ينشغل
لبنان الرسمي اليوم بالمحادثات مع الموفدَين
الأميركيين توم برّاك ومورغان أورتاغوس اللذين وصلا تباعًا إلى
بيروت مساء أمس. وتتجه الأنظار إلى ما يحمله برّاك في جعبته إلى هذه المحادثات بعد زيارتَين قام بهما لكل من إسرائيل وسوريا ومحادثاته مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والرئيس أحمد الشرع.
وسجل تطور بارز سبق وصولهما وأضفى انطباعات شديدة الالتباس بأن الوساطة الأميركية حققت اختراقاً هذه المرة في إسرائيل من خلال انتزاع موافقتها على اعتماد "تبادل الخطوة بخطوة" وهو ما ترجمه بيان صدر عن مكتب رئيس الوزراء
الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في هذا الخصوص. ولكن بدا واضحاً أن البيان لم يسجل أي تغيير في ربط إسرائيل لانسحابها بنزع سلاح "
حزب الله " بما يبقي الوساطة الأميركية في دائرة المرواحة. وبدا من الأصداء الأولية الرسمية أن أجواء قاتمة استبقت بدء جولة الموفدين الأميركيين اليوم على الرؤساء الثلاثة، بحسب ما كتبت" النهار".
فقد أعلن بيان مكتب نتنياهو أنّ "إسرائيل تقدّر خطوات لبنان بشأن حصر السلاح"، لافتاً إلى أنه "إذا اتخذت القوات الأمنية
اللبنانية خطوات لنزع سلاح حزب الله، فإن إسرائيل ستتخذ خطوات متبادلة بما في ذلك تقليص تدريجي لوجود الجيش الإسرائيلي بالتنسيق مع
الولايات المتحدة ". وشدد البيان على "أنّ قرار لبنان بشأن حصر السلاح فرصة لاستعادة سيادته وبناء مؤسساته". وأكّد أّنه "حان الوقت للعمل مع لبنان بروح من التعاون بهدف نزع سلاح حزب الله". وأوضح "أنّ إسرائيل ستُقلّص تدريجيّاً وجود الجيش الإسرائيلي في لبنان، إذا اتخذ الجيش اللبناني خطوات لنزع سلاح حزب الله، مشيرًا الى أنّ قرار الحكومة اللبنانية نزع سلاح حزب الله حتى نهاية 2025 "جوهري".
ولوحظ أن أورتاغوس أعادت نشر بيان نتنياهو عن لبنان على صفحتها ووضعت تحته إشارة الشكر.
ووفق معلومات «البناء» سيبلغ برّاك المسؤولين اللبنانيين الرد الإسرائيلي على الورقة الأميركية التي وافقت عليها الحكومة اللبنانية، وسيناقش مع المسؤولين خطوات الحل التدريجي والخطوات المطلوبة من لبنان لدفع «إسرائيل» لاتخاذ خطوات مقابلة لوضع الأمور على قطار الحل.
وأشار مصدر رسمي لـ«نداء الوطن» إلى أن لبنان ينظر بتفاؤل حذر إلى التصريح الصادر عن مكتب نتنياهو وأكد المصدر «نريد أفعالًا لا أقوالًا، فأي خطوة تصب في مصلحة التهدئة ستساعد على الإسراع بالحلول».
وعلم أن تواصلًا حصل بين الرئيسين جوزاف عون ونواف سلام من أجل تنسيق المواقف قبل لقاءات اليوم الأميركية، وسيستمع الرئيسان إلى الجواب الإسرائيلي ليبنى على الشيء مقتضاه، في حين أن مواقف لبنان ستنطلق من تكرار الالتزام بالورقة وحصر السلاح وطلب الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية واستعادة كامل الحقوق
وكتبت" الاخبار": المكتوب يُقرأ من بيان مكتب رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو. هذا تماماً ما ينطبق على مسرحية مفاوضات الترتيبات الأمنية وفصولها المُستحدثة، والتي تمثّلت بجولات مكوكية يقوم بها الموفد الأميركي توماس برّاك بين بيروت و«تل أبيب»، لتسويق انطباع بأن إدارته تسعى إلى انتزاع خطوة «حسن نية» إسرائيلية، مقابل قرار الحكومة اللبنانية حول «حصرية السلاح».
غير أن البيان كشف ضمناً عن معطيات معاكسة تؤكّد أن الباب مُغلق، وقد يكون من الأفضل للدولة اللبنانية من الآن فصاعداً تجنّب مزيد من الإحراج! فالعدو، عملياً، قطع الطريق على أي مطلب لبناني مقابل ما أقدمت عليه السلطة اللبنانية الخاضعة للوصاية الأميركية - السعودية، ما يذكّر بما سبق أن نقله عدد من الوسطاء، من بينهم ممثّلة الأمم المتحدة جينين هينيس بلاسخارت (التي زارت إسرائيل أكثر من مرة في الأشهر الأخيرة)، بأن التفاوض يبدأ بعد سحب السلاح بالكامل، ولا شيء أقلّ من ذلك!
