آخر الأخبار

حرب إسرائيلية على 7 جبهات بلا نصر... وإيران أكثر تماسكاً

شارك
لا يمكن الحديث عن انتصارٍ إسرائيلي في حربٍ اندلعت على سبع جبهاتٍ في آنٍ واحد، شملت غزة و الضفة الغربية، ولبنان وسوريا وقطر واليمن وحتى إيران . فالمشهد الإقليمي الراهن لا يعكس تفوقاً عسكرياً بقدر ما يكشف عن مأزقٍ استراتيجي تعيشه إسرائيل في مواجهة شبكة مقاومة مترابطة المصالح والأدوار، يصعب تفكيكها أو إخضاعها بالقوة. فهذه الحركات، رغم ما تعرضت له من ضربات قاسية، لم تُستأصل ولم تفقد قدرتها على الفعل والتأثير.

فعلى الساحة اللبنانية ، يمكن القول إن المواجهة انتهت بنتيجة شبه متعادلة بنسبة 50% مقابل 50%، في حين مالت الكفة في غزة لمصلحة إسرائيل بنسبة تقارب 80% مقابل 20%. أمّا على الجبهة الإيرانية، فقد كانت المعادلة معكوسة نسبياً، إذ رجحت الكفة لصالح طهران بنسبة 60% مقابل 40%، وهي التي تمكنت من الحفاظ على تماسكها الداخلي واستعادت عافيتها بسرعة عقب الضربة الأولى.
وفق الإيرانيين، لقد أثبتت الحرب الإسرائيلية التي استمرت 12 يوماً ضد إيران أنها فشلت في تحقيق أهدافها المعلنة، إذ خرجت طهران منها أكثر تماسُكاً وثقةً بقدرتها على مواجهة الضغوط، في حين وجدت إسرائيل نفسها أمام واقع معقد، لم تعد أدوات القوة التقليدية كافية لحسمه .وعليه تبدو الجمهورية الإسلامية اليوم أكثر تماسكاً من أي وقت مضى. فرغم الضغوط الاقتصادية والعقوبات الغربية التي لا تزال تتعرض لها، نجحت في ترسيخ استقرارها الداخلي والحفاظ على وحدة قرارها السياسي. وفي المقابل، أدرك الأميركيون أن إسقاط النظام الإيراني لم يكن هدفاً واقعياً، ولا يمكن تحقيقه لا بالعقوبات ولا بالعزل، بعدما أثبتت إيران قدرتها على الصمود والتكاتف وتعزيز التعاون والوحدة بين الإصلاحيين والمحافظين.

وخلافاً للرهانات الغربية والإسرائيلية، فإن الدور الإيراني في المنطقة لم ينتهِ، بل يعاد تموضعه اليوم على أسسٍ أكثر صلابة وثباتاً. فطهران، التي تؤكد رفضها التدخل في الشؤون اللبنانية الداخلية، تعتبر أنّ مسألة سلاح حزب الله شأنٌ لبنانيٌّ صرف، والقرار فيه يعود حصراً إلى الحزب نفسه. غير أنّها ترى، من زاويتها الاستراتيجية، أنّ أي ربطٍ للدعم الدولي للبنان بتسليم سلاح المقاومة يعني عملياً إعلان نهاية لبنان ككيان قادر على الدفاع عن نفسه، وبالتالي انتفاء الحاجة إلى أي دعم يأتي في ظل انكشاف البلاد أمام العدوان.
وبينما تعتبر العلاقات الإيرانية – السعودية ، اليوم في وضع مستقر وهادئ، فالمملكة لا تزال متمسكة بموقفها التقليدي من حزب الله، فيما تؤكد طهران أنها لم تطلب من الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم، اتخاذ أي موقف تجاه الرياض، وأنّ ما صدر عنه في هذا السياق لجهة دعوته المملكة إلى فتح صفحة جديدة وتنحية الخلافات وإنشاء جبهة موحدة في وجه إسرائيل، كان نتيجةً طبيعية لتطوراتٍ إقليمية، ولا سيّما بعد الضربة التي استهدفت قطر وأعادت خلط الأوراق في الخليج.
أما بشأن الدعم الإيراني لحزب الله خلال الحرب وقبلها وبعدها، فيوضح المسؤولون الإيرانيون أنّ إيران لم تقتصر في دعمها في السنوات الماضية على الجانب العسكري، بل قدمت مساعدات إنسانية وإغاثية وطبية شملت مناطق لبنانية عدة، وذلك في إطار ما وصفوه بـالمسؤولية الأخوية تجاه لبنان.
وعند سؤالهم عن سبب عدم توجيه هذه المساعدات عبر الدولة اللبنانية، يرد الإيرانيون بأن طهران في السنوات الماضية كانت مستعدة لتزويد لبنان بالفيول كهبة ومن دون أية شروط، غير أن السلطات اللبنانية رفضت العرض خشية العقوبات الدولية، ما دفع إيران إلى توجيه مساعداتها عبر قنوات غير رسمية لتأمين حاجات أساسية في ظل الحصار والضائقة الاقتصادية.

حتى الآن، لا يوجد تواصل جدي بين طهران وحكومة الرئيس السوري أحمد الشرع، في انتظار ما ستستقر عليه سياسات هذه الحكومة، وما إذا كانت ستتبنّى مقاربة متوازنة في علاقاتها مع دول المنطقة. فإيران تترقّب توجّه الشرع في رسم ملامح علاقاته المستقبلية، خصوصاً لجهة تعاطيه مع ملفاتٍ حساسة كالعلاقة مع "محور المقاومة" ومستقبل الانفتاح على هذا المحور.
أما على جبهة غزة، فإن إيران، التي دعمت الجهود الرامية إلى وقف إطلاق النار، لا تخفي قلقها من احتمال تراجع إسرائيل عن تعهداتها. لذلك، تدعو المجتمع الدولي إلى ضمان التزام إسرائيل بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه، لا سيما أن اتفاق وقف إطلاق النار أبصر النور قبل ساعات فقط من إعلان لجنة نوبل عن الفائز بجائزة نوبل للسلام لعام 2025، ويذكر أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يعتبر نفسه المرشح الأوفر حظاً لنيل الجائزة، ويطمح بشدة للحصول عليها، ما يثير مخاوف من أن تنفلت الأوضاع مجدداً بعد أن يحقق ترامب هدفه. وهكذا، فإن المشهد الراهن يعكس بوضوح تسييس الملف الإنساني وتحويله إلى ورقة استثمار سياسي. وفي المقابل، تشير الوقائع الميدانية، وفقاً للرؤية الإيرانية، إلى أن إسرائيل لم تحقق نصراً، وأن رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو يعيش مأزقاً داخلياً عميقاً، في وقتٍ تمرّ فيه إسرائيل يظروف غير مسبوقة على مختلف المستويات.

وسط ما تقدّم، ورغم الجهود الدبلوماسية المكثفة، لا يستبعد أحد من محور المقاومة احتمال استئناف الضربات الإسرائيلية على لبنان، التي لم تتوقف عملياً وامتدت لتطال الأراضي السورية أيضاً. فـالمشروع الإسرائيلي لا يزال توسعياً بامتياز، يسعى إلى فرض وقائع ميدانية وسياسية جديدة في المنطقة، غير أن تحقيق هذا المشروع يصطدم بـعقبات متراكمة، في ظل تبدّل أولويات واشنطن في إدارة الصراع، إذ تضغط الأخيرة في اتجاه توقيع اتفاق أمني بين سوريا وإسرائيل، يُمهّد للتطبيع مع الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، وليس تقسيمها.
لبنان ٢٤ المصدر: لبنان ٢٤
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا