تتواصل التهديدات الاسرائيلية ضد قرى وبلدات الجنوب واستهدفت بشكل خاص بلدة بيت ليف، زاعمة وجود عشرات المنشآت العسكرية في أنحائها. لكن أهلها لم يرضخوا للترهيب، رافضين النزوح مجدّداً.
ومصدر رسمي قال لـ «الأنباء الكويتية»: «تدرك الحكومة حساسية المرحلة والتحديات التي تواجهها في ظل الضغوط الدولية، وهي ليست فقط عسكرية، بل أيضا اقتصادية، وربما يكون إقفال منافذ الدعم المالي أكثر تأثيرا»، وأكد أن المسؤولين اللبنانيين يعولون على التحرك العربي الذي نشط في الآونة الأخيرة والمرشح لمزيد من التزخيم، من أجل مساعدة
لبنان ، وقال إن المطالبة بإنهاء موضوع السلاح قبل نهاية السنة أمر غير ممكن، في وقت تؤكد الحكومة أن
الجيش اللبناني يسير
على الطريق الصحيح في هذا المجال، كما أن ربط أي تفاوض بنزع السلاح أمر يصعب تحقيقه.
وكتبت" الاخبار": منذ ثلاث ليالٍ، تتمركز قوة من الجيش واليونيفيل في ساحة البلدة وتنفّذ دوريات في شوارعها، لطمأنة الأهالي بعد نشر العدو
الإسرائيلي ، خريطة لـ31 موقعاً «يحتوي على أسلحة وبنى تحتية عسكرية». لم توجّه
إسرائيل إنذاراً مباشراً لإخلاء المواقع التي من بينها عدد من المنازل المأهولة، لكن البلدية وفاعليات البلدة أعدّوا تقريراً بحال كل موقع ورفعوه إلى الجيش ليحيله بدوره إلى لجنة الإشراف على اتفاق وقف إطلاق النار واليونيفيل.
مصدر مواكب لتهديد بيت ليف، لفت إلى أنّ الجيش «رفض طلب عدد من الأهالي تفتيش المنازل لقطع الشكّ»، وعدد من الضباط اعتبروا أنّ في ذلك رضوخاً لإملاءات العدو بتهديد أي منزل في أي بلدة متى شاء. وبحسب عضو البلدية حسين زلغوط، فإنّ «عدداً من المواقع هي أبنية ومنازل استهدفتها
الغارات في أثناء العدوان الإسرائيلي الأخير، قبل وقف النار. منها مبنى الحسينية والمسجد في الساحة الذي ورد في الخريطة ودمّرته الغارات كلّياً.
الحسينية والمباني المدمّرة المهدّدة حديثاً، رفع ركامها مجلس الجنوب وكشف أرضيّتها التي لا تحتوي على بنى تحتية، بحسب زلغوط. واللافت بأنّ «عدداً من المنازل المهدّمة، أعاد أصحابها تشييدها على نفقتهم الخاصة قبل صرف التعويضات». وأشار مصدر محلّي إلى أنّ «الخريطة التي نشرها العدو الإسرائيلي، يعود تاريخها إلى عام 2022، بحسب غوغل ماب». فعدد من المنازل التي كانت موجودة قبل اندلاع العدوان في أكتوبر 2023، لا تظهر في الخريطة، ما يعني بأنها لم تكن قد شيّدت بعد، فيما تظهر منازل أخرى دمّرت في أثناء العدوان.
وعصر أمس، ازدحمت الساحة بالأهالي، لا سيّما بالأطفال الذين اعتادوا اللعب فيها. يلفت مختار بيت ليف، محمد إسماعيل، إلى أنّ «التهديد الإسرائيلي، أربك الأهالي ودفع حوالي 60 عائلة للمغادرة قبل أن يعود نصفها صباح أمس، عقب انتشار الجيش واليونيفيل».
بعد وقف النار، تقيم في البلدة 462 عائلة من أصل 600 كانت تقيم قبل بدء العدوان، فبيت ليف، التي تواجه جبل بلاط وزرعيت والراهب ورامية، تحيا حياة شبه طبيعية برغم الاغتيالات المتكرّرة. لذا، يرى زلغوط، بأنّ التهديد الأخير «يستهدف استعادة الحياة بعد أن وفّرت البلدية المقوّمات المعيشية من ماء وكهرباء. فضلاً عن إعادة افتتاح المدارس والمحال».
على الطريق العام في بيت ليف، جلس مرعي حميد وزوجته فاطمة حميد على الشرفة، يستقبلون الزوّار بعد شمول منزلهم بخريطة المواقع. المسنّان التسعينيان يهزآن بالخريطة، مشيرين إلى «حاكورة» النعناع وحقل التبغ اللذين يعتبرانهما البنى التحتية الخاصة بهما. في أسفل المنزل، محلّان تستخدمهما ابنتهما روضة حميد، كمستودع لبضاعة الدكان الذي تديره داخل البلدة. وهناك محلّان آخران كان فيهما منجرة خشب، تعرّضت إلى استهداف في أثناء العدوان الأخير، قبل أن يعاد تشغيلهما كمركز صيانة للسيارات.