آخر الأخبار

معركة الكبتاغون: الجيش يضرب أوكارهم..الخليج يراقب ومشموشي يطرح خطّة النصر

شارك
في واحدة من أوسع الحملات الأمنيّةّ التي يشهدها لبنان منذ سنوات، يخوض الجيش والقوى الأمنيّة معركة مفتوحة ضدَ عصابات المخدرات، أثمرت عن كشف مصانع سرّية خلف جدران مخفيّة، مجهّزة بآلات حديثة، ومخازن مليئة بعشرات ملايين الحبوب المعدّة للتصدير، خصوصًا إلى أسواق الخليج العربي، وفق ما أعلن وزير الداخلية والبلديات أحمد الحجار.
مؤخّرًا كشف الجيش عن ضبط نحو 64 مليون حبة كبتاغون في منشأة في بلدة بوداي في بعلبك، إحدى أكبر كميات المخدرات المضبوطة داخل الأراضي اللبنانيّة. وبعد مضي ساعات على تلك العملية، نفّذ الجيش عمليّة أمنيّة نوعيّة داخل مخيم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين في بيروت ، نجح خلالها في دهم مستودع رئيسي، وأوقف عددًا كبيرًا من المطلوبين في تجارة المخدرات.
تثبت هذه العمليات أنّ معركة الدولة اللبنانية ضدّ المخدرات وعصاباتها، ومصنّعيها، وتجارها، دخلت منعطًفا حاسمًا، بالتزامن مع تهاوي البنية التي كانت تؤمّن الحماية والتغطية لهذه الشبكات، حيث فقدت الممرّ السوري الآمن والدعم، ما جعل عمليات التهريب أكثر صعوبة. وهكذا بدأت خيوط المنظومة تتكشّف في الداخل اللبناني، بفعل العمليات النوعيّة التي تنفّذها القوى الأمنية، بدقّة متناهية.
هل سينتصر لبنان في معركته ضدّ شبكات المخدرات؟ وما هي الانعكاسات السياسيّة لهذه الحرب على علاقاته الخارجيّة، ولا سيّما مع دول الخليج التي تضررت بفعل شحنات التهريب السابقة؟
رئيس مكتب مكافحة المخدرات سابقًا العميد المتقاعد الدكتور عادل مشموشي لفت إلى أنّ ظاهرة المخدرات تشكّل معضلة على المستويين الدولي والوطني، إذ تُصنَّف ضمن الجرائم العابرة للحدود، التي لا تكاد دولة في العالم تخلو من معاناتها، وإن بنسب متفاوتة.
وفي حديث لـ " لبنان 24 " أشار مشموشي إلى أنّ ما يفاقم من خطورة المخدرات، تبعاتها المتشعّبة على مستويات عدّة، فهي لا تقتصر على الإدمان، بل تطال الاقتصاد والصحة العامة والأمن، نتيجة تعاون الشبكات الإجراميّة الضالعة في مختلف أشكال الجريمة المنظّمة.
الكبتاغون: من سوريا إلى لبنان فالخليج
يُعتبر الكبتاغون مثالًا صارخًا على تداخل العوامل الأمنيّة والسياسيّة والاقتصاديّة. استُخدم في البداية كمستحضر طبي، قبل أن يتحوّل إلى مادة واسعة الانتشار بين السائقين والطلاب والميليشيات المسلّحة وفق ما لفت مشموشي "وفي العقد الأخير راجت صناعة الكبتاغون أحد مشتقات مادة الأمفيتامين، وكان السوق الخليجي الأكثر استهدافًا في عمليات التهريب من قبل منتجي هذه المادة. بدأت هذه الصناعات في بعض دول آسيا وأوروبا الشرقية،ومن هناك تسرّبت إلى سوريا، حيث عمد تجار المخدرات إلى إنتاجها، واستغلوا وجود مصانع لإنتاج مواد تنظيف، لجهة وجود مواد مشتركة بين الصناعتين.وخلال سنوات الصراع في سوريا لجأ عدد من تجار المخدرات السوريين إلى لبنان، وحصل تعاون مع تجار لبنانيين، هذا ما أدى إلى انتقال ظاهرة إنتاج الكبتاغون إلى داخل الأراضي اللبنانية، لاسيما في بعلبك والهرمل ووداي خالد".
كما شهدت السنوات الأخيرة تغطية النظام السوري السابق أو بعض رموزه لإنتاج الكبتاغون، الذي بات مصدر دخل أساسي لتغطية النفقات، في ظل الحصار الدولي على سوريا. ولفت مشموشي أنّه خلال سنوات الصراع في سوريا، تمّ إنتاج كميات كبيرة صُدرت إلى دول الخليج العربي. وعندما شدّدت دول الخليج الرقابة على الواردات السوريّة، لجأ المهربون إلى استخدام الأراضي اللبنانيّة، فأضحى لبنان بلد عبور وتصدير، ما ألحق أضراراً جسيمة بسمعته وصادراته وعلاقاته مع الدول لاسيّما الخليجية منها.
تأثير الأزمة الاقتصادية وضعف الإمكانات
أثّرت الأزمة الاقتصادية اللبنانية سلباً على أداء الأجهزة الأمنية والعسكرية، بسبب انهيار قيمة العملة وتدني الرواتب، ما انعكس على قدرتها على مواجهة شبكات التهريب. وإذ أشاد مشموشي بالعمليات النوعية التي ينفّذها الجيش في كشف عصابات المخدرات وتفكيك معامل تصنيع المخدرات، رأى أنّ الإجراءات المتخذة ما زالت دون مستوى التحديات، لعدّة أسباب منها عدم اعتماد أنظمة إلكترونية فاعلة على المنافذ البحريّة والجويّة.
توصيات واستراتيجية وطنية
مكافحة هذه الظاهرة، وتفكيك الشبكات المتوغلة في المناطق الحدودية مع سوريا، تتطلب، وفق مشموشي، وضع استراتيجيّة وطنية شاملة، ترعى التنسيق بين مختلف الوزارات والجهات المعنية، بإشراف المجلس الوطني لمكافحة المخدرات برئاسة رئيس الحكومة. تشمل الاستراتيجيّة، تعزيز مكتب مكافحة المخدرات،ورفده بالعناصر المتخصّصة والمدربة. توسيع صلاحيات المكتب لجهة استحداث مراكز فرعيّة له على مختلف منافذ العبور، بما يمكّن الضباط من كشف عمليات التهريب من خلال التدقيق بالبيانات. تجهيز المرافق الحدوديّة والبحريّة والجويّة بأنظمة رقابة حديثة ومتنوّعة، ووجوب تزويد المكتب بداتا المعلومات حول الأنشطة التجارية، ليصار إلى تحليل البيانات من قبل الضباط المتخصصين في المكتب، ما يقودهم إلى كشف الجماعات المتورطة. تعزيز التنسيق بين الأجهزة الأمنيّة والعسكريّة والقضائيّة. وتفعيل التعاون وتبادل المعلومات مع الدول العربيّة المعنيّة، خاصة سوريا والأردن والعراق ودول الخليج.
في المحصلة يجد لبنان نفسه أمام مفترق حاسم،فالمعركة ضد شبكات المخدرات لم تعد شأناً أمنيّاً فحسب، بل أضحت رهانًا سياسيًّا ودبلوماسيًّا على استعادة الثقة العربيّة، خصوصًا الخليجيّة. ونجاح الجيش والقوى الأمنية في دهم أوكار تجار المخدراتوكشف معاملهم السريّة وضبط ملايين الحبوب، يبعث برسالة واضحة أنّ الدولة قادرة على الإمساك بزمام المبادرة.
لبنان ٢٤ المصدر: لبنان ٢٤
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا