آخر الأخبار

هل تكون الخطوة الأولى لإسرائيل من كيس لبنان؟

شارك
سأل بعض الذين استطابوا المواقف التصعيدية، التي أطلقها الأمين العام الشيخ نعيم قاسم قبل أسبوع الحكومة عمّا إذا كان لديها الجرأة بالاعتراف بأن هذه المواقف هي التي أملت على الرؤساء الثلاثة، الذين التقوا توم برّاك ومورغان اورتاغوس، ابلاغهما الموقف اللبناني الرسمي الواحد الموحد؟ فهذا الموقف، كما يقول عنه أهل السلطة، سبق أن ورد في الأجوبة اللبنانية على الطروحات الأميركية، وهي ليست جديدة، أو نتيجة أي موقف آخر كما يحلو للبعض ترويجه، خصوصًا أن المواقف الأخيرة التي أعلنها أكثر من مسؤول في " حزب الله " صبّت في اتجاه عرقلة أي خطوة قد تفضي إلى خطوات مقابلة من قِبل العدو الإسرائيلي . فإذا كانت الولايات المتحدة الأميركية جادّة في ممارسة الحدّ الأقصى من الضغوطات على حكومة بنيامين نتنياهو فإن الأمور قد تتجه إلى ما يشبه العودة الفعلية إلى الالتزام باتفاق الهدنة، الذي نقضته تل أبيب أكثر من مرّة.
وللتذكير فقط، إذا كان لهذا التذكير من فائدة تُرجى مع هذا الصخب الخارج عن المألوف، فإن الرئيس نجيب ميقاتي هو أول من دعا إلى العودة إلى "اتفاق الهدنة" بما يضمن حق لبنان بأرضه في الوقت الذي كانت فيه الصواريخ الإسرائيلية تنهمر على رؤوس اللبنانيين في الجنوب والضاحية الجنوبية لبيروت وفي البقاع ، ولكن من دون أن تعني هذه العودة إغفال ما لدى إسرائيل من أطماع بمياه لبنان أولًا، وبإنشاء منطقة فاصلة بين حدودها المغتصَبة وبين الحدود اللبنانية المكرّسة في القانون الدولي وفق ما جاء في وثيقة سايس بيكو.
وهذه المنطقة العازلة قد تصل إلى حدود نهر الليطاني وفق ما يشير إليه الخبراء الاستراتيجيون، الذين راقبوا جيدًا الأسلوب الذي اعتمدته إسرائيل في حربها الأخيرة مع "حزب الله"، وهي لم تختر التلال الخمس، التي تمركزت فيها، إلاّ بهدف واحد، وهو تمكينها من السيطرة بالنار على أبعد مدى في الرؤية بالعين المجرّدة. وهذا لا يعني بالمفهوم العسكري أن هذه المهمة لا يمكن أن تقوم بها المسيرّات الحربية، التي تكاد لا تغيب عن سماء الجنوب وصولًا إلى العاصمة وامتدادًا إلى أكثر من منطقة بقاعية .
فالهدف الإسرائيلي لإبقاء احتلاله لهذه التلال الخمس واضح بالنسبة إلى ما لدى تل أبيب من أطماع تاريخية توسعية ليشمل احتلالها المنطقة الجنوبية الواقعة جنوب الليطاني. أمّا ما كُشف من بعض مهمة برّاك الجديدة بعد الخطوة الأولى التي قامت بها الحكومة اللبنانية لجهة حصر سلاح "حزب الله" وأي سلاح آخر بيد القوى اللبنانية الذاتية فيأتي في سياق ما كانت تخطّط له إسرائيل منذ اليوم الأول لإبقائها على احتلالها للتلال الخمس، وهي تقديم تنازل من كيس الدولة اللبنانية في مقابل أي خطوة قد يقدم عليها لبنان من كيسه وليس من كيس أحد آخر. وهذا لا يعني التسليم بمنطق الشيخ نعيم قاسم الذي يقول بأن الدولة اللبنانية قد تنازلت عن سيادتها بتخليها عن سلاح "حزب الله"، وهو عنصر قوة في يدها يمكنها من خلاله أن تفاوض من موقع قوة وليس من موقع أقّل قوة من الآخرين.
ويذكّر المقربون من "حارة حريك" كموقع سياسي بأن إسرائيل لم تكن لتقبل بترسيم الحدود لو لم يلوّح الأمين العام السابق السيد حسن نصرالله في حينه باستهداف حقل "كاريش" بعدما حلّقت مسيّرات الحزب فوقه لعدّة مرّات. وقد اعتُبر وقتها أن إسرائيل قد تلقفت رسالة نصرالله فاضطرّت للسير بما فرضه لبنان من شروط عبر الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين.
فلبنان الرسمي لن يقبل بالطبع بأن تكتفي إسرائيل بالانسحاب الصوري من التلال الخمس، بل عليها أن توقف اعتداءاتها المتواصلة على أكثر من منطقة لبنانية، وأن تعيد الأسرى والمفقودين، وأن تتعهد أمام المجتمع الدولي وبالأخص أمام الولايات المتحدة الأميركية بالالتزام بما يفرضه القرار الدولي الرقم 1701، والقبول بالعودة إلى هدنة 1949، بعد إدخال تعديلات تتماشى مع الظروف الحالية، وذلك بما يضمن أمن أهل الجنوب، الذين ينتظرون البدء بورشة إعادة إعمار منازلهم والتعويض عليهم من جرّاء ما لحقهم من خسائر بشرية ومادية.
فهل سيعود برّاك ومعه اورتاغوس من تل أبيب بما يُسمّى "خطوة مقابل خطوة"، وهل يمكن أن يدفع ما يرجّح أن تقوم به إسرائيل من خطوات ناقصة لبنان إلى العودة إلى الوراء، وإلى إبقاء القديم على قدمه؟
لبنان ٢٤ المصدر: لبنان ٢٤
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا