كتبت راجانا
حمية في"الاخبار": قبل أيام، أطلقت مديرة عمليات
وكالة غوث وتشغيل اللاجئين
الفلسطينيين في
لبنان (أونروا)،
دوروثي
كلاوس ، ما يشبه «النفير العام». فقد حذّرت بوضوح من أن أوضاع الوكالة باتت «غير مستقرة جداً»، وأنها إن لم تحصل على كامل المساهمات المتعهَّد بها وفي مواعيدها، فلن تتمكن من مواصلة عملياتها خلال الشهر الجاري والمقبل. تحذير كلاوس كان كافياً لإشاعة موجة غضب وقلق في المخيمات
الفلسطينية في لبنان، حيث يخشى اللاجئون أن تلتهم «
الفجوة المالية» ما تبقّى من الخدمات التي ما تزال الوكالة تقدّمها.
ويُستدلّ على هذا الانحدار من تقليص الأونروا مساعداتها النقدية أخيرًا، إذ خُفِّضت بنسبة 40% من 50 دولارًا للفرد إلى 30 دولارًا فقط، بينما استُبدلت العشرون المتبقية بحصة غذائية تُعطى للعائلة مجتمعة، لا لكل فرد، بواقع حصتين للأسرة دون الخمسة أفراد وثلاث حصص للعائلات الأكبر. وبرّرت الوكالة هذا التراجع بتحول المانحين الرئيسيين من تمويل النقد إلى الغذاء، «باعتبار النقد قابلاً للاستخدام في أغراض غير مرغوب فيها».
ووثّق تقرير «شاهد» وقف «أونروا» عدداً من برامج الطوارئ في المخيمات، منها تقليص بدلات الإيجار للعائلات المستأجرة في مخيم
نهر البارد ، والتي لم يعد إعمار بيوتها، من 250 دولاراً إلى 75 دولاراً فقط، مع شطب عدد من العائلات من لوائح المستفيدين، فضلاً عن حرمان مئات العائلات الأخرى من التقديمات الاجتماعية وحصرها بالمصنَّفين في خانة «العسر الشديد». وامتدت عدوى التخفيضات إلى باقي المخيمات، كلٌّ بحسب مستوى استفادته من برامج الوكالة.
صحيح أن اللاجئين اعتادوا على تقبّل تخفيضات «أونروا»، إلا أن ما يصعب ابتلاعه هو تمدّد هذه الإجراءات لتطال القطاع الصحي، تحت ذريعة «نقص التمويل»، بما يهدد أمنهم الصحي الجماعي. فبحسب التقرير، تتجه الوكالة إلى مزيد من التقليص في الرعاية الصحية لسببين رئيسيين: أولهما انخفاض قيمة السقوف المالية أو التغطية الاستشفائية للاجئين، وثانيهما النقص المتزايد في الكوادر الطبية من أطباء وممرضين، ونقص الأدوية، ما يهدّد خصوصاً مرضى الأمراض المستعصية والمزمنة.
ورغم أن ملامح هذا التراجع بدأت منذ سنوات وتفاقمت مع الأزمة المالية عام 2019، فإنها منذ 2023 دخلت مساراً شديد الانحدار مع توقف المساعدات النقدية من الدول الكبرى لأسباب سياسية، في مقدمتها وقف الدعم الأميركي الذي كان يشكّل نحو 30% من موازنة «أونروا»، إلى جانب تقشف دول أخرى للسبب نفسه.