آخر الأخبار

خطوة تؤدي إلى حصر السلاح في لبنان.. مركزٌ يعلنها

شارك
نشر مركز "mecouncil" تقريراً جديداً تحدث فيه عن مسألة قرار الدولة اللبنانية بحصر السلاح بيدها، مشيرة إلى نقطة أساسية تساهم في حصول ذلك.

التقرير الذي ترجمهُ "لبنان24" يقول إنه "منذ شهر آب الماضي، تلقت القوات المسلحة اللبنانية تعليمات من حكومتها بتقديم خطة لوضع جميع الأسلحة في البلاد تحت سيطرة الدولة بحلول نهاية العام، ويستهدف هذا التوجيه بشكل أساسي حزب الله ".


التقرير يرى أن "الخطوة الأخيرة التي اتخذتها الحكومة تحت رعاية الولايات المتحدة الأميركية، تكشفُ عن الفجوة الهائلة بين الطموح والقدرة"، مشيراً إلى أنَّ "حزب الله ندّد بالإجراء المرتبط بنزع سلاحه ووصفه بأنه خطيئة جسيمة"، وأضاف: "ليس من المستغرب أن تفتقر خارطة الطريق التي قُدمت في أوائل أيلول إلى أي جدول زمني أو آلية إنفاذ موثوقة. مع هذا، تكمنُ مشكلة أعمق وهي أنه فيما يُدفع حالياً نحو نزع السلاح تحت ضغط أميركي مكثف، تقصف إسرائيل الأراضي اللبنانية بانتظام، رغم عام من وقف إطلاق النار الشكلي. كذلك، تُدفع الدولة إلى مناقشة التطبيع مع إسرائيل مقابل تدفق المساعدات والهدوء على حدودها. في مثل هذه الظروف، يصبح نزع السلاح تنازلاً عن السيادة أكثر منه تأكيداً على السيادة".


وأكمل: "نادراً ما تُسلَّم السيادة الحقيقية بتوقيع، علماً أنها تنبع من 3 أسس مترابطة: احتكار دولة تتمتع بصدقية للقوة؛ مؤسسات فاعلة ومُلْزِمة؛ وشرعية واسعة النطاق بما يكفي لربط المجتمعات بالدولة. وفي الواقع، يفتقر لبنان إلى هذه العناصر الثلاثة، بل إن الإكراه الخارجي هو الذي يُوجِّه السياسة، مُحوِّلًا الدولة من طرف سيادي إلى أداة. كل هذا ينطوي على مخاطر حقيقية، فإذا حاولت الدولة نزع سلاح حزب الله قبل إعادة بناء نفوذها الإداري، واستقرار الخدمات العامة، واستعادة استقلالها المالي، فإنها ستواجه خطراً حقيقياً. لذا، فإن السؤال الحقيقي ليس فقط من يملك السلاح، بل من يملك الصدقية".


وذكر التقرير أن "البيئة الأمنية في لبنان هشة على نحو غير معتاد، فقد أسفرت حملة القصف الإسرائيلية عام 2024 عن مقتل آلاف الأشخاص، ونزوح أكثر من مليون شخص، وإلحاق أضرار بالبنية التحتية بمليارات الدولارات. ولم يُنهِ وقف إطلاق النار المُعلن عنه أواخر تشرين الثاني الهجمات الإسرائيلية؛ إذ لا تزال الجبهة الجنوبية متوترة، وتتخللها عمليات اغتيال إسرائيلية مُستهدفة. وإلى الشرق، لم يُسهم انهيار نظام الأسد في سوريا في كانون الأول في استقرار الحدود. في المقابل، تنشط الجماعات المسلحة وتتقاتل في مناطق ذات حكم مُتساهل، ولا تزال شبكات التهريب تزدهر".

وأضاف: "داخل لبنان، لا يزال حزب الله مصدراً قوياً وموازياً للأمن والخدمات، لا سيما حيث يكون وجود الدولة ضعيفاً. خارجياً، يرتبط الدعم العسكري الحاسم بشكل متزايد بتوقعات بأن بيروت ستحتوي حزب الله وتحدّ من النفوذ الإيراني . على هذه الجبهات، لا يتعلق السؤال برغبة الحكومة في التحرك، بل بقدرتها على القيام بذلك باستقلالية وصدقية من دون دفع البلاد إلى دوامة جديدة".


وأكمل: "يقع الجيش في قلب هذه التوقعات، فهو من المؤسسات القليلة التي يُنظر إليها على أنها متعددة الطوائف؛ ففي الأوقات الصعبة، صمد الجيش في وجه الانهيار التام للدولة. ومع ذلك، فإن تفويضه ووسائله غير متوازنة بشكل كبير، فميزانية الدفاع لعام 2025 - وهي ميزانية متواضعة تبلغ 800 مليون دولار - تُستهلك إلى حد كبير في الرواتب والعمليات الأساسية. وبمجرد تغطية هذه النفقات، لا يتبقى سوى القليل للتدريب أو الصيانة أو التحديث. ويختلف إنفاق لبنان على الجندي الواحد وعلى الفرد كثيراً عن نظرائه في المنطقة. في الواقع، يعتمد الجيش اللبناني على الشركاء الأجانب في الحصول على الوقود وقطع الغيار ومعظم لوجستياته، وهذا الاعتماد يُضيّق خياراته الاستراتيجية ويُضخّم المخاطر السياسية ـ إذ يمكن إعادة تشكيل - أو سحب - خطة أمنية تعتمد جدواها على خطوط الحياة الخارجية من قِبل جهات فاعلة لا تتوافق أولوياتها مع أولويات لبنان".


وأكمل: "لطالما عانى لبنان من كونه ساحة معركة للتنافسات الإقليمية، مما دفع البلاد إلى تبني الحياد للهروب من التشابكات الإقليمية وتجسيد مجتمعها التعددي بشكل أفضل. لكن الحياد لا يُعلن ببساطة، بل يجب تمويله وتطبيقه واعتماده بشكل حقيقي. وفعلياً، فإن الدول التي تدعم الحياد تستثمر في الدفاع والدبلوماسية، وتُحسّن من احترافية قطاعاتها الأمنية، وتعزز ثقة الجمهور التي تمنحها سلطة واسعة. أيضاً، يفتقر لبنان إلى القوة المالية والعمق المؤسسي والتماسك السياسي لدعم مثل هذا الموقف. في هذا السياق، تُخاطر الدعوات إلى الحياد بأن تتحول إلى تحييد - وهو موقف يُخفي الخضوع للقوة الخارجية بدلاً من تأكيد مسافة السيادة. يتطلب الحياد الحقيقي تحولاً نموذجياً في المؤسسات والمالية والقبول الإقليمي، وهو أمر غير موجود. وإلا، فإنه يصبح شعاراً يحجب العمل الشاق لإعادة بناء قدرة الدولة".


وقال: "قبل أن تتمكن الدولة اللبنانية من البدء فعلياً بنزع سلاح الميليشيات، عليها استعادة شرعيتها. يدعم المواطنون الدولة عندما يحصلون على الحماية والخدمات من دون وساطة حزبية، وهذا يتطلب سياسات تُضعف المحسوبية الطائفية؛ ومحاكم تُعلي من شأن المساواة في المعاملة؛ وخدمة مدنية تعمل على أساس الجدارة لا الزبائنية. وستكون الآثار جلية في استمرار انقطاع الكهرباء، وجمع النفايات بانتظام، وإصدار تصاريح من ذي دون رشاوى، وضبط حدودي قانوني ومنتظم - وهي مؤشرات ملموسة على أن الدولة قائمة على سيادة القانون بعيداً عن التنافس الحزبي".


وتابع: "انطلاقاً من هذا الأساس، يجب على الدولة تعزيز قدراتها من خلال الإصلاح المالي، ويُعدّ وجود نظام ضريبي أكثر عدالة، يُوسّع القاعدة المالية، ويُحصّن الثروات غير الخاضعة للضرائب، ويُموّل المنافع العامة، أمراً بالغ الأهمية".


في الوقت نفسه، وجد التقرير أنهُ "من المُرجّح أن تُثير محاولات نزع سلاح حزب الله دون تحول سياسي واقتصادي ومؤسسي ردود فعل طائفية عنيفة، وتُضعف الدولة أكثر"، وقال: "رغم أن استقلالية حزب الله العسكرية لا تتوافق مع سياسة دفاع وطني سيادية، إلا أنه لا يمكن تجاهل قاعدة دعمه - التي تشكلت بفعل فشل الدولة وانعدام الأمن والتهميش التاريخي والهجمات الخارجية المتكررة. أيضاً، يرى كثير من الشيعة أن سلاحه ليس مجرد وسيلة ضغط، بل ضمانة أمنية في ظل نظام غير عادل".


وأكمل: "لذا، ينبغي أن يكون نزع السلاح تتويجاً لإعادة بناء الدولة، لا شرطاً مُسبقاً لها. فإذا استطاعت الدولة الدفاع عن حدودها، وصون حقوق مواطنيها، وتقديم الخدمات، ودمج كل الطوائف في إطار وطني، فإن مبرر وجود السلاح خارج سيطرة الدولة سيتآكل. مع ذلك، لن يتحقق تأكيد لبنان الأخير على سيادة الدولة إلا بإعادة بناء قدراتها وشرعيتها أولاً، فالإكراه من دون مصداقية يُثير الانقسام؛ والقدرة دون شرعية تُغذي السخرية؛ والتصريحات دون تطبيق تُولّد الازدراء".
لبنان ٢٤ المصدر: لبنان ٢٤
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا