بمشاركة عدد من الأكاديميين والمهتمين بالشأن العام، أقام مركز "ن" مساء يوم الثلاثاء الواقع في 29
تموز 2025 في مركز طبارة في
بيروت ، ندوةً حوارية بعنوان: "التحولات الإقليمية والدولية: الواقع والمآلات"، وسط حضور نوعي ضمّ شخصيات فكرية ودينية وسياسية وناشطين من مدينة بيروت.
وشارك في الندوة كلّ من :الكاتب والباحث السياسي عامر جلّول، الباحث والمختص في الشؤون
الإيرانية الدكتور خالد الحاج، الناشط السياسي عبد الرحمن اسكندراني.
افتتح السيد عامر جلّول اللقاء بكلمة تعريفية حول مركز "ن"، مشيرًا إلى أنه مبادرة شبابية فكرية تهدف إلى سدّ الفراغ الفكري والسياسي الذي تعيشه مدينة بيروت.
ولفت إلى أن المركز سيعمل على تنظيم سلسلة من الندوات الفكرية والاستراتيجية من أجل رفع منسوب الوعي العام، في ظل الأحداث المتسارعة والانزلاقات الخطيرة التي تهدد الكيان المجتمعي والوطني.
ثم استهلّ الدكتور خالد الحاج مداخلته بعرض تحليلي لنتائج الحرب الإسرائيلية–الإيرانية الأخيرة، معتبرًا أن هذا الصراع ليس معزولًا، بل هو جزء من صراع عالمي أوسع بين
الولايات المتحدة الأميركية من جهة، والصين وروسيا من جهة أخرى، في سياق الصراع على طرق الطاقة والممرات البحرية والتوازنات الدولية.
وتناول الأستاذ عامر جلّول في مداخلته محور الهويات في خضم التحوّلات الجارية، معتبرًا أن الهوية الوطنية التقليدية فشلت في دمج الهويات الفرعية وصهرها ضمن مشروع جامع.
وأكد أن أزمة الهوية في المنطقة هي أزمة استعمارية مصطنعة، وليست وليدة السياق الشرقي الأصيل، حيث أن مفاهيم مثل "الأقليات" و"الأكثريات" هي مفاهيم دخيلة فُرضت إبّان الاستعمار، ولم تكن جزءًا من البنية الثقافية الشرقية.
ودعا جلّول إلى ضرورة إعادة التفكير في بديل هويّاتي جامع، ينقذ المجتمعات من هذه الأزمة المتفاقمة، مؤكدًا أن الهوية ليست ترفًا فكريًا، بل ضرورة أخلاقية وثقافية ملحّة.
من جهته ، شدّد الناشط عبد الرحمن اسكندراني على أن الفكر هو ضرورة في العمل السياسي، وهو مفتاح أي نهضة أو تفاعل حضاري. وتناول في مداخلته مفهوم الرُشد في القرآن
الكريم ، معتبرًا أن هذا الرشد يجب أن لا يبقى حبيس التجربة الفردية، بل أن يتحول إلى رشد جماعي يُترجم لاحقًا إلى رشد سياسي ومؤسساتي، أي إلى دولةٍ رشيدة وعادلة تُعبّر عن طموحات الشعوب وهوياتهم الحقيقية.
وقد اختُتمت الندوة بفتح باب
النقاش مع الحضور، حيث دار حوارٌ غنيّ وفعّال مع نخبة من الشخصيات الفكرية والدينية والسياسية في المدينة، وسط اهتمام واضح بمتابعة هذه المبادرة وتطويرها.