كتبت سابين عويس في" النهار": حتى الآن، ليس في الأفق ما يشي بأن
رئيس مجلس النواب نبيه بري في وارد تغيير رأيه في شأن قانون الانتخاب. وبعد الجلسة التشريعية أمس، زاد هذا الاقتناع، انطلاقًا من أن لا إجراء يُتخذ في
لبنان من خارج التوافق أو التسويات. وعليه، لن يكون في وارد إدراج مشروع قانون الحكومة المعجل المكرر في شأن تعديل قانون الانتخاب على أي جلسة تشريعية، ما لم يتم التوافق على التعديلات التي يمكن الأخذ بها. وفي الانتظار، يرفض
بري خوض معركة كسر عظم مع المؤيدين للتعديل، تتقدمهم «القوات اللبنانية»، لكنه لا يرفض السير في أي تسوية تحفظ التمثيل الشيعي الكامل لثنائي «أمل» – «حزب الله».
في حجة بري، الاستناد إلى الدستور في مطرحيْن: أحدهما التزامه إجراء الانتخابات وفق القانون النافذ، والآخر تمسكه بحقه الدستوري بالدعوة إلى الجلسات العامة، ورفضه اتهامات معارضيه بأنه يمسك بمفاتيح المجلس ويستعملها بطريقة استنسابية مخالفة للدستور. وهو ردّ على هذه الاتهامات بالدعوة إلى جلسة تشريعية أمس، نجح في تأمين نصابها، ولكن بعدما حصل على موافقة رئيسي الجمهورية والحكومة ودعمهما.
يتمسك بري بحقه الدستوري بعدم إدراج مشروع قانون وارد من الحكومة، ولو بصفة معجل مكرر، قبل إنجاز وإقرار المشاريع التي سبقته. لكن هل يعكس بري موقفه الحقيقي الغيور على تطبيق الدستور، أم أن له حيثيات سياسية أخرى تدفعه إلى هذا السلوك، كما يتهمه خصومه؟
في الأوساط القانونية، من يعتبر أن موقف بري لا يبرره أي منطق دستوري، وهو يشكل مخالفة واضحة لمبادئ النظام البرلماني، حيث يمارس رئيس المجلس صلاحياته بشكل خاطئ.
لكن الأوساط السياسية، في المقابل، تبرر لبري سلوكه، على خلفية أنه يخوض آخر المعارك البرلمانية له لحماية التمثيل الشيعي وسط الضغوط التي تمارس على
الثنائي ، ليس في موضوع السلاح فحسب، وإنما في إعادة رسم التوازنات السياسية الداخلية بهدف تقليص نفوذ الحزب لمصلحة بروز وجوه شيعية من خارج اصطفاف الثنائي.
سجّل بري أمس نقطة في مرمى المقاطعين للجلسة، وحجته أنه أقر القوانين التي سبق وأقرت في جلسة سابقة وعلّقت بسبب عدم ختم المحضر بعد أن فقد نصاب الجلسة اللاحقة. وتقول أوساط بري إن رئيس المجلس أنجز إقرار القوانين العالقة وأقر رزمة جديدة، أما ما يتعلق بقانون الانتخاب، فعلى المنتقدين حسم خيارهم: هل يريدون السير بالاقتراحات الثمانية الموجودة لدى اللجنة النيابية المكلفة درسها لتأخذ مسارها الطبيعي إلى الهيئة العامة، أم يريدون الاستعاضة عنها بمشروع الحكومة كما طالبوا بالعريضة الموقعة من 36 نائبًا؟
والسؤال الآخر، توجهه الأوساط إلى الحكومة، وما إذا كانت تلتزم بيانها الوزاري الذي تلتزم فيه «الترفع» عن التدخل في الانتخابات، فيما المشروع الذي تبنته مقدم من وزير يمثل فريقًا سياسيًا.