في خطوة لافتة تحمل مضامين كبيرة في عيد الاستقلال ورسائل بمختلف الاتجاهات، للداخل والخارج، زار رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون الجنوب بسيارته الخاصة وقصد قيادة قطاع جنوب الليطاني في "ثكنة بنوا بركات" في صور، بالتزامن مع تحليق مكثف للمروحيات
اللبنانية فوق موكبه، وكان في استقباله قائد الجيش وكبار الضباط، وبعد ان اطلع عون من الضباط على حسن سير العمل وتنفيذ الخطة الموضوعة من قبل قيادة الجيش جنوب الليطاني، اعطى توجيهاته وخاطب العسكريين.
وكتبت" الاخبار": يعتقد المتابعون لتطورات الموقف الأميركي من الجيش اللبناني، أنه وليد نتائج الحرب الصهيونية على
لبنان . وأن أسباب معاقبة قائد الجيش العماد رودولف هيكل، بإلغاء ثلاثة مواعيد رسمية رفيعة المستوى كان يستعد لها قبل أسبوع في واشنطن، تنحصر في عدم التزام المؤسسة العسكرية بالخطة الأميركية لنزع سلاح المقاومة بمعزل عن نتائجها على الداخل. لكن، يبدو أن المشكلة ناجمة عن تحريض أكبر تقوده إسرائيل في
الولايات المتحدة على الجيش بوصفه جزءاً من المشكلة، داعية إلى مقاربة أميركية – غربية مختلفة بحجّة أن جزءاً من الجيش يدعم
حزب الله . كما يطالب العدو بفرض عقوبات على بعض الأقسام في الجيش.
لكن هذه المرة، وصل التحريض إلى مراحل غير مسبوقة، يتشارك فيه اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة وشخصيات في الكونغرس وشخصيات لبنانية تمتهِن الوشاية، خصوصاً أن المعطيات الآتية من الخارج، تؤكّد أن إلغاء المواعيد، لا يعكس موقفاً أميركياً موحّداً، ولا يعبّر عن البنتاغون أو القيادة المركزية، بدليل البيان الأخير الصادر في منتصف شهر تشرين الأول على لسان الأدميرال براد كوبر بأن «شركاءنا اللبنانيين يواصلون قيادة الجهود لضمان نجاح نزع سلاح حزب الله»، مؤكداً «أنّنا ملتزمون بدعم جهود القوات المسلحة اللبنانية، التي تعمل بلا كلل لتعزيز الأمن الإقليمي».
الرسالة السياسية مما حصل لم تعد تحتاج إلى كثير عناء لتفسيرها، وهي موجّهة بالدرجة الأولى إلى الرئيس جوزيف عون الذي فهمها ونقلها إلى محيطين به. وبحسب معلومات «الأخبار» يؤكد عون في مجالسه أن ما حصل «مرتبط بالدرجة الأولى بمجموعات لبنانية تحرّض عليه هو نفسه وتريد تخريب علاقته مع الأميركيين». وثمّة قناعة اليوم بأن تصعيد الحملة الأميركية على الجيش، وإن كان يأتي بالشكل في سياق رفض العماد هيكل دهم المنازل بحثاً عن سلاح حزب الله من دون العودة إلى القضاء المختص، فإن واشنطن ترمي بكل ثقلها للضغط على المؤسسة العسكرية لإحداث تغيير داخلها.
وقد خلق الضخّ الإعلامي من قبل العدو
الإسرائيلي وأعداء حزب الله في الداخل جواً في محيط الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ولا سيما في
وزارة الخارجية الأميركية يتحدّث عن «ضرورة فصل قيادة الجيش عن رئاسة الجمهورية، من خلال إقالة هيكل أو دفعه للاستقالة»، على اعتبار أن ذلك «سيؤدّي إلى تسريع عملية نزع السلاح، حيث إن قائد الجيش الجديد لن يلتزم بمواقف عون التسووية بل بالقرارات التي تتخذها الحكومة اللبنانية، ما يؤدّي أيضاً إلى عزل عون». والمشكلة هنا، لا تقتصر على موضوع نزع السلاح بل تتعداه إلى الموقف من التفاوض مع العدو الإسرائيلي، أي إنها تتجاوز معيار المصلحة الوطنية.
وبحسب المعلومات الأميركية المصدر، فإن اللوبي اللبناني المُعارِض لرئيس الجمهورية، لا يتوقف عن الدفع في اتجاه الانتقام من كل من لا يريد الامتثال للأوامر الأميركية حتى لو كانَ رأس الدولة والمؤسسة العسكرية، ولتصفية حسابات سياسية داخلية كما هو الحال بين «القوات اللبنانية» وعون.
فلم يعُد خافياً أن «القوات» كانت واحدة من الجهات التي قصدها رئيس الجمهورية حين تحدّث عن بخّ السموم على اللبنانيين، فيما اضطرت هي في الأمس إلى الرد بشكل مموّه على عون الذي قال بأن «الجيش لا يأبه بما يتعرّض له من حملات التجريح والتشكيك والتحريض»، مدّعية أنّ الرد هو على إعلام الممانعة الذي يتحدّث عن «وشايات مزعومة».
وكتبت" البناء" ان مرجعيات رئاسية تعوّل على اجتماع مرتقب للجنة مراقبة اتفاق وقف إطلاق النار في الثالث من الشهر المقبل تحضره المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس، فيما لم تحدّد دوائر المقار الثلاثة بعبدا وعين التينة والسرايا أي موعدٍ للمبعوث توم برّاك.
وعلم أنّ الجهود الدبلوماسيّة التي يبذلها رئيس الجمهورية ومستشاروه مستمرة مع السفير عيسى ومسؤولين أميركيين عسكريين ودبلوماسيين فاعلين في البيت الأبيض ووزارة الدفاع الأميركية، لاحتواء الأزمة الناشئة بين واشنطن وقيادة الجيش ولشرح موقف القائد وتفاصيل الواقع اللبناني ودقته وحساسيته، وضرورة تفادي أيّ خطوة أو دعسة ناقصة تؤدي إلى توتر سياسي وأمني داخلي.
ولفتت أوساط سياسية إلى أن زيارة رئيس الجمهورية وقائد الجيش وضباط رفيعي المستوى إلى الجنوب وإلقاء كلمة الرئيس من مسافة قريبة للشريط الحدودي مع فلسطين المحتلة، والمواقف التي تضمّنتها، تحمل دلالات هامة وتعكس رؤية وطنية صافية لدى الرئيس والقائد، ونثرت فائضاً من المعنويات لأهل الجنوب الصامدين في قراهم، رغم ضراوة العدوان، ووجّهت رسالة للعدو بأنّ الجنوب ليس متروكاً لأنياب الاحتلال وأنّ لبنان لن يتنازل عن حقوقه السياديّة ولن يخضع أو يرضخ للابتزاز الناري والجرائم المستمرّة ضد الجنوبيين، ورسالة للأميركيين بأنّ الدولة حاضرة في عمق الجنوب والجيش منتشر في مفاصله ومناطقه. وأشارت الأوساط إلى أهمية التناغم بين العمادين عون وهيكل في رسم مسار التصدي والمواجهة مع العدوان الإسرائيلي وأطماعه، وفي الوقت نفسه تعزيز دور الدولة وسلطتها على كامل أراضيه وحصر السلاح بيده ضمن استراتيجية أمن وطني بما فيها تسليح الجيش تشكّل ضمانة وصمام أمان للجنوبيّين وكل اللبنانيين، وفق ما جاء في خطاب القَسَم.
وكتبت" الديار": في المعلومات، ان الاجواء الإيرانية السعودية الجديدة والجيدة تشكل باب الأمل الوحيد امام الرئيس نبيه بري لاخراج لبنان من أزماته، وكما كان يقول سابقا، الحل لا يكون الا « س ـ س»، فإنه يؤكد حاليا ان المدخل لانتقال لبنان من ضفة الى اخرى لن ينجز الا بالتوافق السعودي الإيراني. وكان لافتا تزامن دخول الموفد السعودي يزيد بن فرحان الى عين التينة مع اجتماع مستشار الرئيس بري النائب علي حسن خليل مع المسؤول الإيراني علي لاريجاني في طهران، الذي يعمل على تحسين العلاقات السعودية مع الثنائي الشيعي. وحصل تقدم غير مباشر مع حزب الله في هذا المجال، وستظهر الصورة بشكل أفضل خلال المرحلة المقبلة والمؤشرات الأولية ايجابية.
وفي ظل هذه المعمعة من التهويلات والتسريبات عن الحرب المقبلة، كان لافتا استبعاد سفير دولة اقليمية بارزة امام إعلاميين أقدام اسرائيل على شن حرب كبرى على لبنان بسبب التوازنات القائمة في المنطقة، وتاكيده ان اسرائيل لا يمكن ان تتحمل سقوط صواريخ جديدة عليها بعد عودة سكان المستوطنات الى شمال فلسطين بنسبة 95 %، وجزم ان الاوضاع لن تتغير اذا بقي نتنياهو في السلطة في انتخابات الكنيست في تشرين الثاني 2026، وحتى ذلك الوقت، فان المنطقة ستبقى على صفيح ساخن من التوترات ورفع مستوى العمليات في لبنان وسوريا واللجوء الى الاغتيالات في المرحلة المقبلة، لكن «الرقص سيبقى على حافة الهاوية». وعلم ان جميع المنازل التي قصفتها اسرائيل خلال الايام الماضية، كانت لجنة وقف اطلاق النار قد طلبت من الجيش اللبناني دخولها وتفتيشها ورفض الجيش التنفيذ.
من المتوقع ان يصل وزير خارجية مصر الى بيروت الأربعاء المقبل لاستكمال ما بدأه مدير المخابرات المصرية حسن رشاد من مباحثات في بيروت شملت حزب الله، والسؤال: هل حصلت تطورات استدعت قيام الوزير المصري بزيارة بيروت؟
تفاصيل زيارة صور
وكان قائد الجيش العماد رودولف هيكل القى كلمة رحّب فيها برئيس الجمهورية في زيارته التفقّدية، التي تزامنت مع ذكرى الاستقلال، "والتي تؤكّد مرّة أخرى على دعمكم الدائم للجيش وحرصكم على زيارة الجنوب وتفقّد أهله والعسكريين المنتشرين فيه". وقال: "نجدّد اليوم أمام فخامتكم التمسّك بالحفاظ على لبنان وسيادته واستقلاله وحماية سلمه الأهلي".
ثم قدّم رئيس قسم العمليات في قطاع جنوب الليطاني العقيد رشاد بو كروم عرضاً مفصّلاً معزّزاً بالخرائط والأرقام حول الوضع الراهن في القطاع، والأعمال التي ينفّذها الجيش تطبيقاً للخطّة التي وضعتها القيادة لاسيما لجهة إزالة الذخائر وضبط الأسلحة والمنشآت تنفيذاً لقرار الحكومة بحصر السلاح في يد الدولة. وتضمّن العرض معلومات حول ما أنجز حتى الآن، وحول انتشار الجيش في المواقع والمراكز المحدّدة والحواجز الدائمة والظرفية والأماكن المستحدثة على طول الحدود، والدوريات التي يسيّرها الجيش للحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة.
واطّلع الرئيس عون على الخرائط والصور التي تظهر المساحات التي تجاوزت فيها القوّات
الإسرائيلية الخط الأزرق خلال إنشائها حائطاً تجاوزت فيه الحدود الجنوبية المعترف بها دولياً. وقدّم العميد الركن تابت ملخّصاً للمداولات التي
دارت خلال اجتماع لجنة "الميكانيزم" والموقف اللبناني الثابت في الدفاع عن حقوق الدولة اللبنانية وسيادتها على أراضيها.
وتحدّث الرئيس عون إلى الضباط وقال: "أتيت اليوم إلى الجنوب في ذكرى الاستقلال، لأؤكّد أن هذه المنطقة الغالية هي في قلوبنا دائماً، وان الجيش الذي يحمي الجنوبيين كما جميع اللبنانيين، ثابت في مواقفه والتزامه في الدفاع عن الكرامة الوطنية والسيادة والاستقلال، وهو يقدّم وفاء لهذه المبادئ الشهيد تلو الاخر غير آبه بما يتعرّض له من حين إلى آخر من حملات التجريح والتشكيك والتحريض".
ونوّه الرئيس عون بالدور المميّز الذي يقوم به الجيش المنتشر في الجنوب عموماً وفي قطاع جنوب الليطاني خصوصاً، محيّياً ذكرى العسكريين الشهداء الذين سقطوا منذ بدء تنفيذ الخطّة الأمنية والذين بلغ عددهم 12 شهيداً. وفي ختام اللقاء، هنأ الرئيس عون قائد الجيش العماد هيكل بعيد الاستقلال مقدّراً الجهود التي يبذلها مع معاونيه في تمكين المؤسسة العسكرية من القيام بمهامها بإخلاص وتفان، متمنّياً أن تعود ذكرى الاستقلال السنة المقبلة وقد تحرّر كل الجنوب وارتفع على حدوده
العلم اللبناني وحده رمز السيادة والكرامة الوطنية.
وكان سبق الزيارة توجيه قائد الجيش أمر اليوم إلى العسكريين، حيث قال "لقد بذل الجيش جهوداً جبارةً منذ دخول اتّفاق وقف الأعمال العدائية حيّز التنفيذ، رغم الإمكانات المحدودة والصعوبات الناتجة عن الأزمة، لتطبيق خطّته وتعزيز انتشاره في قطاع جنوب الليطاني، وبسط سلطة
الدولة على جميع أراضيها تنفيذاً لقرار الحكومة اللبنانية، والالتزام بالقرار 1701 ومندرجاته كافة، بالتنسيق الوثيق مع قوّة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان – اليونيفيل، ولجنة الإشراف على اتّفاق وقف الأعمال العدائية.في هذا السياق، قدّمت المؤسسة العسكرية تضحياتٍ جساماً، ووقع العديد من عناصرها شهداء وجرحى على مذبح الوطن، وصمدت في مواقعها رغم الظروف الخطيرة، للمحافظة على حق لبنان في السيادة على كل شبر من أرضه، وهي لن تتوانى أو تبخل بأي جهدٍ أو قطرة دمٍ لتحقيق هذه الغاية، إضافة إلى دعم عودة النازحين إلى قراهم. هذه الجهود تستلزم مواكبة حثيثة من مؤسسات الدولة، ضمن إطار جهدٍ وطني شامل، وتوفير الإمكانات، وتحسين أوضاع العسكريين، وتهيئة الظروف الضرورية لاستعادة الاستقرار. إنَّ القيادة مُدرِكَة تماماً للأوضاع الاستثنائية المحيطة بتنفيذ خطّة الجيش، التي تسير وفق البرنامج المحدّد لها، وهذه الظروف تستلزم أعلى درجات الحكمة والتأنّي، والحزم والاحتراف، بما يخدم المصلحة الوطنية والسلم الأهلي، بعيدًا عن أي حسابات أخرى".