حرٌّ لاهب، جفاف قاسٍ، وأزمة اقتصادية خانقة. تحديات عديدة يرزح تحت وطأتها المزارع، الذي لا يزال يقاوم بصبر وعناد، متمسكًا بأرضه، يزرعها، ويكدّ ليؤمّن قوت يومه
على أمل أن تثمر جهوده ربحًا يعينه على الاستمرار.
البلاد تمرّ بواحدة من أشدّ موجات الجفاف، فقد جفّت الينابيع، نضبت الأنهار، وحتى الآبار الارتوازية لم تسلم من هذا الشحّ.
وزادت الحكومة من معاناة المزارعين بفرض ضريبة على المحروقات، قبل أن تتراجع عنها لاحقًا.
فكيف يواجه المزارع اللبناني هذه التحديات المتلاحقة؟
رئيس
الاتحاد الوطني للفلاحين اللبنانيين،
إبراهيم الترشيشي ، وفي حديث لـ"
لبنان 24 "، أكّد أن الجفاف الّذي تشهده البلاد أدى إلى تراجع كبير في كميات المياه المخصصة للري، ما أجبر المزارعين على تقليص المساحات المزروعة، خصوصًا في الموسم الثاني من البطاطا والخضروات، إذ لن تتجاوز هذه المساحات 25% ممّا كانت عليه في مثل هذا الوقت من السنوات الماضية.
فالمزارع الذي كان يزرع 100 دونم، بالكاد سيتمكن هذا العام من زراعة 25 دونمًا فقط.
وحذّر الترشيشي من أن استمرار شحّ المياه في السنوات المقبلة قد يؤدي إلى اندثار الزراعة المروية بالكامل، مشيرًا إلى أن الخيار الأنسب في هذه المرحلة هو التركيز على زراعة الأشجار المثمرة، والتخفيف من الزراعات التي تتطلب كميات كبيرة من المياه.
أما في ما يخص قرار رفع ضريبة المحروقات، فرأى الترشيشي أن التراجع عنه كان خطوة جيدة، لكن المزارعين تكبّدوا خسائر فعلية خلال فترة تطبيقه، حيث دفعوا 2 دولار إضافيًا عن كل تنكة مازوت لمدة 60 يومًا، واصفًا هذا الإجراء بأنه لم يكن عادلًا.
وطالب الدولة بتعويض المزارعين عن تلك الخسائر، مؤكدًا أن المزارع يبقى دائمًا في آخر سلّم أولويات الدولة، رغم كل ما يواجهه من أعباء.
وفي ما يتعلق بارتفاع أسعار
المنتجات الزراعية والتخوّف من انقطاعها، لفت الترشيشي إلى أن انخفاض الإنتاج هذا الموسم نتيجة تقلص المساحات المزروعة سيؤدي إلى تراجع المعروض وارتفاع الأسعار.
لكنّه طمأن إلى أن المنتجات ستظل متوفرة في الأسواق، وإن كانت بكلفة وأسعار جديدة تتماشى مع واقع الإنتاج، مشددًا على أن لا أزمة غذائية مرتقبة، بل تغيير في مستويات الأسعار.
وأشار إلى أن المزارعين خسروا هذا العام نحو نصف رأس مالهم، ما يزيد من صعوبة الاستمرار ويضع مستقبل القطاع الزراعي أمام تحديات خطيرة.
في الختام، يبقى المزارع الذي يُطالَب بمواصلة زراعة أرضه واقعًا بين تحديات عديدة تطرق بابه، ويتكبّد خسائر دون أي تعويض أو دعم من الحكومة والدولة ومؤسساتها. لكن، هل سيبقى هذا المزارع صامدًا؟