نشر معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي (INSS)، تقريراً جديداً تحدث فيه عن واقع " حزب الله " في لبنان لاسيما بعد مرور عامٍ على اغتيال الأمين العام لـ"الحزب" السيد حسن نصرالله يوم 27 أيلول 2024 إثر غارة إسرائيلية استهدفت الضاحية الجنوبيّة لبيروت.
التقرير الذي ترجمهُ
"لبنان24" قال إن اغتيال نصرالله كان بمثابة أسوأ لحظة في تاريخ "حزب الله"، وذلك بعد سلسلة الضربات التي تلقاها على يد الجيش الإسرائيلي خلال الحرب التي
دارت بين الطرفين العام الماضي.
وذكر التقرير أنَّ "حزب الله" شهد تطورات سلبية أخرى وعلى رأسها انهيار نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد وتفكك المحور الشيعي الموالي لإيران وتشكيل قيادة جديدة في لبنان تُعارض مسار الحزب، وأضاف: "بعد مرور عام، يبدو أنَّ حزب الله قد غيّر وجهه بالفعل، لكنه لا يزال متمسكاً بأيديولوجيته المتطرفة. كانت احتفالات إحياء ذكرى اغتيال نصرالله في أيلول الماضي، فرصة له لإظهار قوته وجزءًا من جهوده لإعادة تأهيل نفسه، مع التعامل مع التحديات التي يواجهها، بما في ذلك مطلب نزع سلاحه".
واعتبر التقرير أنَّ مكانة نصرالله وتأثيره تجاوزا مناصبه الرسمية في التنظيم، وأضاف: "خلال 32 عاماً قضاها أميناً عاماً، لعب دوراً حاسماً في تطوير حزب الله إلى قوة مستقلة وقوية تهدد
إسرائيل وخصومها في الداخل، وفي الوقت نفسه، رسّخ مكانة التنظيم كعامل محوري في النظام السياسي والاجتماعي والاقتصادي في لبنان. وخارج لبنان، كان نصرالله أيضاً داعماً أساسياً لإيران وعاملاً رئيسياً في صياغة وتطوير استراتيجية المحور الشيعي".
وذكر التقرير أن "حزب الله" واجه الإنهاك والضعف، مشيراً إلى أنه "خسر العديد من قادته ومقاتليه خلال الحرب، فيما تقلصت قدراته العسكرية والاقتصادية بشكلٍ كبير، كما اضطر إلى إيجاد طرق بديلة لتهريب الأسلحة والأموال والمخدرات بسبب محاولة النظام الجديد في
سوريا عرقلة أنشطته على أراضي البلاد"، وأضاف: "الأسوأ من ذلك كله، أن حزب الله لا يزال هدفاً لهجمات يومية من قبل الجيش الإسرائيلي، الذي يعمل على إحباط جهود إعادة الإعمار، والقضاء على عناصره، وتدمير بنيته التحتية العسكرية - مستودعات الذخيرة ومصانع الإنتاج".
وذكر التقرير أنَّ "غياب القادة الكبار والمخضرمين الذين قُتلوا في الحرب يُعقّد أيضاً عملية صنع القرار في المنظمة التي تمر بمرحلة حرجة"، معتبراً أنَّ "أمين عام الحزب الشيخ نعيم قاسم يفتقد إلى قدرات ومكانة نصرالله"، وتابع: "في الآونة الأخيرة، تراكمت التقارير حول اختلافات في الرأي بين القادة الكبار المتبقين في المنظمة، وخاصة بين قاسم، الذي يقود خطاً براغماتياً نسبياً، ومجموعة أكثر تطرفاً بقيادة وفيق صفا، أحد قدامى المنظمة، والذي يتخذ نهجاً متحدياً لقاسم والقيادة الرسمية في لبنان. في فعالية لإحياء ذكرى اغتيال نصر الله، أقيمت في صخرة الروشة، تجاوز صفا التصاريح الممنوحة له واستخدم الأماكن العامة لصالح حزب الله، لدرجة أن رئيس الوزراء اللبناني سلام طالب باتخاذ إجراءات قانونية ضده"، على حد تعبير التقرير.
واستكمل: "من التحديات الرئيسية الأخرى التي تواجه حزب الله، الذي التزم بثبات بعقيدة المقاومة والكفاح ضد إسرائيل، التهديدات الداخلية التي تواجهه كجماعة مستقلة بعد تشكيل قيادة لبنانية جديدة، ملتزمة بتعزيز سيادة لبنان ورسم ملامح نظام جديد فيه. القضية المحورية المطروحة هي مطلب نزع سلاح حزب الله، في إطار سعي القيادة إلى احتكار السلاح، وهو أمرٌ ضروريٌّ الآن للاستجابة للضغوط الخارجية التي تُمارس عليه، لا سيما من
الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة العربية
السعودية . تُقدم هذه الدول مساعداتٍ كبيرةً لإصلاح أضرار الحرب وإنعاش الاقتصاد اللبناني الهش، مع إحراز تقدمٍ في هذه المهمة الصعبة ضد حزب الله".
وذكر التقرير أن مسألة نزع سلاح "حزب الله" تعتبر حاسمة بالنسبة للأخير، والذي يُطال بشدّة بالاستمرار في امتلاك السلاح الذي يُعتد من وجهة نظره، ركناً أساسياً من أركان قوته في مواجهة أعدائه في الداخل والخارج"، وتابع: "في هذا الصدد، يُقدّم الحزب خطاً موحداً وواضحاً، كما عبّر عنه جميع ممثليه ووسائل إعلامه، وكذلك في جميع خطابات قاسم، التي تُؤكّد على أن الحزب لن يتنازل عن سلاحه المُخصّص للدفاع عن لبنان، ولن يُناقش هذا الأمر حتى تُلبّى مطالبه ضد إسرائيل: الانسحاب الكامل للجيش الإسرائيلي من الأراضي
اللبنانية (الانسحاب من النقاط الخمس التي لا يزال الجيش الإسرائيلي يسيطر عليها على طول الحدود)؛ ووقف الهجمات
الإسرائيلية على حزب الله؛ وإطلاق سراح جميع الأسرى اللبنانيين
في إسرائيل ؛ وترميم أضرار الحرب في القرى اللبنانية".
واستكمل: "في الوقت نفسه، وبعد مرور عام تقريباً على سريان وقف إطلاق النار، يبدو أن التنظيم يستعيد عافيته، ويعزز عمليات إعادة التنظيم، ويجند عناصر جدد، ويبتكر أساليب جديدة لتهريب الأسلحة (بحراً وجواً، إلى جانب محاولاته لإيجاد طرق جديدة عبر سوريا، والتي أُحبط بعضها)، ويوفر مصادر دخل جديدة من خلال عناصره في أميركا الجنوبية وأوروبا وأفريقيا. وتزعم مصادر في التنظيم أيضاً أنه تمكن من مساعدة مؤيديه المتضررين من الحرب بمبالغ تصل إلى مليار دولار. علاوة على ذلك، لا يزال حزب الله يحظى بتعاطف جماهيري واسع في لبنان، كما يتجلى في العدد الكبير من المُشاركين في احتفالات ذكرى اغتيال نصر الله".
ويتحدث التقرير عن "ضرورة مواصلة إسرائيل منع تعافي حزب الله"، مشيراً إلى "وجوب اللجوء إلى عملية سياسية تتضمن خطوات لتعزيز القيادة والجيش اللبنانيين"، وأضاف: "كذلك، يجب تسريع الحملة السياسية والاقتصادية ضد حزب الله، ولا سيما لقطع مصادر تمويله".