جاء خطاب
الأمين العام لحزب الله، الشيخ
نعيم قاسم ، امس حاسمًا وقاطعًا، منهياً أي جدل حول الموقف الرسمي للحزب في مسألة تسليم السلاح.
قاسم أكد بوضوح أن هذا السلاح لن يُسلَّم، معتبرًا أن بقاءه ضرورة استراتيجية في ظل الظروف الراهنة. أهمية هذا الخطاب لا تكمن فقط في مضمون رسالته، بل في توقيته أيضًا، إذ جاء مباشرة بعد زيارة
علي لاريجاني إلى
بيروت ، وما حملته من رسائل سياسية واضحة، وكذلك بعد خطاب زعيم الحوثيين، ما أعطى كلماته بعدًا إقليميًا أكبر.
الأهم في خطاب قاسم كان نبرة الحزم التي عكست عدم قلقه من احتمال اندلاع حرب داخلية إذا فُرضت على الحزب. فقد قال بوضوح بما معناه انه لن يبقى بلد إذا استمرت محاولات تدمير
الشيعة ، في إشارة تحمل رسائل تحذير واضحة، وتكشف أن قرار المواجهة قد اتُّخذ بشكل نهائي، سواء كانت المواجهة سياسية أو ميدانية.
مصادر مطلعة أكدت أن خطاب قاسم يعكس توجهًا داخل الحزب نحو مواجهة قرار الحكومة المرتقب أو القائم، ليس فقط عبر القنوات السياسية، بل أيضًا عبر تحرك شعبي واسع، وربما عبر وسائل عسكرية إذا اقتضى الأمر، حتى ولو كان الجيش في الواجهة.
هذه اللهجة الحاسمة تشير إلى أن الحزب يرى في التطورات الأخيرة مسًّا جوهريًا بمصالحه ووجوده، ما يدفعه لاعتماد استراتيجية أكثر صدامية مع خصومه في الداخل والخارج.
كما تضمن الخطاب إشارة بالغة الأهمية إلى
الولايات المتحدة ، حين تحدث قاسم عن "التحركات الشعبية" التي قد تصل إلى محيط السفارة الأميركية في بيروت. هذه العبارة لم تكن عفوية، بل حملت دلالات سياسية وأمنية واضحة، خصوصًا في ظل التصعيد المستمر في الموقف الأميركي من الحزب، والضغوط الاقتصادية والسياسية التي يتعرض لها.
الربط بين هذه المواقف والزيارات والتحركات الإقليمية الأخيرة يوحي بأن خطاب قاسم لم يكن فقط ردًا على نقاش داخلي لبناني حول السلاح، بل رسالة موجهة إلى أكثر من طرف: الداخل اللبناني،
الدول الإقليمية ، والولايات المتحدة وحلفاؤها. الرسالة مفادها أن الحزب متمسك بسلاحه، ومستعد لمواجهة أي مسعى لتجريده منه، ولن يتردد في الذهاب بعيدًا في التصعيد إذا شعر بأن وجوده مهدد.
بهذه الرسائل، فتح قاسم مرحلة جديدة في الخطاب السياسي للحزب، يبدو أنها تتسم بوضوح الموقف واستعداد المواجهة، ما يرفع منسوب التوتر في المشهد اللبناني، ويضع الجميع أمام استحقاقات كبرى في الفترة المقبلة.