كانت لافتة انطلاقة عملية الإعمار في العديد من المناطق الجنوبية، لاسيما في
النبطية وصور. هناك، تبدو ورش الإعمار قائمة في أكثر من مكان، بينما هناك متاجر دُمّرت أعيد ترميمها وافتتاحها مُجدداً خلال الأشهر القليلة الماضية.
تقول مصادر اقتصادية لـ"
لبنان24 " إنَّ ما ساعد سكان الجنوب على إطلاق عجلة الإعمار هو وجود مقدّرات مالية واقتصادية لدى الكثير منهم، خصوصاً أن هناك شريحة واسعة من أبناء الجنوب يعدون من المغتربين والمتمولين.
وذكرت المصادر أن هناك ملايين الدولارات تُدفع حالياً على ورش
إعادة الإعمار والترميم، ما يساهم في تحريك العجلة الاقتصادية، مشيرة إلى أن هذا الأمر ينعكسُ تلقائياً على زيادة ملحوظة في التحويلات المالية للبلاد ما يُعدّ مؤشراً إيجابياً.
في المقابل، تقول المصادر إن هناك وجهة نظر أخرى مفادها أن عملية إعادة الإعمار متأثرة بالوضع الأمني، باعتبار أنّ هناك مخاوف من نشوب اضطرابات جديدة.
ووفقاً للمصادر، فإن الحركة التي برزت على صعيد عملية إعادة الإعمار الجزئية لم تنعكس على صعيد القطاع العقاري الذي ما زال مؤشره يشهد تراجعاً وسط حالة ركود كاملة يعيشها.
ووفقاً للمصادر، فإنّ تحويلات المغتربين، وإن ازدادت، إلا أنها لا تعوض الخسائر التي حصلت في مجالات أخرى.
ورش إعادة الإعمار وازدياد دخول الأعمال سجّل تحريكاً ملحوظاً لليد العاملة في مجالات البناء وغيرها بعد حالة من الركود، ما يؤدي إلى انتعاش أوساط اجتماعية أيضاً.
ويتزامن هذا الأمر مع تسجيل ميزان المدفوعات في
لبنان فائضاً في الأشهر الخمسة الأولى من العام 2025 بقيمة 8.14 مليار دولار مقارنة بفائض بلغ 3.24 مليار دولار في الفترة نفسها عام 2024.
ويعود سبب هذا الفائض بشكل أساسي إلى ارتفاع قيمة احتياطي
الذهب لمصرف لبنان، وفق ما كشف الخبير الاقتصاديّ والمالي الدكتور
نسيب غبريل لـ"لبنان24".
وأوضح غبريل أنّه "حينما يحقق ميزان المدفوعات فائضاً، فإن ذلك يعني تقنياً أن الأموال التي تتدفق إلى البلاد هي أكثر من الأموال التي تخرج منها".
ما يظهر اذن هو أن هناك حركة مالية ملحوظة داخل لبنان رغم الظروف الأمنية الدقيقة وبعد الحرب التي أدت إلى دمار واسع في الضاحية والمنطقة الحدودية الجنوبية والبقاع. وهنا، يُطرح السؤال الأساس: أين ستتركز مساهمة الدولة في إعادة الإعمار وهل ستشمل فقط الخط الحدودي؟ وماذا عن المناطق الداخلية الأخرى لاسيما في
جبل لبنان والشمال والتي طالتها نيران الحرب؟