إلى جانب هذا الهدف، تطرح بعض المصادر أنّ هناك توجهاً موازياً يتمثّل في محاولة منع أي خرق في المقاعد الشيعية. غير أنّ هذا المسعى لا يبدو واقعياً بالكامل، إذ إن القوى المنافسة، إذا قررت السعي وراء مقعد أو أكثر، يمكنها أن تضحي ببعض مرشحيها في طوائف أخرى لصالح تعزيز فرص الفوز بمقاعد شيعية. من هنا، فإن الجهد المبذول في هذا الاتجاه قد يكون من دون جدوى فعلية، لأن المعركة
الانتخابية في
لبنان لا تحسمها الحسابات الطائفية وحدها، بل ترتبط أيضاً بالتحالفات والتسويات العابرة للطوائف.
وفي موازاة ذلك، لا يمكن تجاهل تأثير العوامل الإقليمية على مسار الانتخابات اللبنانية. فالتطورات الجارية في المنطقة، سواء على صعيد العلاقات
السعودية –
الإيرانية ، أو ما يتصل بالصراع المستمر في غزة والحدود اللبنانية –
الإسرائيلية ، مرشحة لأن تترك بصماتها على طبيعة التحالفات الانتخابية المقبلة. هذه المتغيرات قد تدفع بعض القوى إلى إعادة النظر في حساباتها، أو إلى الدخول في تحالفات غير متوقعة، تبعاً للمعادلات التي قد تفرض نفسها على الأرض.
لكن حتى اللحظة، تبدو الصورة غير مكتملة. فما سيظهر خلال الأسابيع المقبلة قد يكون مختلفاً تماماً عن المشهد الحالي، خصوصاً وأنّ التجاذبات الإقليمية لم تصل بعد إلى خواتيم واضحة. وعليه، فإن القوى اللبنانية ستبقى في حال ترقب، تحاول تثبيت مواقعها بانتظار ما ستؤول إليه التطورات خارج الحدود، والتي عادة ما تنعكس سريعاً على الداخل.
يمكن القول إنّ المعركة الانتخابية المقبلة ليست مجرد سباق على مقاعد نيابية، بل هي جزء من معادلة سياسية أكبر. "الثنائي الشيعي"يطمح إلى ضمان موقع يمكّنه من الشراكة الكاملة في الحكم، فيما القوى الأخرى تبحث عن موازنة هذا النفوذ عبر اختراقات محدودة أو تحالفات أوسع. وبين هذا وذاك، سيبقى العامل الإقليمي هو الفيصل في تحديد اتجاه الرياح، وما إذا كانت ستخدم مشروع "الثنائي" أم ستفرض واقعاً جديداً على مجمل المشهد اللبناني.