ويمكن القول إن برّاك، ومعه الطبّاخون الدوليون، نجحوا في إقناع أركان السلطة قبل وصوله إلى بيروت بأنه يحمل «جديداً» في ملف التسوية مع لبنان. إقناعٌ لم يلبث أن تُرجم في موجة تسريبات عبر قنوات إعلامية محلية مُجنّدة لخدمة الدعاية الأميركية –
الإسرائيلية ، فضلاً عن تسريبات نقلها موقع «إكسيوس» الأميركي عن ثلاثة مصادر إسرائيلية وأميركية، بأن برّاك بحث مع نتنياهو في «طلب إدارة الرئيس دونالد ترامب من إسرائيل كبح ضرباتها في لبنان، وكذلك في مسار المفاوضات مع سوريا»، مضيفاً أن «لإسرائيل، في ظل الحرب المستمرة في غزة، مصلحة بتهدئة الوضع على حدودها مع لبنان وسوريا والتوصّل إلى اتفاقات جديدة».
وتضمّنت تسريبات الموقع ذاته «خريطة» للمرحلة المقبلة، تتضمّن ترتيبات أمنية جديدة بين إسرائيل ولبنان، وكذلك بين إسرائيل وسوريا، بوصفها خطوة أولى على طريق التطبيع المحتمل للعلاقات في المستقبل.
على هذا الأساس، قرّر بعض الأطراف في لبنان الانسياق خلف الخُدَع الأميركية الجديدة، مترقّبين ما سيحمله برّاك والموفدة مورغان أورتاغوس، اللذان وصلا أمس إلى بيروت في زيارة هي الثانية لهما خلال أسبوع. زيارةٌ يُعوَّل في ضوئها على تظهير مصير الجولات المكوكية التي يقوم بها الفريق الأميركي بين بيروت و«تل أبيب» بشأن الآليات التطبيقية لاتفاق وقف إطلاق النار.
وكان برّاك استبق انتقاله إلى بيروت بمحطة في إسرائيل، على أمل أن ينتزع من العدو خطوة مقابل خطوة الحكومة اللبنانية التي تبنّت قراراً بسحب سلاح المقاومة مع نهاية العام، وأقرّت ورقة الأهداف الأميركية. ولأن الورقة تشمل أيضاً الجانب السوري، زار دمشق للقاء الرئيس أحمد الشرع قبل وصوله إلى بيروت.
غير أنّ مكتب نتنياهو سارع إلى إحراق عنصر «المفاجأة»، معلناً بوضوح أنّ «إسرائيل مستعدّة لدعم لبنان في جهوده لنزع سلاح حزب الله»، رابطاً أي تقليص لوجوده في لبنان بمدى نجاح لبنان بانتزاع سلاح حزب الله. وأشاد المكتب بـ«قرار الحكومة اللبنانية نزع سلاح حزب الله حتى نهاية 2025» واصفاً إياه بأنه «خطوة جوهرية»، ومؤكّداً أنّ «إسرائيل تقدّر ما أقدم عليه لبنان».
ويمكن القول إن ردّ رئاسة الحكومة الإسرائيلية على «طلب إدارة الرئيس ترامب من إسرائيل كبح ضرباتها في لبنان»، كما أورده موقع «إكسيوس»، يحمل مؤشّراً سلبيّاً للغاية. فقد ربط العدو الإسرائيلي أي خطوة مقابلة له بسحب السلاح بالكامل، ما يعني العودة إلى الصفر ورفض تقديم أي خطوة مقابلة لخطوة الحكومة اللبنانية، فضلاً عن تلميحاته الواضحة بالتدخل إلى جانب الدولة اللبنانية للتخلص من سلاح المقاومة في حال قرّرت السلطة اللجوء إلى خيارات مواجهة. كما أن الإعلان الإسرائيلي عن الاستعداد للتعاون هو محاولة لاستغلال لحظة داخلية لبنانية حساسة تخدم استراتيجية العدو من خلال صبّ الزيت على نار الفتنة.
وقال مطّلعون إن «ربط الإسرائيلي بدء الانسحاب بعد إتمام عملية نزع السلاح من دون تقديم أي ضمانة يعني عودة إلى الحلقة المُفرغة التي كان الأميركي يضعنا فيها وتقوم على قاعدة: قدّموا التنازلات ومن ثم نرى إسرائيل»، واصفين ما يحصل بأنه «فخّ جديد».
