آخر الأخبار

هذا ما سيحصل إذا لم يُحصَر السلاح بيد الشرعية

شارك
ما هو واضح وجلّي حتى الآن أن الجيش يواجه بعض الصعوبات في تنفيذ ما جاء في خطّته لجهة حصرية السلاح" في المنطقة الجغرافية الواقعة جنوب نهر الليطاني قبل الموعد المفترض أن تحدّده وزارة الداخلية والبلديات لانطلاق العمل التحضيري للانتخابات النيابية المفترض أن تجري نظريًا ابتداء من منتصف شهر أيار المقبل.
ويعود السبب الرئيسي في عدم تمكّن الجيش من تنفيذ هذه الخطّة إلى عاملين: الأول لا يقلّ أهمية عن الثاني، والعكس صحيح. فإسرائيل تحاول من جهتها عرقلة عمل الجيش والحؤول دون قيامه بمهمته بالكامل ووفق الاجندة الزمنية الملزم اتباعها حرفيًا، مع أن هذه الفترة الزمنية تبدو بالنسبة إلى البعض مطّاطة، إذ أن هذه العملية لا تحتاج إلى ثلاثة أشهر لـ "تنظيف" المنطقة من أي سلاح غير شرعي.
فالعرقلة الإسرائيلية واضحة المعالم في هذه المنطقة تحديدًا، وذلك من خلال ما ينفذه جيش العدو من اعتداءات يومية قد يكون لها أهداف أبعد مما هو ظاهر بالعين المجرّدة. وهذا ما أشار إليه الرئيس جوزاف عون في كلمته في نيويورك.
أمّا العامل المعرِقل الثاني فهو موقف " حزب الله "، الذي يعلن عبر مسؤوليه، رفضه المطلق لتسليم سلاحه تحت أي حجة، ويعتبر أن قرارات الحكومة في جلسات 5 و7 آب و5 أيلول قد ولدت ميتة. وقد تكون مفاعيل إصراره على إضاءة صخرة الروشة بصورتي السيدين حسن نصرالله وهاشم صفي الدين واحدة من بين الأسباب الكثيرة، التي من شأنها أن تعيق استعادة الدولة لما فقدته من هيبة وقرار على مدى سنوات.
وبسبب هذين العاملين السلبيين فإن قرار "حصرية السلاح" ستبقى، على ما يبدو، أسيرة الوقت، الذي لا يعمل لمصلحة ما يمكن أن يُتخذ من قرارات حكومية كان يُعوَّل عليها لانطلاق عجلة الحياة السياسية واستعادة الدولة ما سبق أن فقدته بفعل هذين العاملين المؤثرين المباشرين، اللذين لا يمكن معهما أن تستقيم دورة الحياة العادية في لبنان .
فالانتخابات النيابية قد أصبحت في خبر كان. هذه القناعة هي نتيجة من بين نتائج كثيرة توصّلت إليها الدول المهتمة بالوضع اللبناني. وهذه القناعة ليست بسبب عدم تفاهم القوى السياسية في لبنان على تعديل القانون الحالي للانتخابات فحسب، بل هي نابعة من نظرة شاملة لما يجري على الساحة اللبنانية في ضوء الرفض المستمر والمتصاعد لـ "حزب الله" تسليم سلاحه.
فمع وجود هذا السلاح بين أيدي عناصر حزبية وعدم حصره بالقوى الشرعية لن تتمكّن السلطات اللبنانية من إتمام هذه العملية في أجواء ديمقراطية. وبسبب هذا السلاح، كما يقول معارضوه، لن يتساوى اللبنانيون بالحقوق والواجبات، وسيكون لحاملي هذا السلاح "أفضلية" على غيرهم الذين لا يحقّ لهم ما يحّق لغيرهم من "امتيازات تفضيلية".
هذه القناعة قد أصبحت من بين المسلمات لدى المهتمين بالشأن اللبناني، والتي سيتم تسويقها لبنانيًا لكي تصير من ضمن القناعات المحلية الواقعية، وذلك تمهيدًا للانتقال إلى مرحلة إيجاد الإطار القانوني لهذه "التخريجة" من خلال اقتراح قانون معجّل مكرر قد يتقدم به أحد النواب تمامًا كما كان يفعل النائب السابق نقولا فتوش عند كل تمديد لمجلس النواب.
ويذهب البعض إلى حدّ القول بأن البلد سيبقى "مكربجًا" طالما أن موضوع "حصرية السلاح" لن ينتقل من الحيز النظري إلى الحيز العملي. فلا إصلاح ولا من يصلحون ما دامت هذه "الحصرية" في غير أيدي القوى الشرعية المسمّاة بالاسم في مقدمة اتفاق وقف إطلاق النار، بدءًا بالجيش ووصولًا إلى حراس البلديات.
ومن دون هذه "الحصرية" سيبقى القديم على قدمه، وسيبقى الفساد هو المسيطّر على الذهنيات وفي العقول قبل أن يكون سائدًا في زواريب الإدارات العامة.
ومن دون هذه "الحصرية" لن يكون هناك حوار بين غير متساوين أمام القانون. فـ "الغلبة" ستكون حتمًا إلى جانب من لديه فائض من القوة. وهذا الواقع هو ما دفع النائب محمد رعد إلى القول عن اعلان بعبدا "انقعوه وشربو من ميتو". وهذا ما يجعل خطّة الجيش متعثرة بعد أن قيل، وعلى لسان أكثر من مسؤول في "حزب الله" أن "القرارات الحكومية ولدت ميتة"، و"روحوا بلطوا البحر".
وعلى رغم أن الأفق سيبقى مسدوداً أمام ولادة قانون انتخابي جديد، ما لم يتأمن توافق سياسي على إقرار قانون عصري يبدد هواجس كل الأطراف، بعيداً عن الرهانات الفئوية وحسابات كل حزب على زيادة عدد نواب كتلته في المجلس أو الاحتفاظ بما حققه في الانتخابات الأخيرة، فإن المساعي لا تزال قائمة لتجنيب البلاد الوقوع في تطيير الاستحقاق، لأن ذلك سيؤدي حتمًا إلى كارثة دستورية وسياسية تضاف إلى أزمات لبنان المتراكمة.
لبنان ٢٤ المصدر: لبنان ٢٤
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا