كتب ميشال نصر في " الديار": ثمة امور اساسية تحكم العلاقة الاميركية -
اللبنانية على الصعيد العسكري، اهمها:
- اعتبار الادارة الاميركية الجيش واحدا من اعمدة الاستقرار الاساسية في البلد، وهو ما يسمعه الزوار اللبنانيون لواشنطن، وتم التاكيد عليه خلال الجولةط الاميركية الاخيرة للسفير توم براك، وهو ما يفسر الاستثمار الامني والعسكري الضخم لدولة بحجم
لبنان ، حيث فاق المليار ونصف دولار خلال السنوات الاخيرة.
- الدور المحوري للبنان في سياق الحرب ضد الارهاب، نتيجة موقعه الجغرافي، من واجهته البحرية كطريق للوصول الى اوروبا، وتماسه المباشر مع المناطق
السورية ، وتكوينه الاجتماعي خصوصا مع الوجودين السوري والفلسطيني، وما شكلاه من بيئات حاضنة للمجموعات الارهابية.
- النجاحات المتتالية التي حققها الجيش في حربه ضد الارهاب سواء العسكرية مع انجازه تحرير الارض من الجماعات الارهابية في معركة فجر الجرود، أو الحرب الاستباقية التي ادت الى حرمان الارهابيين من الموارد المالية واللوجستية وسقوط خلاياه النائمة والمستيقظة التي خططت لعشرات العمليات سواء داخل لبنان او خارجه.
- اعجاب الاميركيين بالعسكري اللبناني لجهة كفاءته وقوة عزيمته وسرعة استيعابه للعتاد والدروس القتالية، وروح الابداع التي يتحلى بها، من خلال تطوير بعض الاسلحة التي حصل عليها، او لجهة استخدام القدرة القصوى للاسلحة الاميركية التي سلمت للجيش اللبناني.
- الدور الاساسي الذي أدّاه قادة القيادة الاميركية الوسطى من الجنرال جوزيف فوتيل، الى الجنرال مايكل كوريللا، الذي زار
بيروت قبل ايام مودعا، حيث كانوا من اكثر المشجعين لرفع نسبة التعاون بين الجيشين، ومد لبنان بكل ما يحتاج اليه من اسلحة وذخائر تسمح له بتنفيذ المهمات الموكلة اليه، مشكلين لوبيا مؤثرا داخل الادارة، والذي كان له دور أساسي بوصول قائد الجيش جوزاف عون الى بعبدا.
- تاريخية العلاقة، حيث انه منذ قيام الدولة اللبنانية كان الخيار الاساسي للحكومات هو التوجه نحو الغرب للحصول على السلاح والتدريب، وبالتالي كانت
الولايات المتحدة الدولة الاساسية. وبما ان خيار السلطة السياسية لم يتغير حتى الساعة، بناء لمعطيات ابرزها قدرة الجندي
اللبناني على التاقلم السريع مع السلاح المحقق والتدريب، كان خيار الجيش بالسعي لدى واشنطن للحصول على حاجياته، خصوصا في ظل عامل الوقت الضاغط.
- المصلحة الاميركية في الحفاظ على الصداقة والتحالف القائم مع الجمهورية اللبنانية في ظل الصراع الاقليمي والدولي المحتدم في المنطقة، وامكانية لبنان على هذا الصعيد من تحقيق مصالحه في الحفاظ على استقراره وامانه، بما يمكن ان تؤمنه واشنطن بوصفها لاعبا اساسيا من مظلة استقرار يقيه تداعيات الازمات المشتعلة ومخاطرها.
وتتابع الاوساط، بانه رغم متانة العلاقة، إلا أنها لا تخلو من التحديات والاعتبارات السياسية، لعل أبرزها:
- تأثير اللاعبين الإقليميين: حيث تتأثر العلاقة بالتوترات الإقليمية ودور بعض الأطراف اللبنانية غير الرسمية، مما يفرض بعض القيود والاعتبارات، كالتي دفعت بتوم براك الى التأكيد لاول مرة على أن "المستوى العسكري يتحمل تماما كما المستوى السياسي" مسؤولية الوضع في لبنان، في أحد "عشواته اللبنانية"، وهو ما اعاد رئيس مجلس النواب
الاميركي التاكيد عليه قبل يومين.
- الرقابة الأميركية: حيث يخضع الجيش لمتطلبات رقابة أميركية صارمة على استخدام المعدات، ما يجعله حذرًا في تزويد بعض الوحدات بالمعدات الأميركية في مناطق معينة.
- الكونغرس الأميركي: يواجه الكونغرس الأميركي أحيانًا انقسامات حول طبيعة المساعدات للجيش اللبناني، حيث يرى بعض النواب أن المساعدات يجب أن تكون مرتبطة بوضع سياسي معين، بينما تؤكد الإدارة الأميركية على أن الدعم للجيش هو هدف استراتيجي طويل الأمد.
وكتبت اسماءاسماعيل في"الاخبار":لطالما شكّل الدعم الأميركي للجيش اللبناني جزءاً مركزياً من المشهد الأمني والسياسي في لبنان، لتتضافر، اليوم أكثر من أي حقبة تاريخية، الجهود الأميركيّة التي تهدف إلى إعادة تشكيل موقع لبنان الجيوسياسي وفق ما يخدم أمن
إسرائيل ، مستغلّةً ضعف الدولة والانقسام الداخلي والحاجة إلى «الدعم» لتفرض شروطاً تبدأ بالمساعدات المحدودة وتنتهي بطرح نزع سلاح
حزب الله ، إلى جانب وقوفها حجر عثرة أمام تلقي المؤسسة العسكرية مساعدات دولية وإقليمية في أكثر من محطة.
ما تدفعه واشنطن في العلن كمساعدات، تسحب مقابله قدرة الجيش على صياغة عقيدته أو العمل باستقلالية. وتؤكد وثائق صادرة عن البيت الأبيض أن الدعم هدفه «مواجهة حزب الله» لا بناء جيش ردع، وهو ما تمظهر، على سبيل المثال، حين أعادت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب عام 2018 طرح تخفيض المساعدات بنسبة 80% مقارنة بعام 2016، لتوسيع هامش الضغط السياسي.
من هنا، يُراد للجيش اللبناني أن يكون سلطة أمنية بديلة عن المقاومة، لكن دون مقدرات الردع. يُدرَّب، يُجهَّز، ويُراقَب تحت عين واشنطن، فيما يُمنَع عنه ما يمكن أن يشكّل تهديداً لتفوّق إسرائيل، بل التماهي مع ما تسميه واشنطن «الشرعية»، أي تقليص نفوذ المقاومة، وضبط الجبهة الداخلية، وإنشاء بنية أمنية متوافقة مع شروط «المجتمع الدولي».
وإزاء هذا الواقع، يبقى الجيش، رغم التضحيات الفردية لعناصره، مؤسسة مشروطة، مدعومة مالياً ولكن مقيّدة سياسياً، في بلدٍ يتعرّض دورياً للعدوان
الإسرائيلي ، ويُطلب منه في المقابل ضبط سلاحه الوطني لا رفعه.