في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
اكتشف علماء من جامعتي فلوريدا بوليتكنيك ويونغستاون الحكومية في الولايات المتحدة، أن ريش الطاووس يتمتع بخصائص فريدة تجعله قادرا على إصدار موجات من الليزر الطبيعي.
وتشير كلمة ليزر إلى عبارة "تضخيم الضوء بالانبعاث المُحفَّز للإشعاع" وعند تسليط الضوء على ذرات مواد معينة، مثل بعض الأصباغ أو البلورات، فإن هذه الذرات ستحفز بعضها البعض مجتمعةً لإطلاق سيل من فوتونات الضوء. ولكي يصبح شعاع الليزر هذا حقيقيا، يجب أن يكون مسار الفوتونات متطابقا ومُتراصا بدقة.
ومن المعروف للعلماء سابقا أن ريش الطاووس ذي الألوان الزاهية يحتوي على هياكل نانوية تشتت الضوء بطرق تجعلها تتلألأ بدرجات اللون الأزرق والأخضر.
ولكن الاكتشاف الجديد يظهر -في سابقة علمية- أن البقع العينية الموجودة على ريش الطاووس يمكنها محاذاة موجات الضوء عن طريق ارتدادها ذهابا وإيابا، وتحويلها إلى موجات ليزرية فعالة بلون أصفر وأخضر.
وفي حديثه للجزيرة نت، يوضح الدكتور ناثان ج. داوسون (الأستاذ المشارك بالفيزياء جامعة فلوريدا بوليتكنيك) الطرق والتقنيات المستخدمة بالدراسة، وطريقة إجراء التجارب، إذ استخدم الباحثون جهازا يدويا يضخ موجات ليزر "إن دي: ياج" بتردد مضاعف، ينبعث منه ضوء ليزر أخضر بطول موجة 532 نانومترا، ومطياف ألياف بصرية "يو إس بي" ومجموعة من العناصر البصرية الشائعة مثل العدسات والمرشحات والمغاليق.
وبحسب الباحث، يُستخدم هذا النوع من الليزر بشكل شائع في مختبرات البصريات والكيمياء والأبحاث الطبية، كما يستخدم مطياف "يو إس بي" المصغر عالي الدقة على نطاق واسع في الأبحاث.
ونشرت نتائج الدراسة مؤخرا في مجلة "ساينتيفيك ريبورتس" وقام الباحثون بوضع صبغة خاصة على مناطق متعددة من ذيل الطاووس، وذلك للكشف عن هياكل قد تصدر توهجا مميزا مختلفا تماما.
وتوصل الباحثون إلى أن البقع العينية على ريش ذيل الطاووس المُشبَّعة بالصبغة تُصدر ضوء ليزر طبيعيا من مناطق لونية هيكلية متعددة، كما وُجد أن المناطق التي تقع فيها نطاقات الانعكاس المرئي خارج منطقة اكتساب الصبغة تُصدر ضوء ليزر في بعض الأماكن، حيث تنبعث أعلى شدة ليزر تنبعث من منطقة اللون الأخضر، إضافة إلى انبعاثات متفرقة في المنطقة البرتقالية الصفراء.
ويوضح داوسون للجزيرة نت أسلوب تحضير العينات، إذ تم صبغ عينة من ريش الطاووس في محلول مائي بنسبة 70% إيثانول و30% من ماء مُشاب بصبغة فلورية من الرودامين بكمية 6 غرامات تناسب المنطقة الطيفية المعنية بالدراسة، وبعد امتصاص الصبغة.
ويضيف أنه بعد ذلك "أُعيد ترطيب الريش في الخطوة الأخيرة بمحلول الصبغة، حيث وُجد أنها تتطلب دورات تلطيخ متعددة قبل ملاحظة انبعاث الليزر، وأن انتشار صبغة الليزر في الريشة كان ضروريا مع احتمال عدم استجابة ألياف الكيراتين للتأثيرات الملحوظة، ثم عُرّضت هذه البقع العينية لنبضات ليزر، وسُجّل الضوء المنبعث باستخدام جهاز قياس الطيف".
وتوصل داوسون وزملاؤه إلى أدلة تعزز نتائج الدراسة، أبرزها إمكانية إعادة إنتاج الخصائص الطيفية في الضوء المنبعث، لتوضيح أن انبعاث الليزر لم يكن ناتجا عن الرنين المرتبط بمسارات التشتت العشوائية للضوء، وكذلك كفاءة ضوء الليزر المنبعث من ريشة الطاووس المصبوغة، وتأكيد أنها لا ترتبط بعناصر الكشف المستخدمة بالدراسة.
قد وجد الباحثون في الهياكل النانوية داخل البقع العينية في ريش الطاووس أن هذه الهياكل تشكّل تجاويف بصرية طبيعية تقوم بمحاذاة موجات الضوء وتنظيمها، وبالتالي تضخيمها وانبعاثها على شكل ليزر بيولوجي له طولان موجيان هما الأخضر والأصفر البرتقالي، بشكل يطابق الليزر المصنّع.
وعن إمكانية استخدام نتائج هذه الدراسة في تطوير تقنيات الليزر وتطبيقاتها العلمية، يجيب داوسون أن هذه الدراسة أظهرت بشكل واضح ومحدد انبعاث الليزر من مرنانات بصرية صغيرة موجودة داخل البقع العينية في ريش الطاووس. وبالتالي، فإنها توضّح كيف يمكن أن توجد هذه المرنانات الصغيرة داخل المواد البيولوجية والتي يمكن اكتشافها من خلال انبعاث الليزر.
ويتوقع الباحث أن ريش الطاووس مجرد واحد من العديد من المضيفات المحتملة لهذه الأدوات، والتي يمكن العثور عليها بالعديد من المواد البيولوجية الأخرى التي يمكن أن تُظهر نوعا مشابها من انبعاث الليزر. ومع ذلك، فقد يكون للعديد من انبعاثات الليزر المحتملة عتبات أعلى قليلا، والتي قد تُفقد في أطياف الليزر العشوائية إذا لم تُدرس بعناية.
ويضيف الباحث: إذا كانت المرنانات البصرية الصغيرة يمكن أن تتشكل بشكل متكرر في الطبيعة -وتُشكل بانتظام أنسجة محددة- فإنه يمكن باستخدام الطريقة المتبعة بالدراسة تصنيف عينات المواد البيولوجية بسرعة، والكشف عن بعض المواد الغريبة ذات درجة عالية من انتظام الشكل، والتي يمكن أن تعمل أيضا كمرنانات صغيرة، باستخدام هذه الطريقة نفسها. ويمكن استخدام تقنية الكشف البسيطة هذه بشكل فعال في مجال الطب.