وفيما لم يصدر عن السلطة اللبنانية أيّ تعليق على ما أعلنه مكتب رئيس حكومة العدو، قالت أوساط سياسية إن «على لبنان أن ينتظر ما سيكشف عنه كل من برّاك وأورتاغوس والوفد المرافق لهما (يضمّ شخصيات عسكرية والسيناتور ليندسي غراهام المعروف بتأييده الشديد لإسرائيل ومواقفه المتشدّدة حيال إيران وحزب الله).
وقالت مصادر سياسية مطلعة ل " اللواء" ان الموفد الأميركي باراك سيحمل معه موقفا اسرائيليا من الورقة المشتركة،وهذا ما سيبلغه الى المسؤولين اللبنانيين، واشارت الى انه بناءً على ما سيسمعه هؤلاء المسؤولون سيأتي الموقف اللبناني الموحد مع
العلم ان لبنان ادى قسطه.
ورأت هذه المصادر ان ما أطلقه الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم من تصريحات يؤشر الى ان الاعتراض على تسليم السلاح لا يزال على حاله وأن قنوات التواصل مع حزب الله لا تزال غير سالكة لكنها لاحظت ان السهام وجهت بأغلبيتها الى الحكومة ما يؤشر الى علاقة متشنجة معها.
الى ذلك لفتت الى ان الاتصالات بين بعيدا وعين التينة قائمة وليس هناك من فتور في العلاقة.
وكتبت" الديار": الاجواء التي تسبق جولته على الرؤساء الثلاثة تبعث على القلق، لا سيما بعد الموقف الذي صدر امس عن رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو وتحريضه واشتراطه بدء الحكومة اللبنانية بخطوات نزع سلاح حزب الله لاتخاذ «اسرائيل» خطوات تتمثل «بتخفيض تدريجي لوجود الجيش الاسرائيلي» في الجنوب اللبناني بالتنسيق مع آلية الامن التي تقودها الولايات المتحدة.
وما يزيد من اجواء الحذر والقلق الشديدين، التسريبات التي صدرت عن وسائل اعلام اميركي في الايام القليلة الماضية عن رغبة ادراة الرئيس ترامب انشاء «منطقة اقتصادية» على الحدود داخل الاراضي اللبنانية».
وكذلك تسريبات وسائل الاعلام الاسرائيلية عن نية «اسرائيل» انشاء منطقة عازلة في الجنوب، وسعي ادارة ترامب، كما ذكرت القناة 12 العبرية، الى الدفع نحو تطبيق ترتيبات امنية جديدة بين «اسرائيل» ولبنان وسوريا لتطبيع العلاقات.
نقلت مصادر مطلعة لـ«الديار» عن مرجع بارز قوله «علينا ان ننتظر ما سيحمله باراك من رد اسرائيلي، وان كل شيء متوقف على ما سيطرحه، فاذا جاء باجواء ايجابية سنبحث معه في هذه الاجواء، واذا عاد باجواء سلبية مثل ما تسرب مؤخرا عن منطقة عازلة او اقتصادية او غيرها فان مثل هذه الطروحات مرفوضة بالمطلق، وهي تعني البقاء في مرحلة الصفر او ما قبله».
وحرص المرجع على القول «علينا الا نستبق زيارة باراك وما سيطرحه، لكن ما صدر عن رئيس وزراء العدو يعكس اجواء غير مشجعة»، مشيرا الى «محاولته اعادة الكرة الى الملعب اللبناني».
واشار المرجع من جهة ثانية الى ان باراك سيركز في زيارته اليوم على الملف اللبناني- السوري وما ورد في هذا الشأن في الورقة الاميركية.
وقالت مصادر مطلعة لـ«الديار» ان الموفد
الاميركي مهتم بتحريك هذا الملف، وانه شجع الجانب السوري على التحرك باتجاه لبنان لبحث موضوع ترسيم الحدود اللبنانية-السورية، ومعالجة موضوع المعابر والتهريب، اضافة الى قضية الموقوفين والسجناء السوريين في لبنان والمفقودين والموقوفين والمطلوبين اللبنانيين الموجودين في سوريا.
ولفتت المصادر الى الزيارة المتوقعة للوفد السوري الى لبنان بعد غد الخميس الذي سيضم
وزير الخارجية اسعد شيباني ووزير العدل مظهر عبد الرحمن الويس ومسؤولين امنيين.
واشارت الى ان المعلومات المتداولة تفيد بان الوفد السوري سيركز على موضوع الموقوفين السوريين في لبنان وموضوع الحدود، وتفعيل التواصل بين البلدين، ولا يحمل معه اي جديد في شأن النازحين السوريين.
وتضيف ان السعودية ترعى وتشجع هذا المسار بين لبنان وسوريا بعد ان كانت رعت اجتماعا امنيا واستخباريا بين الجانبين في المملكة.