صحيحٌ أنَّ ملف سلاح المُخيمات قد وُضع على نارٍ حامية قبل أشهر وما نتج عن ذلك من تسليم فعلي له من قبل حركة "فتح"، لكن الأمور قد لا تنتهي هنا خصوصاً إذا كان هناك من خطط فعلية تهدف إلى إنهاء وجود المخيمات وتشتيت شمل سكانها الفلسطينيين سواء داخل لبنان أو خارجه.
لا تخفي مصادر سياسية مخاوفها من سيناريوهات تستهدف اللاجئين، خصوصاً أن هناك خططاً قديمة - جديدة تهدد وجود هؤلاء داخل لبنان لاسيما في منطقة
جنوب لبنان حيث توجد مخيمات عديدة.
تقولُ معلومات "
لبنان24 " إن هناك مشروعاً طُرح قبل فترة ينصّ على إمكانية تفكيك مخيمات اللاجئين على الساحل الجنوبي للبنان شرط أن يُنقل
الفلسطينيون إلى أرضٍ في منطقة
شمال شرق لبنان، وذلك في نقطةٍ قد تكون قريبة من الحدود مع
سوريا .
وفق المعلومات التي تحدثت عنها مصادر متقاطعة، فإنّ ذاك المشروع لم يُبصر النور، مشيرة إلى أن مسألة تفكيك المخيمات وترحيل أهلها تمثل فكرة قديمة لكنها تتجدد كل فترة، ما يثير مخاوف الفلسطينيين داخل لبنان خصوصاً أن هناك مشاريع فعلية تستهدفهم.
وفي الأصل، فإن أساس هذه الفكرة ينبع من وجود خُطط قد تكون مُرتبطة بمشاريع استثمارية تنوي دول عديدة إقامتها في جنوب لبنان، ما يتطلب لجماً لأي عناصر مسلحة قد تؤدي إلى تعكير الأجواء على أي شركة قد تدخل لبنان. وعليه، فإنّ هذه المشاريع تتطلب بيئة أمنية آمنة ولا ساحة اضطرابات قد تكون المخيمات سببها.
هنا، تقول المصادر إن حركة "فتح" حينما سلمت سلاحها، قرأت هذه الصورة من منظارين، الأول وهو ضمان حقوق الفلسطينيين وعدم جعلهم عرضة لأي مُتاجرة بهم، فيما الأمر الثاني يتصل أيضاً بمسعى الحركة لتكريس تعاون كامل مع الدولة
اللبنانية والوصول معها إلى صيغ مشتركة تضمن الحفاظ على الأمن الداخلي وعدم قطع الطريق على أي فرصة قد يستفيد منها لبنان، ما يعني عدم جعل الوجود الفلسطيني عقبة أمام أي استثمارات تنفع الجميع.
منذ سنوات طويلة، يسعى الفلسطينيون في لبنان إلى عدم التدخل في أي قرارٍ داخلي لبناني، فيما امتثال "فتح" لقرارات الدولة يُعتبر أمراً محورياً ولا يمكن التغاضي عنه، خصوصاً من الناحية الأمنية. وفي الأساس، فإن الحركة تُدرك خطورة المخطط الذي يطال الفلسطينيين في لبنان، ولهذا السبب تسعى بكل ثقلها وقواها ومقدراتها إلى فرض نفوذها داخل المخيمات وتطويق الوضع الأمني فيها لكي لا تتحول تلك التجمعات مُجدداً إلى ساحة للاقتتال والإشكالات الأمنية.
أمام ذلك، فإن الرهان يبقى على مسار ما قد تشهده المخيمات من تبدلات لاحقة، خصوصاً أن المخاوف لم تنعدم إزاء مصيرها. المسألة هذه تستدعي الحذر مما قد يحصلُ لاحقاً في ظل ما يمكن أن يحكى عن "تفكيكٍ" لها وتحويلها مجدداً إلى بؤرة صراع.
هنا، يبرزُ خطر كبير يتصل بالجماعات المتطرفة التي لم تُسلّم سلاحها، وتقول المصادر إن "وجود هذه الجماعات وعدم حراكها في الوقت الراهن، إنما يمثل إشارة فعلية إلى أن هناك شيئاً ما يُحضر، وبالتالي هناك مخاوف من إمكانية اندلاع اشتباك ما قد يجعل تلك المخيمات موضوعة تحت المجهر بشكل دقيق".
لهذا السبب، من الممكن جداً أن تتجه الأنظار إلى المخيمات مُجدداً خلال المرحلة المقبلة، والعين الأكبر ستكون على
عين الحلوة ، المخيم الأكثر خطورة من ناحية المطلوبين والجماعات المتحصنة فيه.