التوتر الذي شهدهُ مخيّم عين الحلوة ليل الجُمعة مماثل لأي توترات فرديّة أخرى يجري تطويقها بسرعة، لكن المسألة الأهم ترتبطُ بأمن المخيم ككل خصوصاً بعد تسليم حركة "فتح" سلاحها إلى الدولة اللبنانيّة.
اليوم، يعودُ أمن المخيم إلى الواجهة مُجدداً، فيما الأنظارُ تتجهُ بشدّة إلى التنظيمات المتشددة التي باتت تحركاتها محدودة ومضبوطة وذلك من خلال عملٍ مستمرّ قامت به
قوات الأمن الوطني الفلسطيني داخل عين الحلوة خلال الأشهر القليلة الماضية.
في المخيم الفلسطيني، وتحديداً داخل الأماكن التي تسيطر عليها "فتح"، الأمور مضبوطة تماماً، في حين أن الجماعات المتشددة التي تضم مطلوبين خطيرين، تمكثُ داخل أوكارها وأماكنها من دون أي خطوات ميدانية تُذكر. المسألة هذه مطلوبة ومهمة للجم هذه الجماعات، خصوصاً أن المخاوف من خطرها تصاعدت كثيراً في الآونة الأخيرة بعدما بات سلاح المخيمات مطروحاً على الطاولة بجدية، وتحديداً بعد تعاون "فتح" على تسليم ما لديها من سلاح إلى الدولة.
ومع نجاح "فتح" في ضبط أمن المخيم ولجم أي تحركات للجماعات الموجودة فيه، يُحكى في الوقت نفسهِ عن أن فصلاً جديداً من تسليم السلاح الفلسطينيّ سيحصل قريباً، وتقولُ معلومات "
لبنان24 " إنّ "فتح قد تبادر إلى تسليم أسلحة متوسطة لديها ما زالت موجودة في عين الحلوة".
المعلومات تقولُ إن "الشاحنات التي خرجت من المخيم قبل أكثر من شهر مُحملة بأسلحة مختلفة لم تكن هي الوحيدة التي جرى تسليمها"، مشيرة إلى أن هناك كميات أسلحة أخرى خرجت من المخيم "تحت الهواء"، وذلك في إطار تعاونٍ وتنسيق مستمرّ بين الجيش و"فتح"، وبعيداً عن عدسات الكاميرات.
فعلياً، فإن
الدولة اللبنانية تراهنُ كثيراً على تعاون "فتح" لضبط أمن المخيمات، فيما لا مصلحة لدى أجهزة الأمن
اللبنانية بإضعاف الحركة داخل تلك التجمعات باعتبار أن أي سيناريو من هذا القبيل يعني توسع الجماعات المسلحة المتطرفة وفرض سيطرتها على المخيم.
ماذا عن منير المقدح؟
وحالياً، فإنّ جبهة "فتح" الداخلية مُتماسكة، وفق ما تقول مصادر فلسطينية متابعة، في حين أنّ التغييرات القيادية التي حصلت مؤخراً أرست ارتياحاً أكثر فأكثر، خصوصاً أن المسؤولين الذين تم اختيارهم، لديهم علاقات فاعلة وفعلية مع الأطراف الشعبية، ما يفرضُ أثراً إيجابياً في حل أي مشكلة قد تحصل، وبالتالي ضمان أمن المخيمات.
ووسط ذلك، تتجهُ الأنظار إلى اللواء منير المقدح، القيادي البارز في "فتح" والذي أحيلَ في وقتٍ سابق على التقاعد، لكنه ما زال يحظى بنفوذ داخل عين الحلوة، علماً أنّه كان يواجه تهديداً إسرائيلياً بالاغتيال لاسيما بعد اغتيال شقيقه خليل المقدح خلال شهر آب عام 2024.
وفي الوقت الراهن، فإن المقدح يعتمد إجراءات دقيقة بشأن وضعه، وفق ما تقول مصادر أمنية، لكنه في الوقت نفسه تعاون مع مسألة تسليم السلاح الفلسطيني بـ"ليونة"، وتشيرُ المعلومات إلى أنه "سلّم دفعة من الأسلحة الموجودة لديه"، لكن هناك دفعة تم تأخير تسليمها والعملُ جارٍ على حل مسألتها قريباً.
أمام كل ذلك، يبقى موضوع المخيمات طاغياً على المشهد، خصوصاً أن مسألة تلك التجمعات تعتبرُ مفصلية وأساسية ولا يمكن فصلها عن مسار الأحداث على وقع التصعيد المُحتمل بين
لبنان وإسرائيل. وعملياً، فإن نجاح عملية نزع سلاح المخيمات سيمثل تثبيتاً لقدرة
الدولة على اجتياز اختبار جديّ كانت تواجهه منذ سنوات طويلة، فهل سيستمر هذا المسار ضمن الهدوء القائم أم أننا سنشهدُ جولات قتالية جديدة في يومٍ ما؟