آخر الأخبار

ثورة بوجهين... أين لبنان من قوّة الذكاء الإصطناعي؟

شارك
يحاول لبنان جاهداً اليوم أن يخطو خطاه نحو عالم التحوّل الرقمي بعد سنوات من الأحداث الكارثية التي ألمّت به. على المستوى الوزاري، يشهد القطاع الرقمي وتحديداً عالم الذكاء الإصطناعي حركة حتى ولو كانت خجولة، وسط الثورة غير المسبوقة في هذا المجال التي تتسابق دول العالم على الوصول إليها. ولأن هذه التقنية باتت قادرة على محاكاة التفكير البشري ، فهي تحمل في طياتها وجهاً مزدوجاً.

تمكنت البشرية من تحقيق إنجازات مذهلة في شتى القطاعات عن طريق الذكاء الإصطناعي. فسواء تعلّق الأمر بأنظمة التشخيص المبكر للأمراض، والمساعدات الذكية التي تيسّر التعليم، وأدوات التحليل التي تخدم البيئة والاقتصاد، فهذا هو الوجه الإيجابي للذكاء الإصطناعي.

لبنان ليس بعيداً عن هذا التفكير، ولو نظرياً. فقد أكّد وزير المهجرين وزير الدولة لشؤون التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي كمال شحادة قبل أيام أن الذكاء الاصطناعي أصبح حجر الزاوية في مستقبل الدول والمجتمعات.

وشدد على أن "التحول الرقمي يجب أن يشمل كل المناطق اللبنانية ، لا أن يقتصر على العاصمة، وأن يُسخّر لخدمة الإنسان في التعليم والصحة والعمل وصون الكرامة"، معتبراً أن "الدين والعلم يتكاملان".

ورأى شحادة أن أن "لبنان يملك العقول والكفاءات التي تؤهله ليكون شريكًا فاعلًا في الثورة الرقمية، مشيرًا إلى إمكان التكامل مع الدول العربية الرائدة في هذا المجال مثل الإمارات العربية المتحدة والمملكة السعودية ".

إلا أن شحادة ركّز في الوقت عينه على أهمية "توجيه الذكاء الاصطناعي نحو خدمة القيم والأخلاق، ومواجهة التحديات المرتبطة بالأخبار الكاذبة وسرقة الهويات والتأثير على الأطفال"، وهو ما بات منتشراً في أرجاء العالم ليظهر الوجه الآخر والمظلم للذكاء الإصطناعي.

وفي هذا الإطار، شدد خبير رقمي لـ" لبنان 24 " على أن أحد أبرز أسباب الانحرافات في استخدام الذكاء الاصطناعي هو غياب الأطر الأخلاقية الصارمة في تطويره، خاصة أن لبنان بعيد جداً عن الإطار القانوني في هذا المجال الآن لأسباب عدة.

وقال:" الذكاء الإصطناعي جديد على لبنان الذي يحاول أن ينضم إلى قافلة المطوّرين، إلا أن الأمر ما زال بعيداً".

وأضاف أنه "في سباق التنافس بين الشركات الكبرى على سبيل المثال، تُعطى الأولوية للسرعة في الابتكار وتحقيق الأرباح على حساب التفكير العميق في التداعيات الاجتماعية والإنسانية. هذا الخلل يجعل من التقنية أداة يمكن أن تخدم الخير أو الشر على حد سواء، بحسب الجهة التي تتحكم فيها".

من هنا، قد ظهرت مخاطر متزايدة مع التوسع غير المنضبط في استخدام هذه الأدوات. إذ رُصدت حالات شجع فيها بعض أنظمة المحادثة على الانتحار أو قدّمت نصائح مضللة تؤدي إلى مخاطر حقيقية على حياة الأفراد.
فقبل أيام، أقدم خبير أميركي في صناعة التكنولوجيا على قتل والدته، بعد أن تطورت شكوكه تجاه والدته إلى حد "جنون العظمة" بعد محادثات طويلة مع ChatGPT.
ولم يقف الأمر إلى هذا الحد، إذ اكتشفت الشرطة أن الرجل قتل والدته، ثم انتحر بتحريض من ChatGPT.

وهنا، لا بد من توجيه الذكاء الاصطناعي نحو القيم الأخلاقية لأن الأمر ليس مجرد خيار، بل هو ضرورة حتمية لضمان مستقبل آمن للبشرية. ويرتكز ذلك أولا على المسؤولية والمساءلة، إذ ينبغي أن يتحمل مطورو ومستخدمو الذكاء الاصطناعي مسؤولية كاملة عن تأثيرات أنظمتهم، حتى ولو لم يصبح القانون رادعاً فعلياً حتى الساعة.

كما يجب أن تكون خوارزميات الذكاء الاصطناعي شفافة قدر الإمكان، كي نكون قادرين على فهم كيفية اتخاذ هذه الأنظمة لقراراتها، لكي نتمكن من كشف أي تحيزات أو أخطاء.
وطبعاً، لا بد من أن تكون سلامة المستخدمين أولوية قصوى. يجب وضع بروتوكولات أمان صارمة لمنع استخدام الذكاء الاصطناعي في أي أنشطة قد تسبب ضررًا جسديًا أو نفسيًا.

ختاماً، ليس الذكاء الاصطناعي قدراً محتوماً يسير بالبشرية في اتجاه واحد، بل هو أداة بيد الإنسان، تتحدد نتائجها بناءً على كيفية استخدامها وتوجيهها. وإذا نجحنا في إخضاع هذه التكنولوجيا لمعايير أخلاقية صارمة، فإنها ستتحول إلى قوة هائلة لخدمة القيم الإنسانية وبناء مستقبل أكثر عدلاً وسلاما. أما العكس، فمرعب حقاً بالنسبة للبشرية جمعاء.
لبنان ٢٤ المصدر: لبنان ٢٤
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا