة، وعلى الأمن المائي في المسطحات المائية والأنهار من جهة أخرى.
وأضاف أن الجفاف هذا العام سبّب خسائر كبيرة للمزارعين بالمحاصيل الزراعية البعلية والأشجار المثمرة، والكثير منهم لم يجن محصوله هذا العام، وهذا سبّب كارثة كبيرة للمزارع الذي ينتظر موسمه من العام إلى العام.
وناشد العبد الله المنظمات والدول العربية والأجنبية والحكومة السورية الإسراع إلى إنقاذ المزارع وتقديم الخدمات الزراعية الضرورية له من خلال الحبوب الهجينة والأدوية اللازمة والقروض الحسنة، كما حث على تقديم المساعدة للمزارعين بحفر آبار جوفية.
من جهته، أوضح مدير الهيئة العامة للموارد المائية في وزارة الطاقة المهندس أحمد الكوان أن موجة الجفاف الناتجة عن قلة الهاطل المطري لهذا العام ستكون لها آثار سلبية على الواقع الزراعي في سوريا.
وبفعل هذه الحالة غير المسبوقة ستتأثر الخطة الزراعية بقلة الهطول المطري وانخفاض مناسيب المياه الجوفية وغزارة الينابيع وتخزين السدود.
وحذر الكوان في حديثه للجزيرة نت من أن يؤدي ذلك إلى عدم إمكانية تأمين المياه بالشكل الكافي لجميع الأراضي الزراعية، مما يؤدي إلى خسائر اقتصادية للمزارعين.
وأضاف أن الضرر لا يقتصر على الزراعة فقط، إنما يمتد إلى الثروة الحيوانية بسبب نقص الأعلاف وتدهور المراعي وانتشار الأوبئة في المحاصيل الزراعية.
وستتأثر شريحة واسعة من المواطنين بخسائر القطاع الزراعي بسبب قلة إنتاج بعض المحاصيل الرئيسية جراء خروج بعض الأراضي من الإنتاج، إضافة إلى مواجهة صعوبات كثيرة في تأمين مياه الشرب بالشكل الأمثل، وانخفاض نصيب الفرد من المياه المخصصة للشرب.
وستتسبب هذه الأوضاع في هجرة بعض سكان الريف المعتمدين على الزراعة إلى المدينة للحصول على عمل، مما سيؤدي إلى تدني جودة المياه ومستوى المعيشة.
بدوره، يقول مدير الزراعة والإصلاح الزراعي في إدلب مصطفى الموحد إن الجفاف ضرب المنطقة بشكل عام، وليس سوريا فقط، موضحا أنه من خلال تتبع الأرقام والإحصائيات وجد أن موجة الجفاف هذه لم تحدث منذ عام 1958.
وأضاف الموحد في حديثه للجزيرة نت أن موجة الجفاف هذه تسببت في خروج كامل إنتاج المحاصيل البعلية بمنطقتي الاستقرار الثانية والثالثة عن الإنتاج، في حين خرج 90% من منطقة الاستقرار الأولى من الإنتاج بمنطقة إدلب.
وأشار إلى أن الجفاف أثر أيضا على المحاصيل المروية بانخفاض نسبة الإنتاج إلى النصف تقريبا، سواء في محصول القمح أو البقوليات أو المواد العطرية والخضروات، كما طال أيضا الأشجار المثمرة -خاصة أشجار الزيتون- لعدم وجود مخزون مائي في التربة لتستفيد منه.
وعملت وزارة الزراعة على تقديم الإرشادات الفنية للمزارعين بالقيام بعملية ري تكميلي حتى تستطيع الأشجار المثمرة مقاومة عوامل الجفاف، بالإضافة إلى توجيههم بضرورة ري المحاصيل الزراعية كالقمح وباقي الحبوب والبقوليات لمن يملك آبارا ووسائل ري.
ويشير الكوان إلى أن البلاد تتجه لعملية الترشيد المائي في استخدامات المياه، ولا سيما في القطاع الزراعي الذي يعتبر المستهلك الأساسي للمياه، كما تسعى إلى تقنين استخدام المياه في قطاع الري بالتعاون مع وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي ومستخدمي المياه من خلال: