تحل اليوم الذكرى الخامسة لانفجار مرفأ
بيروت في ظل الاستعدادات لفعاليات الذكرى اليوم في وسط بيروت امتداداً إلى مرفأ بيروت وتصاعد الشكوك الغاضبة حيال تأخر كشف الحقائق المتصلة بهذا الزلزال المخيف الذي جسّده الانفجار والعرقلة المتمادية للتحقيق العدلي الجاري حوله.
اليوم هو يوم حداد وطني رسمي وسيقام قداس في كنيسة مار يوسف في مدرسة
الحكمة بالأشرفية عند الحادية عشرة والنصف من قبل الظهر، يرأسه راعي أبرشية بيروت المارونية المطران بولس عبد الساتر ممثلا البطريرك الماروني مار بشارة الراعي، على أن يتولى النقل المباشر وللمرة الأولى "تلفزيون
لبنان "الذي سيقوم بتوزيع الصورة على كامل
المحطات التلفزيونية.
أما بالنسبة إلى التحرك الشعبي إحياء للذكرى، فقوامه تجمع في نقطتين عند الساعة الرابعة، الأولى في ساحة
الشهداء والثانية عند فوج إطفاء بيروت، قبل انطلاق المسيرتين والوصول عند الخامسة والنصف أمام إهراءات المرفأ حيث ستتلى أسماء الضحايا وتلقى كلمات باسم الأهالي.
وجاء في افتتاحية" نداء الوطن": إنه يوم ضحايا جريمة العصر. جريمة تفجير مرفأ بيروت التي هزّت لبنان والعالم في 4 آب 2020 ولم تتكشف تفاصيلها ويحاسب مرتكبوها والمسؤولون عنها بعد.
إنه يوم الشهداء الذين أزهقت أرواحهم قبل خمس سنوات، والمصابين الذين لم تندمل جروحهم بعد، يوم سكان المناطق المنكوبة الذين لم ترمّم ممتلكاتهم حتى الساعة، والأهالي الذين لم يملّوا من انتظار العدالة لدماء وآلام ذويهم.
اليوم، وتحت شعار "خلصوا الخمسة أيام وصاروا خمس سنين"، يحيي الأهالي ذكرى أحبائهم بمسيرتين تنطلقان بشكل متزامن، وتلتقيان عند تمثال المغترب، الشاهد الأوّل على المجزرة.
لا كلام يعلو على تضحيات من فقدوا حياتهم، ولا على آلام وخسائر من بقيوا على قيد الحياة. ولكن بعد خمس سنوات، كثرت المؤشرات والوعود بقرب تحقيق العدالة في هذا الملف.
وكتبت" الديار": تحل الذكرى الخامسة لانفجار مرفأ بيروت أخف وطأة من سابقاتها على أهالي الضحايا، خاصة بعد ما تم إطلاق يدي المحقق العدلي طارق البيطار مجددا بعدما تم تجميد عمله لثلاث سنوات، وفي ظل المعلومات عن اقترابه من إصدار القرار الظني الذي تقول مصادر قضائية انه «بات قوسين أو أدنى».
وترجح المصادر «ألا تتجاوز المهلة لإصدار القرار الأشهر الثلاثة، من دون أن يتبين ما إذا كان القرار سينحصر في اطار الاهمال الاداري أم أن البيطار وصل الى حقائق تؤكد أننا كنا بصدد تفجير لا انفجار».
سلام
وكان رئيس الحكومة نواف سلام اعلن امس "أن معرفة حقيقة انفجار مرفأ بيروت ومحاسبة المتورطين قضية وطنية جامعة"، لافتًا إلى "أنّ بيروت عاصمة ثكلى على أبنائها، لكن الخامس من آب يمثل اندفاع الشباب من كل المناطق لمداواة
الجراح وهو جيل يريد قيام الدولة".
وشدّد سلام خلال الجلسة الحوارية المشتركة، بين وزير الثقافة غسان سلامة ووزيرة الشؤون الاجتماعية حنين السيد، لمناقشة تداعيات انفجار الرابع من آب بعد مرور خمس سنوات على وقوعه، في المكتبة الوطنية- الصنائع، على أن المطالبة بالعدالة في تفجير مرفأ بيروت تؤمن بناء الدولة العادلة ويجب أن نحدد طبيعة البلد الذي نريد أن نعيش فيه. وقال سلام: "أعلم أن الكثير من اللبنانيين واللبنانيات يشعرون أن الحقيقة ما زالت بعيدة، وأن العدالة متأخرة. لكنّي أقولها اليوم بوضوح: لا تسوية على حساب العدالة. لا غطاء فوق رأس أي مسؤولية. ولا نهاية لهذا الجرح الوطني إلا بكشف الحقيقة، ومحاسبة المسؤولين، كل المسؤولين وأياً كانوا، أمام
القضاء ".
وفي السياق جدّد سلام "تمسكنا بما التزمنا به في البيان الوزاري: بناء دولة قوية عادلة، سيّدة، حرّة، مستقلة. دولة لن توفّر جهداً لإنهاء الاحتلال
الإسرائيلي عن كل شبر من أراضينا، ولبسط سلطتها على كامل أراضيها بقواها الذاتية حصراً. دولة يكون قرار الحرب والسلم في يدها وحدها. دولة حق وقانون تنهي الإفلات من العقاب وتحقق العدالة، ويبقى أن طريقنا الوحيد إليها هو استكمال مسيرة الإصلاح السياسي والمالي والإداري".
وارتفعت أصوات اقطاب الكنائس المسيحية في لبنان منادية بإعلان القرار الظني وإحقاق العدالة، فأعلن البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في عظة الأحد من الديمان: "إنا نطالب القاضي البيطار بممارسة صلاحياته القضائية كاملة، إظهاراً للحقيقة، وصوناً للعدالة، وضمانة للقضاء الحر الذي يعلو الجميع من دون أية حصانة".
وبدوره ميتروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران إلياس عودة الذي ترأس قداسا لراحة انفس ضحايا انفجار المرفأ، قال: "دولتنا منذ خمس سنوات، تترك شعبها بلا حقيقة ولا عدالة. الرب لم يطرد الجموع ولا ارتضى أن يبقوا جائعين، أما مسؤولو هذا الزمان، فقد أغلقوا آذانهم وقلوبهم، تركوا الأيتام بلا جواب، والأمهات الثكلى بلا عزاء، والآباء المكسورين بلا كلمة حق. كيف ينامون مرتاحي البال فيما آلاف العائلات تنتظر معرفة من أزهق نفوس أبنائها أو شرّدها؟ كيف يستطيع القاضي أو النائب أو الوزير أو من له علاقة بهذه الكارثة أن يتابع حياته بشكل عادي، فيما أمهات بيروت يقضين الليالي بالدموع والوجع، وبعض المصابين ما زالوا يئنون؟ كفى عرقلة للتحقيق، وصمتاً عن قول الحق، وخوفاً على المصالح".
ووقع وزير الثقافة غسان سلامة أمس، قرارا يقضي بإدراج إهراءات مرفأ بيروت على لائحة الجرد العام للأبنية التاريخية في لبنان، وذلك استجابة لطلب رسمي تقدم به أهالي الضحايا.
وأشار سلامة إلى أن إدراج الإهراءات ضمن الأبنيشة التاريخية يهدف إلى «حمايتها من أي قرار بالهدم، وتثبيت رمزيتها في الذاكرة الجماعية اللبنانية».
وبموجب هذا القرار، تصبح الإهراءات خاضعة للقوانين التي ترعى حماية التراث المعماري، ما يمنع أي تغيير أو إزالة من دون موافقة وزارة الثقافة، ويمنحها صفة «موقع ذي قيمة تاريخية ووطنية خاصة».