ردّت الهيئة الاتهامية في
جبل لبنان طلبات إخلاء السبيل المقدّمة من المدعى عليهم، في ملف كازينو
لبنان ومنصة Betarabia وأعادت الملف إلى
النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضي سامي صادر، ما يعكس توجهًا قضائيًا حازمًا في التعاطي مع هذه القضية الحساسة.
وكتبت" الديار":منذ ما يقارب الأسبوع ختم قاضي التحقيق في جبل لبنان القاضي طارق بو نصار التحقيق في الملف الأساسي بعدما استمع شخصيًا إلى الخبراء المعيّنين ودوّن ما يلزم في ملف ضخم تجاوز الألفي صفحة.
ومع أن الملف الأساسي أُقفل، إلا أن التحقيقات لم تنته، إذ يبقى ملف آخر مفصول تتابعه في
النيابة العامة المالية القاضية دورا الخازن ويتعلق بجرائم الفساد والرشاوى والإثراء غير المشروع وتبييض الأموال، ويظهر فيه بوضوح اسم هشام
عيتاني بصفته شريكًا في القضية.
وعلى خط مواز، برز الدور الأمني الذي اضطلع به جهاز
أمن الدولة بتكليف مباشر من القاضية دورا الخازن، حيث تولى خبراؤه التقنيون الكشف على أجهزة الشركة وتقديم ما يلزم من أدلة، قبل أن يتم تعيين لجنة خبراء مستقلين برئاسة الدكتور أمين صالح، النقيب السابق للمحاسبين المعروف بكفاءته. وقد ظهر بوضوح أن اللواء إدكار لوندس، مدير عام جهاز أمن الدولة، قاد هذه العملية بنزاهة وشفافية مطلقة، بعيدًا عن أي تدخل أو مساومة.
وتشير المعطيات إلى أن عمليات تبييض أموال حصلت بالفعل، وأن جهات سياسية نافذة كانت تستفيد من الكازينو ومنصة Betarabia وOSS، فيما طرحت علامات استفهام حول وجود السيرفر في ليتونتا، الأمر الذي يعكس حجم التعقيد في هذه الشبكة. كما أن منح التراخيص الاستثنائية التي أُعطيت لشركة Betarabia بحد ذاته يثير الشبهات حول وجود فساد واستفادة شخصية، ويؤكد أن الأمر لم يكن مجرد عقد تجاري بل منظومة متكاملة من المخالفات.
ولم يقتصر الأمر على الخسائر المالية، بل وصلت ألعاب القمار إلى بيوت اللبنانيين عبر المنصات الإلكترونية، ما أدى إلى دمار اجتماعي وضياع عائلات بأكملها، لتصبح القضية شأناً وطنياً يطال المجتمع بأسره.
اليوم، يقف لبنان أمام مفترق طرق: إما أن تتابع السلطة القضائية والأمنية عملها حتى النهاية لمحاسبة كل من تلاعب بالمال العام وأذى المجتمع، وإما أن يُطوى الملف كما طُويت قضايا فساد كثيرة قبله. لكن المؤشرات حتى الساعة توحي بأن هناك إرادة جدية في المضي قدمًا، خاصة مع الالتقاء اللافت بين نزاهة القاضي طارق بو نصار وتجرد القاضية دورا الخازن من جهة، وعصامية اللواء إدكار لوندس وشفافية جهاز أمن الدولة من جهة ثانية.
وفي البعد السياسي، تبقى الأنظار شاخصة إلى موقف رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون الذي لطالما شدد في خطابه على محاربة الفساد والجريمة المنظمة. فالرئيس لا يقبل بخراب بيوت اللبنانيين ولا بهدر المال العام، وهو المشهود له بانحيازه لوطنه وشعبه. من هنا، فإن هذا الملف ليس مجرد قضية قضائية وأمنية، بل هو امتحان حقيقي للدولة
اللبنانية في التزامها بمحاربة الفساد وصون المجتمع.