وفي قلب بيروت ، تتكثف حركة البيع والشراء بوتيرة متسارعة. مواطنون يسارعون إلى شراء الذهب خوفا من تآكل مدخراتهم النقدية، وآخرون يعرضون ما يملكونه للبيع مستفيدين من الارتفاع القياسي للأسعار عالميا.
ويعكس هذا التناقض في السلوك واقعا اقتصاديا هشا، تتحكم به المخاوف بقدر ما تحكمه الحاجة، حيث أن الذهب بات بديلا عمليا عن المصارف المتعثرة، ومخزنا للقيمة في ظل غياب أي ضمانات فعلية لودائع اللبنانيين.
ولم يعد هذا الإقبال الكثيف موسميّا أو ظرفيّا، بل أصبح جزءا من نمط اقتصادي جديد فرضته الأزمة.
حركة غير مسبوقة
وفي هذا السياق، يلفت رئيس نقابة تجار الذهب والمجوهرات
نعيم رزق إلى أن السوق يشهد حركة غير مسبوقة، حيث يتخذ كثيرون قرارات بيع أو شراء سريعة، مدفوعة بتقلبات الأسعار وتوقعات استمرار الارتفاع.
ويشير إلى أن الذهب بات أداة تداول نشطة، لا مجرد احتفاظ طويل الأمد، في ظل سباق محموم مع الأسعار العالمية.
ويتقاطع هذا الزخم في السوق المحلية مع نقاش أوسع يتجاوز المحال التجارية، ليصل إلى احتياطي الذهب الذي راكمه لبنان على مدى عقود.
فبحسب بيانات
مجلس الذهب العالمي ، يمتلك لبنان نحو 287 طنا من الذهب، ما يضعه في المرتبة الثانية عربيا. وتُقدَّر القيمة الحالية لهذا الاحتياطي بأكثر من 38 مليار دولار، بزيادة تقارب 24 مليار دولار مقارنة بالسنوات السابقة.
وأعادت هذه الأرقام فتح ملف شائك في
النقاش العام: هل يمكن توظيف هذا الاحتياطي في تخفيف حدة الانهيار الاقتصادي وسد جزء من
الفجوة المالية التي تتجاوز 80 مليار دولار؟
غير أن هذا السؤال يصطدم بقيود قانونية، أبرزها قانون صدر عام 1986 يمنع التصرف بالذهب إلا بنص تشريعي خاص، مما يجعل أي خطوة في هذا الاتجاه محاطة بحساسية سياسية واقتصادية عالية.